سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 يوليو 1961.. صلاح جاهين يقدم الشاعر سيد حجاب بمجلة صباح الخير: أحببته من أول شطرة وسيعيش طويلا فى حياتنا المقبلة وسيكون له شأن عظيم

السبت، 27 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 يوليو 1961.. صلاح جاهين يقدم الشاعر سيد حجاب بمجلة صباح الخير: أحببته من أول شطرة وسيعيش طويلا فى حياتنا المقبلة وسيكون له شأن عظيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

اصطحب الشاعر فؤاد قاعود، الشاعر سيد حجاب ليقدمه إلى الشاعر صلاح جاهين بمجلة صباح الخير، كان جاهين من كتيبة المبدعين بالمجلة، وملء السمع والبصر فى الحياة الثقافية والفنية، بينما يسعى «قاعود» و«حجاب» إلى تثبيت أقدامهما فى دنيا الإبداع كشاعرين، وكان لجاهين الفضل فى ذلك.

لم ينس «حجاب» ما جرى فى هذا اللقاء، ويتذكر الحالة التى كان عليها «جاهين»، قائلا فى حوار للكاتبة الصحفية أمل سرور، فى «المصرى اليوم، 16 أغسطس 2010»، أن جاهين كان يقرأ قصيدة «مصرع لومومبا» للشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، على الملحن «سليمان جميل»، وكان صلاح يقرأ القصيدة ويشرحها ويوضح إيقاعاتها وتقسيماتها ليخرج لحنا رائعا، أخذنا لحظة فى دخولنا وألقينا التحية فى صمت حتى ينتهى جاهين وجميل من العزف على البيانو، وبعد قليل طلبا استراحة، فقدمنى فؤاد قاعود لـ«جاهين» وكان أول ما قال لى: «سمعنا يا سيدى».


يصف «حجاب» لحالة «جاهين» أثناء سماعه، قائلا: «كان متجهما وصامتا ومتكورا على نفسه، ولا توجد أى ملامح مطمئنة، كنت مرتبكا بالطبع وأنا ألقى الشعر، ويطلب بإشارة من يده قصيدة أخرى دون أن يغير وضعه فألقيتها بارتباك أكثر وبخوف من ردة فعله المجهولة، فهو لا سعيد ولا حزين لا راض ولا غير راض، فقط يشير بيده وهو فى نفس الوضعية المتكورة ويطلب منى قصيدة ثالثة دون أن تتغير أى تفصيلة من تفاصيل تكوينه أو ملامح وجهه، فألقى بثالثة وأنا فاقد لأعصابى وفى قمة توترى، وما إن انتهيت من إلقاء القصيدة الأخيرة حتى تفككت هذه الكرة البشرية لتقفز فى الهواء وتحتضن فؤاد قاعود، ليقول وهو فى غاية السعادة له: «كده بقينا كتير يا فؤاد».


يفسر «حجاب» معنى كلمة جاهين: «كان بسبب عدم وجود الشعر العامى على الساحة إلا من صوت جاهين «اللى ما صدق وقابل قاعود» ثم غمرته فرحة شيخ القبيلة الذى وجد بين أبناء قبيلته شاعرا»، يضيف «حجاب»: «جاهين لمنا حواليه»، وافتتح باب «شاعر جديد» فى مجلة «صباح الخير» ليقدم فيه فؤاد قاعود الذى بدأ يكتب بعدها فى «روزاليوسف»، وبعدها بأشهر قليلة يقوم بتقديمى تقديما مليئا بالحنو والأبوة واستشراق النظرة والأمل».


كان تقديم «جاهين»، لحجاب بمجلة «صباح الخير» عدد 290، فى 27 يوليو، مثل هذا اليوم، 1961، ونشر فيه قصيدة «ابن بحر»، ويذكر الكاتب إبراهيم خطاب نص التقديم فى كتابه «سيد حجاب صياد الحواديت»، قائلا: «عندما أبحث عن كلمات أقدم بها هذا الشاعر الجديد، لا تلبينى إلا الكلمات العاطفية، ولو كان هناك حب من اللحظة الأولى، أكون أنا قد أحببت هذا الشاعر من أول شطرة، اسمه سيد حجاب، تذكروا هذا الاسم فإنه سيعيش طويلا فى حياتنا المقبلة وسيكون له شأن عظيم، هو طالب بكلية الهندسة بجامعة القاهرة لم يتم بعد عامه الواحد والعشرين ولكنه بلغ سن الرشد الأدبى بسرعة، انظروا ماذا يقول لى فى خطابه الأخير عن مدينته ببحيرة المنزلة:


إننى بصدد كتابة قصيدة طويلة عن حسن طوبار البطل الذى أشعل ثورة فى وجه الفرنسيين قبل ثورة القاهرة بشهرين، وأرعب الجنرال داماس، ثم انهزم قبل اشتعال ثورة أكتوبر القاهرية بنحو أسبوعين، لهذا تجدنى أعيش مع الجد العزيز «الجبرتى» لتشرب روحى جو هذا العصر المملوكى، ثم أتملص من الجبرتى لأغرق مع الدوريات التى كانت تصدرها مديرية الدقهلية وبها نبذات عن بطلنا، ثم أكلف بعض أصدقائى بجمع أى حدوتة عنه، وسأسافر بعد يومين تقريبا إلى مسقط رأسه «المنزلة» لأجمع بنفسى ما يمكن جمعه عنه، والمهم بعد كل هذا أننى لن ألتزم بحرفية التاريخ ولا بحرفية الواقع، وربما لا بحرفية الحواديت عنه، سأتخير من كل هذا ما يمكن أن يخدم وجهة نظرى، وسأسقط على هذا البطل المنهزم كل ما أفتقده فى البطل، وسأضمه واقعنا إلى حد كبير، كل هذا فى صياغة شعبية دارجة، بمعنى أننى سأجر عربة ثقافتى وراء ظهرى ولن أدفعها أمامى».


يكشف «جاهين» إعجابه بـ«حجاب»، برفضه لمطلبه بإصلاح فى قصيدة «ابن بحر»، وعلق قائلا: «إن سيد حجاب الشاعر الجديد الذى أتحدث عنه أرسل إلىّ ضمن رسائله ليقول لى «إننى لم أصلح من قصيدة ابن بحر بالشكل الذى اقترحته علىَّ»، وناقشت هذه القصيدة معه وأشفقت عليه من الجو المعتم الذى يختمها به وأحسست به يخوض تجربة نفسية مرهقة، ولكن كم كانت فرحتى عندما كتب لى سيد حجاب فى حزم أنه لن يغير النهاية، إننى أعجب بهذا العناد وأعتبره عاملا آخر من العوامل التى ستجعل من هذا الشاعر الجديد، شاعرا عظيما، يكتب إحساساته بلغة الشعب، اللغة التى تحمل كل آلامنا الماضية وآمالنا المقبلة، الشاعر الذى يحمل فى شجاعة مسؤولية الكلمة».










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة