ـ المسلمون في تايلاند أقلية لكننا نتمتع مع إخواننا البوذيين بكامل الحقوق وننعم جميعًا بالأمن والسلام
ـ ندرك أهمية الفتوى الشرعية في توجيه حياة المسلمين إلى البناء الأخلاقي وتعزيز السلام والوئام
قال الشيخ أرون بون شوم، شيخ الإسلام في تايلاند: إن الدولة المصرية لها فضل عظيم، ودور كبير ورائد في العالم الإسلامي قديمًا وحديثًا في نشر الإسلام، وعزته، وكرامته، وتسامحه، إلى بقاع الأرض، فالجميع يعترف بما قدمته هذه الدولة لأمة الإسلام من إشعاعات النور المحمدي التي أضاءت جميع بلدان العالم
وأضاف خلال كلمته في فعاليات المؤتمر العالمي التاسع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، المنعقد تحت رعاية رئاسة الجمهورية ومظلة دار الإفتاء المصرية، أن المعلوم لديكم أن تايلاند دولة غير مسلمة، والمسلمون في تايلاند أقلية ومع ذلك فإنهم يتمتعون بكل ما يتمتع به غيرهم من حقوق وحرية، ويعيشون مع إخوانهم البوذيين المتسامحين وهم الأغلبية بأمن سلام، موضحًا أن من أهم خصائص المجتمع التايلاندي دعم التعايش السلمي بين أصحاب الديانات المختلفة بوجود الملك الذي يرعى جميع الأديان وهو بوذي الديانة، وكذلك وجود الدستور الذي يضمن الحقوق والحرية، ويدعم جميع الأديان، وأيضًا وجود تاريخ مشترك بين المسلمين والبوذيين في بناء الدولة والدفاع عنها، حيث ربطت بينهم صلة قرابة وصلة أخوية من قديم الزمان إلى وقتنا الحاضر، وبهذه الخصائص الثلاث ساد المجتمع التايلاندي جو التعايش السلمي بين أصحاب الديانات.
وأكد أن أعمال الدعوة الإسلامية في هذا البلد قد نشطت بدون أي مضايقات، ودخل في دين الله غير قليل من المواطنين البوذيين وغيرهم باستمرار ولله الحمد، موضحًا أن من أهم النشاطات الإسلامية التي تقوم بها المؤسسات الإسلامية في تايلاند نشاط مجلس شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام يطلق عليه اسم "جولا راش مونتري"، وهو أعلى المناصب الإسلامية في تايلاند، ويتم تعيينه بالمرسوم الملكي بعد أن تم اختياره من قِبل أعضاء المجالس الإسلامية بالمحافظات، وله تاريخ طويل يرجع إلى أكثر من 400 سنة، ومن أهم أعمال شيخ الإسلام كما ينص عليه القانون لإدارة المؤسسات الإسلامية عام 1997 ميلادية تقديم المشورة للجهات الحكومية فيما يتعلق بشؤون الإسلام والمسلمين، وإصدار الفتاوى الشرعية في المسائل التي قدمت إليه من الأفراد والجماعات والمؤسسات.
وتابع: كان لشيخ الإسلام دَور هام في تعزيز مبادئ الوسطية، والتعايش السلمي، والبناء الأخلاقي، والحوار بين الأديان، وذلك بإصدار الفتاوى الشرعية في المسائل التي تتعلق بكيفية تعامل المسلمين مع غيرهم، في الأعياد والحفلات، والمناسبات الملكية ونحوها، وبإنشاء مركز الوسطية للسلام والتنمية للقيام بهذه المهمة، ولأن الفتاوى الصادرة من شيخ الإسلام معترف بها رسميًّا، أرسلت هذه الفتاوى إلى الجهات الحكومية والأهلية في جميع البلاد لتطبيقها والالتزام بها، وكان لهذه الفتاوى أثر ملحوظ لحل النزاعات والخلافات في المجتمع، حيث وجد كل من المسلمين والبوذيين وغيرهم حلًّا مناسبًا، ومخرجًا شرعيًّا، للمشاكل التي يواجهونها في حياتهم اليومية، ويكون الناس في المجتمع وهم متعددو الثقافات والديانات يعيشون في جو من السعادة والمحبة والألفة والسلام.
وفي ختام كلمته أشار شيخ الإسلام في تايلاند إلى أن الفتوى في كثير من الأحيان قد واجهت صعوبات وتحديات معاصرة، مثل الفتوى في مسألة الزواج المثلي الذي يعترف به قانونيًّا في الدولة، ومسألة المسكرات، والمخدرات، والممارسات الجنسية، والمعاملات الربوية، ونحو ذلك، مما أباحه القانون.
ومن هنا ندرك أهمية الفتوى الشرعية في توجيه حياة المسلمين وكذلك غير المسلمين إلى البناء الأخلاقي وإلى تعزيز السلام والوئام في المجتمع، خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر.