أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً سلط من خلاله الضوء على الطاقة الشمسية ودورها في التحول نحو الطاقة المستدامة، كما تناول أهم الأسواق العالمية في مجال الطاقة الكهروضوئية، وأهم مقومات مصر في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، والجهود المصرية نحو توطين صناعة الألواح الشمسية.
وأوضح التحليل أن الطاقة الشمسية تُعَد الأكثر وفرة من بين جميع مصادر الطاقة، ولها دور محوري في التحول نحو الطاقة المتجددة، ومكافحة التغير المناخي، وقد شهدت الطاقة الشمسية في مصر نموًّا ملحوظًا في السنوات الأخيرة مدفوعًا بارتفاع الطلب على الطاقة النظيفة، وتحقيق رؤية مصر 2030 للتحول نحو الطاقة المتجددة، ودعم الدولة المصرية للمشروعات الخضراء؛ حيث وضعت الدولة خطة طموحة لزيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية إلى 1.9 جيجاوات، بعدما تمكَّنت من زيادة حجم قطاع الطاقة المتجددة بنحو 7 أضعاف.
تناول تحليل المركز في بدايته صناعة أنظمة الطاقة الشمسية؛ حيث أوضح أن الخلايا الشمسية (الخلايا الكهروضوئية) تُعد هي المُكون الرئيس لألواح الطاقة الشمسية؛ إذ تُحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية، عن طريق التأثير الفوتو ضوئي، بحيث تُصنع الخلية من مواد شِبه مُوصلة، مما يُكسبها خصائص كهربائية عند تعرُّضها إلى الضوء، مثل: التيار الكهربائي، والمقاومة، والجهد، ويجب أن تكون الخلية الشمسية أيضًا قادرة على امتصاص الضوء، وإنتاج الإلكترونات، وتتراوح الأعمار الافتراضية للخلايا الشمسية على اختلاف أنواعها ما بين (10 - 30 سنة).
وتُصنع الخلايا الشمسية بشكل عام من مواد شبه موصلة، على سبيل المثال: السيليكون البلوري الذي يستخرج من معالجة الرمال، ويُشكل إنتاج السيليكون ما يقرب من 90% من صناعة الخلايا الشمسية.
وتناول مركز المعلومات خلال التحليل أسواق الطاقة الكهروضوئية العالمية، مشيراً أنه وفقًا لتقرير حديث صادر عن الوكالة الدولية للطاقة في أبريل الماضي، بشأن هذه الأسواق خلال عام 2024، فإن القدرة التراكمية العالمية للطاقة الكهروضوئية شهدت نموًّا؛ لتصل إلى 1.6 تيراوات في عام 2023، مقارنةً بـ 1.2 تيراوات في عام 2022، مع استخدام 446 جيجاوات من الأنظمة الكهروضوئية في عام 2023 ارتفاعًا من 407.3 جيجاوات.
وأشار التحليل إلى أن الطاقة الكهروضوئية أدت دورًا مهمًّا في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الكهرباء في عام 2023، مع تركيب أكثر من 75% من القدرات المتجددة الجديدة في عام 2023، ونحو 60% من التوليد من القدرات المتجددة الجديدة.
وأضاف التحليل أن الصين استحوذت على النصيب الأكبر من القدرة التراكمية للطاقة الكهروضوئية بنسبة 43% من إجمالي القدرات التراكمية للطاقة الكهروضوئية على مستوى العالم خلال عام 2023، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 19%، ثم أوروبا بنسبة 18%، والأمريكتان بنسبة 15%.
أما فيما يتعلق بكبرى الدول في توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية على مستوى العالم، فقد جاءت الصين كأعلى الدول في إنتاج الطاقة الشمسية بنحو (584.2 تيراوات/ساعة) خلال عام 2023، تليها الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتسجل نحو (238.1 تيراوات/ ساعة)، ثم الهند (113.4 تيراوات/ساعة)، واليابان (109.4 تيراوات/ساعة).
وسلط مركز المعلومات الضوء على التقرير الصادر حديثاً عن الوكالة الدولية للطاقة في يونيو 2024 والذي يتناول الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة؛ حيث من المتوقع أن يتجاوز الاستثمار العالمي في الطاقة 3 تريليونات دولار أمريكي لأول مرة في عام 2024، منها تريليونا دولار أمريكي مخصصان لتقنيات الطاقة النظيفة والبنية التحتية. هذا وقد تسارع الاستثمار في الطاقة النظيفة منذ عام 2020، وأصبح الإنفاق على الطاقة المتجددة الآن أعلى من إجمالي الإنفاق على النفط والغاز والفحم.
وأشار التحليل إلى انخفاض تكاليف الألواح الشمسية بنسبة 30% على مدى العامين الماضيين، كما انخفضت بشكل حاد أسعار المعادن الضرورية لتحولات الطاقة، وخاصة المعادن اللازمة للبطاريات.
هذا، وقد حذَّر تقرير الوكالة الدولية للطاقة من استمرار اختلال تدفقات الاستثمار في الطاقة، وخاصةً عدم كفاية استثمارات الطاقة النظيفة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية خارج الصين، على الرغم من ذلك هناك علامات أولية على انتعاش هذه الاستثمارات؛ حيث من المتوقع أن تقترب استثمارات الطاقة النظيفة من 320 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة أكثر من 50% منذ عام 2020.
وأشار التحليل إلى أنه من المتوقع في عام 2024، أن تظل حصة الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية خارج الصين عند نحو 15% من الإجمالي، وهذا -سواء من حيث الحجم أو الحصة- أقل بكثير من المطلوب لضمان الوصول الكامل إلى الطاقة الحديثة، وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة بطريقة مستدامة.
ومن المتوقع أيضًا أن تتجاوز استثمارات قطاع الطاقة في تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية 500 مليار دولار أمريكي في عام 2024؛ لتتجاوز جميع مصادر التوليد الأخرى مجتمعة، وعلى الرغم من أن النمو قد يتراجع قليلًا في عام 2024 بسبب انخفاض أسعار الوحدات الكهروضوئية، فإن الطاقة الشمسية تظل محورية في تحول قطاع الطاقة.
وأوضح التحليل أن مصر تتمتع بمقومات طبيعية وجغرافية واقتصادية هائلة تجعلها وجهة مثالية لتصبح مركزًا إقليميًّا وعالميًّا لإنتاج الطاقة الشمسية.
وقد استعرض التحليل أهم تلك المقومات:
1- الموارد الطبيعية: تتمتع مصر بإمكانات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، ومن المتوقع تعظيم الاستفادة من الجغرافيا الطبيعية وإمكانات الطاقة الشمسية المحلية، هذا بالإضافة إلى توافر خام السيليكون الذي يدخل في صناعة الألواح الشمسية.
2- الموقع الجغرافي: تتمتع مصر بموقع استراتيجي متميز يُسهم في جعل مصر مركزًا رئيسًا بين حركة التجارة العالمية.
3- المناخ: تُعد مصر إحدى المناطق الواقعة في المنطقة الوسطى للحزام الشمسي في العالم؛ مما يجعلها أكثر الدول العالمية التي تستغل الطاقة الشمسية.
4- تشجيع القطاع الخاص: تدعم الدولة شركات القطاع الخاص في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة؛ لتمكينها من الدخول بشكل قوي في مجال إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، وذلك من خلال إدارته وتشغيله.
5- عمالة ماهرة ومُدربة: تتمثل تنافسية مصر في مجال الموارد البشرية في قدرتها على توفير عمالة ماهرة ومدُربة في مجال تصنيع وإنتاج الطاقة الشمسية، وتعتبر مصر بمثابة المصدر الإقليمي الرئيس للعمالة الماهرة في العديد من القطاعات، ومنها قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصةً في ظل تبني الدولة برامج وطنية لإعداد وتدريب العمالة الماهرة.
6- بنية تحتية متطورة وحديثة: فهناك العديد من المقومات في مجال البنية التحتية في مصر؛ حيث حققت مصر إنجازات غير مسبوقة في مجال مشروعات البنية التحتية التي أسهمت في تعزيز دورها الإقليمي والدولي، وجعلها واحدة من أهم الدول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
وأوضح التحليل أنه في إطار اهتمام الدولة المصرية بالمشروعات القومية، وعلى رأسها مشروعات الطاقة المتجددة، فقد تبنت الدولة استراتيجية تنموية متكاملة ومستدامة حتى عام 2035 لدعم قدرات قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، وتنفيذ تعهدها بالوصول إلى نسبة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول عام 2030 بدلًا من 2035، مقارنةً بنحو 20% عام 2022، كما تُمثل الطاقة الشمسية بنسبة 2% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة عام 2022، في حين يستهدف وصولها إلى 26% عام 2035.
وقد أبرز التحليل أهم المشروعات الكبرى لتوطين صناعة الألواح الشمسية:
-مشروع مجمع إنتاج السيليكون بمدينة العلمين الجديدة: يضم 4 مراحل؛ حيث تم الانتهاء من إعداد دراسة الجدوى التفصيلية للمرحلة الأولى، والتي تستهدف إنتاج السيليكون المعدني بطاقة إنتاجية 45 ألف طن سنويًّا، وبتكلفة استثمارية تُقدر بنحو 172 مليون دولار أمريكي، اعتمادًا على خام الكوارتز المصري فائق النقاء، بدلًا من تصديره خامًا للخارج. وتتضمن المرحلة الثانية من المشروع، إنتاج مشتقات السيليكون الوسيطة التي تدخل في صناعات المواد العازلة، والتشييد والبناء، والمطاط، والاستخدامات الطبية، وغيرها، أما المرحلة الثالثة من المشروع فتهدف إلى إقامة مصنع لإنتاج البولي سيليكون، الذي يدخل في صناعة الخلايا الشمسية والإلكترونيات، بطاقة إنتاجية قدرها نحو 10 آلاف طن سنويًّا.
-إطلاق منصة مصر للطاقة الشمسية: تم إطلاق منصة مصر للطاقة الشمسية خلال العام الحالي، بهدف ميكنة وتيسير إجراءات تركيب المحطات الشمسية الصغيرة، ويتم من خلال المنصة التعرف على متابعة تركيب "محطات طاقة شمسية" للمواطنين أفرادًا وشركات، وربطها على شبكة الكهرباء القومية عن طريق شركات التوزيع المختلفة. وتم إنشاء المنصة بالتعاون بين هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة القابضة لكهرباء مصر، ومشروع نظم الخلايا الصغيرة والمتوسطة التابع لمركز تحديث الصناعة، وجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك.
-مشروع إنتاج الطاقة الشمسية بمنطقة "كوم أمبو" التابعة لشركة "أكوا باور": تبلغ قدرة المشروع نحو 200 ميجاوات من الطاقة النظيفة التي تُسهم في انخفاض ثاني أكسيد الكربون بنحو 280 ألف طن سنويًّا، ويلبي المشروع احتياجات نحو 130 ألف وحدة سكنية، فضلًا عن أن المشروع يحتوي على أحدث التكنولوجيات من الألواح الشمسية، بالإضافة إلى 952 عاكسًا كهربائيًّا على مساحة 4.8 كيلومترات مربعة.
-مجمع بنبان في أسوان: يعتبر مجمع بنبان في أسوان أكبر تجمع لمحطات الطاقة الشمسية في إفريقيا والشرق الأوسط؛ حيث يهدف المشروع إلى التوسع في إنتاج الطاقة النظيفة المنتجة، وكذلك توفير فرص عمل للشباب، فضلًا عن مساهمته في تنوع مصادر الطاقة الكهربائية للمواطنين، بالإضافة إلى خفض 2 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويًّا، ويضم المشروع 32 محطة شمسية لتوليد الكهرباء بقدرة إنتاجية تصل إلى 1.47 ألف ميجاوات.
-موافقة مجلس الوزراء على العرض المُقدَّم من شركة "أميا باور"، إحدى شركات مجموعة النويس الإماراتية للاستثمار؛ لتنفيذ مشروعات إضافية من الطاقات المتجددة، ويصل إجمالي القدرات المخطط إضافتها من مشروعات شركة "أميا باور" قبل صيف 2025 إلى 2000 ميجاوات شاملة نظام التخزين بالبطاريات.
وأوضح التحليل في ختامه أن مصر تمتلك إمكانات هائلة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية بفضل هذه المقومات الواعدة؛ لتصبح رائدة إقليميًّا وعالميًّا في إنتاج الطاقة الشمسية، فضلًا عن استهداف استراتيجية الدولة المصرية لزيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، وتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية، واستغلال الموارد الطبيعية، وخاصةً مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة. وهو ما يؤكد أن مجالات توطين صناعة الألواح الشمسية في مصر مجال واعد خلال السنوات القادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة