دوماً ما شهدت رحلة الحموات في السينما والدراما المصرية تطورات كبيرة ومراحل مختلفة عكست فيها الواقع الاجتماعى لفترات، استناداً لشعار السينما مرآة المجتمع، وهو ما تكرر في الدراما أيضاً، في حين كان دور الحماة بأعمال أخرى تُضاف عليها لمسة خاصة من جانب القائمين على العمل، إما لاستغلال دورها في إثارة أكبر بالأعمال عبر مظلومية الزوجة من جانب أهل زوجها بقيادة والدته، أو حتى بإضفاء لمسات كوميدية تضفى على العمل بواسطة إفيهات مميزة.
وخلال السطور التالية نتعرض إلى مراحل تطور دور الحموات في السينما والدراما المصرية منذ أفلام الأبيض والأسود وحتى الآن، والبداية من أشهر حماة في تاريخ السينما المصرية الفنانة ماري منيب التي اشتهرت بهذا الدور عقب أفلام عديدة لعبت فيها الدور باقتدار شديد خلال فترة الخمسينات بالتحديد مثل (حماتي قنبلة ذرية)، و(الحموات الفاتنات).
ماري منيب .. الحما المتسلطة على الزوجة بفترة الخمسينات
مارى منيب اشتهرت بدور الحما المتسلطة التي لا ترضى بأى شكل عن زوجة ابنها وتسعى طوال الوقت لإيقاعها في شر أعمالها والوسوسة في أذن ابنها دائماً لتحريضه على زوجته وإن وصل الأمر للانفصال معتبرة ذلك أمرا طبيعيا عبر إفيهات وطريقة في التقديم أكسبت أدوارها كوميديا محملة بإفيهات مثل: "الخناقات دى الفلفل والشطة بتاع الجواز"، "طوبة على طوبة خلّي العركة منصوبة"، و"مدوباهم اتنين".
نعيمة الصغير .. الحما التي تضغط على زوج الابنة لحد الانفصال
أيضاً بجانب ماري منيب اشتهرت ممثلات في دور الحماة، مثل ميمي شكيب، ولكن بصورة أخرى تألقت فيها بلعب الحماة الأرستقراطية بنت الذوات، في حين لعبت دور علوية جميلة شخصية الحماة القوية وأم الزوج الصلبة للغاية، امتدت لفترة الستينات وبداية السبعينات حتى أتت مرحلة أخرى مع شخصية ما زالت ضمن أشهر من قدمن دور الحماة في السينما المصرية مع الممثلة الراحلة نعيمة الصغير التي قدمت دور الحماة باقتدار، ولعل أبرز فيلم اشتهرت به هو فيلمها مع الثنائى محمود عبد العزيز ومعالي زايد بفيلم الشقة من حق الزوجة حينما لعبت شخصية الحماة التي كانت سبباً رئيسياً في طلاق ابنتها عن زوجها بطلباتها الكثيرة وإلحاحها الدائم على الزوج لقضاء كل طلبات العائلة إلى جانب إصرارها الدائم على أن تجعل ابنتها في صراع مع زوجها بتسخيره لها وعدم الاهتمام لمشاكله ومعاناته في حياته خاصة مع كرهها للزوج لرفضها زواج ابنته منها في البداية.
نعيمة الصغير وقعت في مواقف عديدة مع الراحل محمود عبد العزيز في الفيلم بمشاهد مميزة ما زالت حتى الآن محل اهتمام وتدوال من جانب رواد السوشيال ميديا وبشكل خاص حينما وقفت مع ابنتها ودعمتها لطلب الطلاق ثم عدم ترك الشقة للزوج بالعيش معها ومحاولة تنغيص حياته عليه، الأمر التي عكسته مشاهد راسخة للأذهان مثل مشهد الغسالة وإلقاء عليها الملابس في وجهها.
كريمة مختار .. الطيبة لأقصى درجة وتدخلات لا تسبب أزمات
أيضاً من أبرز الفنانات اللاتي تألقن بدور الحما الفنانة الكبيرة الراحلة كريمة مختار، فمثلما كانت تلعب دور الأم بمنتهى الحنان والطيبة كانت حماة لا تقل طيبة مع أزواج بناتها، وهو ما حصل في فيلم الحفيد وفيلم يا رب ولد، الأمر الذى غفر تدخلاتها.
بعد ذلك وخلال فترة الألفية الجديدة بدأت أدوار الحماوات تتخذ مساراً آخر أكثر كوميديا وبات بعيد عن المشاكل مع زوجة الابن، إذ صارت الحما أقرب لدور صديقة زوجة الابن وتقف في صفها ضد الإبن إن لزم الأمر، إلا أن الدراما كانت تشهد مساراً آخر بأعمال فيها ما وافق وجهة نظر تطور دور الحماة في السينما أو أعمالا أخرى ظهرت فيها الحماة بأشكال أخرى مثلما ظهر مع الشخصية الأبرز ربما بتاريخ الدراما وهي الفنانة الكبيرة هدى سلطان بمسلسل الوتد.
