اشتعلت قضية القتل الرحيم فى العالم من جديد بعد اقتراب استخدام القتل الرحيم لأول مرة بحلول نهاية 2024، بالإضافة إلى وصول مناقشة تقنينه إلى البرلمان الفرنسى، واقتراب تشيلى من مناقشته فى الكونجرس، بالإضافة إلى المعارك القضائية التى أصبحت منتشرة فى عدد من الدول والتى تفوز فى النهاية للمساعدة على موت المرضى الذين يعانون من أمراض ليس لها علاج.
سويسرا
وفى سويسرا، من المقرر أن يتم استخدام كبسولة "ساركو الانتحارية" لأول مرة فى نهاية عام 2024، وقد أثارت أداة القتل الرحيم المبتكرة هذه جدلا دوليا مكثفا حول أخلاقياتها وفعاليتها، وخاصة بسبب عدم إجراء اختبارات على الحيوانات، حسبما قالت صحيفة الباييس الإسبانية.
وشارك المدير التنفيذى لمنظمة "الملاذ الأخير" المؤيدة للقتل الرحيم، فلوريان ويليت، الأخبار التى تفيد بأن سويسرا قريبة جدًا من تنفيذ كبسولتها الانتحارية المحمولة لأول مرة.
وفقًا لويليت، فإن العدد المتزايد من طلبات استخدام ساركو Sarco يجعل من المحتمل جدًا تنفيذ هذا الشكل المبتكر من الموت الرحيم قريبًا، ووصف ويليت الكبسولة بأنها "طريقة جميلة" للموت، وهو تعليق أثار مخاوف الجمهور.
وتسمح كبسولة ساركو، التى ستظهر لأول مرة فى سويسرا فى نهاية عام 2024، للمستخدمين باختيار القتل الرحيم بسهولة عن طريق الضغط على زر بعد التقييم النفسى، ورغم أن ويليت يصف العملية بأنها سلمية وجميلة، إلا أن الجهاز لم يتم اختباره على الحيوانات ويواجه انتقادات بشأن فعاليته وأخلاقياته، واحتدم الجدل أكثر بعد الحالة الأخيرة فى الولايات المتحدة، حيث أدى الاختناق بالنيتروجين إلى معاناة طويلة الأمد.
فرنسا وتشيلى
وصل مشروع قانون "الموت الرحيم " إلى الجمعية الوطنية فى فرنسا ، بهدف فتح إمكانية المساعدة فى الموت فى حالة بعض المرضى، بالإضافة إلى أن رئيس تشيلى، جابرييل بوريك وأعلن أنه سيستخدم صلاحياته الخاصة لإضفاء طابع عاجل على مناقشة مشروع تشريع القتل الرحيم فى الكونجرس الوطنى.
وأشارت صحيفة لابانجورديا الإسبانية إلى أن التغييرات التى أدخلتها اللجنة تثير مخاوف الحكومة حول "فقدان التوازن" المحتمل للنص، ولإتاحة الوقت للمناقشات، التى ستجمع بين الجوانب الفنية الطبية وقضايا الحياة القانونية والحميمة، حدد البرلمان أسبوعين من المناقشات للقراءة الأولى لمشروع القانون، وتستمر دراسة النص حتى عام 2025، وأكدت أنه لابد من حماية المرضى والأطباء الذين يتعين عليهم اتخاذ هذا القرار أن النص يحتاج إلى توازن كبير.
وقال رئيس الجمعية يائيل براون بيفيت : "هناك خلاف ناشئ بين الحكومة والبرلمان"، مشددًا على أن البرلمان "ليس مجرد غرفة تسجيل".
أما فى تشيلى، فقال الرئيس خلال خطابه السنوى حول الحساب العام فى مبنى الكونجرس: "سأقوم بإلحاح وتعزيز مشروع القتل الرحيم، المعروض حاليًا فى مجلس الشيوخ، لأن الموافقة على هذا القانون هى عمل من أعمال التعاطف والمسؤولية والاحترام".
وأوضح بوريك أنه التقى بشابة تدعى سوزانا تعانى من ضمور العضلات، وكتبت له رسالة تخبره فيها عن الألم اليومى الذى تعانيه بسبب ذلك المرض، مضيفا "لقد كتبت لى موضحة ما تعانيه من ألم جسدى فظيع، وأن هذا لا يسمح لها بالحصول على حياة كريمة، وطلبت منى أن أسمح لها بالمساعدة على الموت، سوزانا، ما تطلبه منى ليس ضمن صلاحياتى، ولكن فى حدود صلاحياتى.
