تمر اليوم ذكرى رحيل المخرج المصري العالمي "يوسف شاهين" إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 27 يوليو 2008، بعدما ترك أرثًا كبيرًا في تاريخ الفن والسينما المصرية ورصيد من الأعمال السينمائية الرائعة المحفورة فى أذهان الجميع حتى الآن.
يظهر يوسف شاهين في أكثر من فيلم من أفلامه بالمناسبة فهو جائع شره للفن لا يكفيه الإخراج ولا التأليف ولا الموسيقى أحيانا، الآن صار يلعب بالفن وما أجمله من لعب، لا يلتزم في أفلامه بعد ذلك بالحكي المتواتر، بل يقوم بكثير من الفلاش باك، وللمونتاج وتعاقب المشاهد أو توازيها معان كبيرة في أفلامه، وذلك حسب ما جاء في كتاب "استراحة بين الكتب: كل هذا الحضور كل هذا الغياب" لإبراهيم عبد المجيد.
ويضيف الكاتب عن المخرج يوسف شاهين: يختصر الكثير من المعاني في زمن قليل جدًا مع متعة الصورة حتى بدا ذلك صعبا على الجمهور العادي لكنه لم يتخل عن الجمهور العادي في أفلامه مثل "بابا أمين" و"انت حبيبي" و"نساء بلا رجال" وغيرها، وفي فيلم كبير عن العقل في مواجهة الإرهاب مثل "المصير" الذي تدور أحدائه في الأندلس عن ابن رشد وأفكاره التنويرية يعتمد اللهجة العامية في مغامرة كبيرة ورسالة في الحرب مع التخلف الفكري لاستقطاب هذا الجمهور إلى العقل في مواجهة الإرهاب وما نشرته الوهابية من أفكار من قعر التاريخ.
لقد صار يوسف شاهين في قلب مدرسة المخرج المؤلف رغم أنه استعان ببعض المؤلفين غير للعاديين من نوع لطفي الخولي في فيلم " "العصفور" ويوسف إدريس في فيلم "الاختيار" وعبد الرحمن الشرقاوي في فيلم “الأرض" وغيرهم لكن الكل يعرف ان البصمة الأخيرة له هو.
السينما فن يتجاوز الزمن في الوقت الذي فيه تعالج قضايانا الصعبة لذلك يأتي فيلم "الأرض" في موعد رهيب في تاريخ السينما والوطن، يأتي بعد هزيمة 1967 فيبدو المشهد الأخير وهو من المشاهد الخالدة في تاريخ السينما، وأظن أنه أخذ مكانه في تاريخ السينما في العالم، ومحمود المليجي يمسك بالأرض بأظافره وجنود الهجانة يسحلونه على الأرض ليخرجوه منها، إنها ليست أرض زراعية يتمسك بها أصحابها أمام اللصوص أصحاب النفوذ، لكنها أرض مصر لن يفرط فيها المصريون أبذا رغم هزيمة 1967.
وهكذا يبدو أن يوسف شاهين قد اخترق كل قضايانا الاجتماعية والوطنية، ويأتي الوقت لتتسع الرؤية للعالم، ولم يكن غير مدينته الإسكندرية فيقدمها في أربعة أفلام فيها سيرته أيضًا لكنها سيرة المدينة في قلب العالم والعالم في قلب المدينة، أفلام "إسكندرية ليه" و"حدوتة مصرية" و"إسكندرية كمان وكمان"؛ وأخيرا "إسكندرية نيويورك".
عندما تعرف أنه حين عرض عليه يومًا في فرنسا أن يُخرج مسرحية في الكوميدي فرانسيز اختار مسرحية "كاليجولا" لألبير كامي فتعرف مفتاح هذا العظيم فهو يريد أن يأتي بالقمر ويحقق الخلود.
إذن يوسف شاهين أكبر من كل الأفكار الاجتماعية والسياسية التي قدمها في أفلامه، ومن ثم تأتي خطوة أخرى فينتصر للعقل وسط توحش الجماعات الإسلامية بفيلم "المصير" كما أوضحت من قبل، وينتصر للبشرية بفيلمين مثل "المهاجر" و"الآخر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة