استطاعت المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية "ابدأ" المشاركة في تنمية الساحل الشمالي، من خلال إنشاء مصنع لإنتاج مادة "الصودا آش" ضمن مجمع البتروكيماويات بمدينة "العلمين" الجديدة على مساحة 185 فدان، وذلك طبقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة البدء في إنتاج مادة "الصودا آش"، نظرًا لأهميتها البالغة في المجال الصناعي، وفي إطار عمل محور "المشروعات الكبرى"، والذي يُعد أحد محاور مبادرة "ابدأ" الأساسية لزيادة الإستثمارات الصناعية بالشراكة مع الخبراء في القطاعات المختلفة، وتشجيع الصناعات المغذية وضمان قدرتها على التوسع، للإعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات.
كان ذلك بتكلفة استثمارية بلغت 550 مليون دولار، حيث تصل طاقته الإنتاجية إلى حوالي 600 ألف طن سنويًا في المرحلة الأولي ومخطط أن تصل إلى 1.2 مليون طن/ سنويا في المرحلة الثانية، ما يساهم في تقليل الفاتورة الاستيرادية بنحو 500 مليون دولار سنويًا في المرحلة الأولي.
دور "ابدأ" بصناعة "الصودا اش":
سعت شركة "ابدأ" ش.م.م " شركة "المصرية للصودا آش" لتأسيس الشركة "المصرية للصودا آش"، للتوسع في الصناعات المختلفة المرتبطة بمادة "الصودا آش"، كصناعة الزجاج، النسيج، والبتروكيماويات، بالإضافة إلى صناعة الصابون والمنظفات، المواد الكيميائية، وغيرها من الصناعات المختلفة ، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص المصري ممثلًا في شركة "صودا للصناعات الكيماوية" وبالتعاون مع وزارة البترول والثروة المعدنية متمثلة في "القابضة للبتروكيماويات"، ووزارة قطاع الأعمال، والهيئة العربية للتصنيع .
ومن أهم هذه البتروكيماويات مكون “الصودا آش” أو كربونات الصوديوم، وهي مركب كيميائي له الصيغة Na2CO3 ويطلق عليها أيضًا رماد الصودا أو “صودا الغسيل” وهو الاسم الشائع لها، حيث توجد بالشكل العادي على شكل بودرة بيضاء، ويمكن أن يوجد طبيعيًا كمعدن أو صناعيًا، ويتم ذلك حاليًا من خلال عملية سولفاي ، حيث يتم الحصول على الصودا آش، أو كربونات الصوديوم من عصارة الرماد والماء، ويتم جمعها عن طريق تبخير المياه الموجودة.
وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن هذا المكون وأهميته خلال الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة في أكتوبر 2022، فما هي “الصودا آش” وما الأهمية الاستراتيجية لها، ولماذا تسعى الدولة المصرية إلى توطين تلك الصناعة المهمة؟
أولا: ما هي استخدامات "الصودا آش"؟
تعد "كربونات الصوديوم - صودا آش"، هي واحدة من المواد التي لها استخدامات متنوعة وكبيرة في مختلف المجالات، وهنا يمكننا إلقاء الضوء على أهم استعمالات هذا المنتج في النقاط التالية:
1- صناعة الزجاج
2- إنتاج المواد الكيميائية، مثلبيكربونات الصوديوم، وسيليكات الصوديوم، وثلاثي فوسفات الصوديوم، وديكرومات الصوديوم، وألومينات الصوديوم، وسيانيد الصوديوم
3- إنتاج الورق، كمنظم للحموضة وكذلك لإزالة اللون عن الورق التالف
4- صناعة الصابون والمنظفات
5- تليين الماء في عملية التبادل الأيوني، إذ يزيل الأيونات الموجبة للكالسيوم والمغنيسيوم من الماء، فيُقلّل من عسره
6- خزانات المياه في المدن، حيث يتم استخدامها لتحييد التأثير الحمضي للكلور وزيادة درجة الحموضة
7- الصبغ، حيث يستخدم كعامل مثبت للأصباغ على الألياف
8- صناعة المواد الغذائية، حيث تستخدم كمنظم لدرجة الحموضة (PH) 8- المواد الحافظة
9- التحليل الكهربائي كإلكتروليت، حيث يزيد من معدل تحلل المياه
10 - التحنيط، حيث تستخدم في عملية إزالة اللحوم من العظام
11- تستخدم في الإختبارات الكيميائية، حيث تستخدم كمعيار أساسي في تفاعلات المعايرة
12- معجون الأسنان، حيث تستخدم كعامل إضافة حموضة للفم وكعامل رغوة
13- صناعة الطوب، حيث تستخدم كعامل ترطيب في إنتاج العجينة
14- صناعة النسيج، حيث تستخدم كعامل مضاد للحمض في معالجة الحرير
15- لبتروكيماويات وتصفية النفط الخام، حيث تستخدم كعامل تحييد في العمليات البتروكيماوية-
16- صفية الزيوت النباتية، حيث تستخدم كعامل يعمل على فصل الأحماض الدهنية الحرة
17- إزالة الكبريت من الدخان الناتج عن المداخن
ثانيا : أهمية مشروع توطين صناعة “الصودا آش” في مصر
هناك العديد من الإيجابيات التي تبلور أهمية خطوات الدولة المصرية نحو توطين صناعة وإنتاج “الصودا آش” في مصر، والتي من الممكن تلخيصها في تلك النقاط التالية :
سعي الدولة المصرية إلى توطين مجموعة من الصناعات ذات الأولوية للاقتصاد المصري؛ بهدف المساهمة في رفع القيمة المضافة للصناعات المصرية، مما يعمل على تخفيف العبء القائم على الاحتياطي الدولاري المصري في الفترة المقبلة
لا يوجد مصنع واحد في المنطقة العربية لإنتاج الصودا آش، بما يعنى حاجة المنطقة لإنشاء المصنع في ظل توافر المادة الخام الرئيسة لتلك الصناعة وهى ملح الطعام والحجر الجيرى، وبالتالي السوق المصرى وحده يحتاج إلى 500 ألف طن سنويًا من “الصودا آش”، بجانب الدول العربية التي تحتاج إلى مليون طن سنويًا، وأقل كمية تنتج سنويًا لتحقيق العائدات المرجوة من إنشاء المصنع هى حوالى مليون طن سنويًا. ويزداد الطلب المحلى على هذه المادة حاليا بمعدل 3% سنويًا، وبلغ إجمالي الطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 1.9 مليون طن في عام 2017
وصول حجم الواردات المصرية من تلك المادة لنحو مليار و485 مليون جنيه بنهاية عام 2021، مقابل مليار و486 مليون جنيه (93 مليون و649 ألف دولار) بنهاية عام 2020، بإجمالي نحو ملياري و971 مليون جنيه في عامين فقط، وذلك قبل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية والتي بكل تأكيد أدت إلى رفع الأسعار بصورة قياسية
المصانع المحلية تستهلك نحو 500 ألف طن سنويًا من “الصودا آش” ويبلغ سعر الطن كحد أدنى 250 دولار. وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن كلا من بلغاريا وتركيا تقاسما صدارة قائمة الدول التي تستورد منها مصر مادة كربونات ثنائي الصوديوم؛ فبلغت الواردات من تركيا نحو 885 مليون و363 ألف جنيه العام الماضي 2021، تليها بلغاريا بقيمة بواردات قيمتها 579 مليون و759 ألف جنيه، ثم جمهورية روسيا بواردات قيمتها 13 مليون و890 ألف جنيه، بجانب الصين بقيمة واردات 4 ملايين و729 ألف جنيه، وجمهورية البوسنة والهرسك بنحو مليون و55 ألف جنيه، كما موضح بالشكل التالي
عدد مصانع الزجاج المحلية يصل إلى نحو 25 مصنعًا، وتصل استثماراتها إلى نحو 5 مليارات جنيه، حيث يسعى قطاع الزجاج إلى بدء تصنيع “الصودا آش” محليًا، في ظل العقبات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية، ونقص الطاقة الإنتاجية، خصوصًا أنها من مكونات الإنتاج الرئيسة بتلك الصناعة الاستراتيجية، فهذه المادة تدخل بنسبة تتراوح ما بين 15 و30% في تكلفة الإنتاج، وبالتالي نقص الإمدادات العالمية لها قد يؤدى إلى تعثر الإنتاج بشركات الزجاج والمنظفات الأكثر استهلاكًا لها
ثالثا : أهداف إنشاء مصنع لإنتاج “الصودا آش”
سيعمل على هذا المشروع العملاق بمدينة العلمين بالساحل الشمالي علي الاتي :
1- نتاج كربونات الصوديم (الصودا آش) لتلبية إحتياجات السوق المحلي
2- تحقيق التنمية المستدامة
3- خفض فاتورة الإستيراد من الخارج
4- زيادة القيمة المضافة لخام الجير المصري
5- توفير فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة
6- فتح أسواق جديدة وتلبية إحتياجات السوق العربية
وعلي وجه الخصوص، تضمن دراسة المشروع مقومات نجاح كبيرة؛ نظرًا إلى توافر المادة الخام الأساسية وهي الحجر الجيري، والملح، والأمونيا، بالإضافة إلى تزايد الطلب العالمي على مادة “الصودا آش”، بالإضافة إلى توافر مساحة الأرض اللازمة للمشروع والخبرات الفنية والأيدي العاملة اللازمة، وتمتع مصر في الوقت الحالي بوفرة في الغاز الطبيعي وتحولها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في سبتمبر من عام 2018.
وبشكل عام يوجد طلب كبير على “الصودا آش”، مع وجود فجوة تسويقية بالعديد من دول العالم، مما سيتيح فرص تسويقية كبيرة للمادة، حيث تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية على سبيل المثال بإستيراد رماد الصودا من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد هي والصين من أكبر منتجي “الصودا آش” في العالم.
يذكر أنه قد بلغ إجمالي الطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 1.9 مليون طن سنويًا في عام 2017، بالإضافة إلى وصول الطلب العالمي على رماد الصودا إلى حوالي 4 مليارات دولار في عام 2018، مع زيادة النمو السنوي للطلب بحوالي 3% .