فاطمة تعلبة..الحما التي أعجب بها الملايين رغم قوتها وإدارتها البيت الريفى باقتدار
تعد الفنانة هدى سلطان من أهم الممثلات اللاتي قدمن دور الحماة، ولعل أبرز دور لها هو فاطمة تعلبة في مسلسل الوتد، ورغم القوة الشديدة التي تمتعت بها في رائعة الكاتب خيري شلبى فلا صوت يعلو عليها أو حتى يقترب منها، وكل من في البيت بمن فيهم أبناؤها الرجال يقولون لها سمعاً وطاعة، وهو ما ظهر جلياً طوال حلقات المسلسل في منزل ريفى تديره امرأة بقوة شديدة فجعلت أبناءها يضاهون العمدة في قوتهم ولا يرضخون لأحد ويُعرفون في كافة البلدان المجاورة بأبناء فاطمة تعلبة.
ورغم القوة الشديدة لها في وجه زوجات أبنائها إلا أنها حققت معادلة عجيبة ممثلة في أن مشاهدي المسلسل أعجبوا بها بصورة كبيرة ولا يزال العمل يحصد مشاهدات كبيرة وثناء على شخصيتها ودورها وعدم انتقادها بحجة تسلطها على زوجات أبنائها، بل على العكس رأى المشاهد في ذلك الجانب الإيجابي الممثل في قدرتها على تطوير منزلها الريفى وكأنها ملكة وضعت القوانين لإدارة كل مناحي الحياة به حتى يصبح الأقوى في البلدة.
نفيسة هانم في ليالى الحلمية
ورغم الدور القوي التي لعبته هدى سلطان خلال أحداث العمل إلا أنها سبق أن قدمت دور حماة مغاير تماماً في مسلسل ليالى الحلمية بدور أم يحيي الفخراني وحماة زوجاته الاثنين، بدور نفيسة هانم التي أحياناً ما تقع في أزمات مع صفية العمري إلا أنها تتخطاها برقى الهوانم ومعاملات في قالب وزمن مختلف، مع اهتمام الابن سليم بها بصورة كبيرة وعدم مراجعتها في أي أمر، فكلامها نافذ على الجميع رغم هدوئها في أي طلب فيكفى أن تبين عن انزعاجها تجاه أي شيء في المنزل حتى يتحول مباشرة من في المنزل لعودة الأمور لمسارها التي ترضى عنه.
ومع تحول السنين تطورت علاقة الحماة بزوجة الابن بصورة كبيرة، خاصة بحسب البيئة التي يتطرق لها العمل الدرامى، وهو ما ظهر جلياً في مسلسل مثل كامل العديد بجزأيه، إذ أبرز الحماوات بصورة مختلفة تماماً مثلما حصل مع ميمي جمال التي تحب زوجة ابنها دينا الشربينى بصورة كبيرة، وهو ما يستمر لبعد وفاة ابنها وزواج الأخيرة من شريف سلامة حتى يصل الأمر لمحاولاتها في إصلاح أي أزمة تحصل بينهما بمشهد لا يتكرر كثيراً، وظهر بصورة مغايرة في المسلسل مع حالة القرب الشديد لهما معاً ومحبة الأحفاد لها، مما يجعلها تعيش معهم بفترات طويلة رغم وفاة ابنها.
مسلسل أبو العروسة وعلاقة سوسن بدر وصفاء الطوخي
يعد مسلسل أبو العروسة أحد أهم المسلسلات وأنجحها بتاريخ الدراما المصرية في الآونة الأخيرة خاصة الاجتماعية، وقد أظهر شكل الحماة وعلاقتها بصورة ملائمة للواقع بصورة كبيرة، بداية من مناوشات وعدم ارتياح بين سوسن بدر والدة العروسة ولاء الشريف مع نظيرتها صفاء الطوخي التي لعبت دور والدة محمود حجازي، إلا أن الأمر لم يلبث أن ذاب مع الأيام حتى صارتا معاً أشبه بالأشقاء وسندا لبعضهما في كل الأزمات، مما انعكس على بيت ابنيهما وسط تصديهما للمشاكل التي تواجههما ومحاولة حلها دائماً.
هالة صدقى في جعفر العمدة
أحد أنجح المسلسلات التي حققت نجاحاً كبيراً، وكالعادة مفارقة كبيرة مع تحقيق دور هالة صدقى نجاحاً كبيراً بفضل إفيهاتها وتميزها الكبير في لعب الدور رغم تسلطها الشديد وقوتها في إدارة المنزل، فلا تجرؤ زوجة من زوجات ابنها في منازعتها أي أمر، نظراً لمكانتها الشديدة عند ابنها.