وأضاف: "باسمك وأسماء كثيرين آخرين، أدعو الكونجرس إلى عدم تجنب هذه المناقشة".
فى تشيلى، يعتبر القتل الرحيم غير قانونى، ولكن هناك محاولات لإصدار تشريعات حول هذا الموضوع منذ أكثر من عشر سنوات، وتم تقديم مشاريع قوانين لم يتم تطويرها.
إسبانيا
اجتمعت وزارة الصحة مع مناطق الحكم الذاتى للاتفاق على إصلاح دليل الممارسات الجيدة للقتل الرحيم ليشمل المرض العقلى، وذلك بعد أن طلبه مرضى الاختلال العقلى , وتشير مسودة القانون الأساسى لتنظيم القتل الرحيم (LORE) إلى أن القتل الرحيم "لا يستبعد المرض العقلى، مما يسمح للأشخاص الذين يعانون من معاناة لا تطاق بسبب وجود مرض عقلى بطلب المساعدة فى إعانة الموت (PAM) على قدم المساواة"، مع أولئك الذين تأتى معاناتهم من مرض جسدى.
وعلى نحو مماثل، سيتم استبعاد هؤلاء الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض خفيفة أو متوسطة من الاكتئاب أو القلق، لأن هذه الحالات عرضة للعلاج والتحسن، مما يستبعدهم من الوصول إلى برنامج PAM".
ويشكك المرض العقلى بشكل جدى فى قدرة المرضى المصابين على اتخاذ قرارات حرة ومسؤولة فى ممارسة استقلاليتهم، كما يحدث مع الأطفال الذين يتم قتلهم بطريقة رحيمة فى بعض البلدان.
الإكوادور
قامت المحكمة الدستورية، بأغلبية سبعة أصوات من قضاتها التسعة، بإلغاء تجريم القتل الرحيم فى الإكوادور، التى أصبحت ثانى دولة فى أمريكا اللاتينية تفعل ذلك بعد كولومبيا، بعد أن أثارت امرأة إكوادورية الجدل ولجوئها للقضاء للحصول على قرار إنهاء حياتها.
ولجأت باولا رولدان، إلى القضاء للحصول على قرار لإنهاء حياتها، وذلك بسبب معاناتها من مرض التصلب الجانبى الضمورى (ALS)، وهو اضطراب مدمر، ولا تزال تبلغ من العمر 42 عاما.
كولومبيا
تعتبر كولومبيا الدولة الوحيدة فى أمريكا اللاتينية التى تقنن القتل الرحيم دون أى شروط، حتى أنها قامت بتقنينه للمصابين بأمراض غير مميتة.
وقضى المواطن الكولومبى فيكتور إسكوبار، 60 عامًا، الساعات الأخيرة من حياته مع أسرته، قبل أن يخضع لعملية القتل الرحيم التى كان يطالب بها منذ عامين بعد معركة قانونية واسعة النطاق مع القضاء، بعد معاناته من انسداد رئوى ليصبح الحالة الأولى لمريض لا يعانى من مرض مميت له الحق فى القتل الرحيم فى أمريكا اللاتينية.
وأشارت صحيفة "الدياريو" الإسبانية، إلى أنه فى كولومبيا يتم تطبيق قانون القتل الرحيم منذ عام 1993، لكنه سمح فقط بممارسته للمرضى المصابين بأمراض مميتة، فى منتصف عام 2021، ووسعت المحكمة الدستورية هذا الحق ليشمل المرضى الذين يعانون من أمراض تسبب "معاناة جسدية شديدة" ونفسية، كما هو الحال مع إسكوبار.
فى أكتوبر الماضى، رفض مستشفى طلب إسكوبار بالقتل الرحيم لأسباب صحية، والتى من أجلها رفع القضية أمام قاضٍ أيد الإجراء أخيرًا.
فى عام 1997، أقرت المحكمة الدستورية الكولومبية أن الموت بكرامة كحق أساسى فى حالة الإصابة بمرض عضال، لكنه أصبح قانونًا فقط فى عام 2015. ومنذ ذلك الحين، تم تنفيذ 157 إجراء.