تحل اليوم ذكرى وقوع معركة من أشهر المعارك فى التاريخ الإسلامى، وهى موقعة حطين التي وقعت فى 4 يوليو من سنة 1187 بين جيش صلاح الدين الأيوبى والصليبيين، وكان لتفوق الجيش الأيوبى فى المعركة فضائل عديدة منها عودة القدس للمسلمين وتكريس أسطورة صلاح الدين الأيوبى.
وتعد معركة حطين معركة تاريخية مهمة وكبيرة، وقعت فى منطقة بين الناصرة وطبرية فى فلسطين، حيث حاصر الأسطول المصرى المدن الصليبية على الساحل ومنع وصول إمدادات من أوروبا للصليبيينو بالقرب من قرية المجاودة، بين الناصرة وطبريا انتصر فيها المسلمون، ووضع فيها الصليبيون أنفسهم في وضع غير مريح استراتيجيا في داخل طوق من قوات صلاح الدين الأيوبي، أسفرت عن تحرير مملكة بيت المقدس وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون.
ويذكر جرجى زيدان في كتاب تاريخ مصر الحديث أن بداية واقعة حطين الشهيرة كانت في وسط نهار الجمعة، والمسلمون كثيرًا ما يحاولون لقاء عدوهم يوم الجمعة عند الصلاة تبرُّكًا بدعاء المسلمين والخطباء على المنابر في سائر العالم الإسلامي في وقت واحد. فسار السلطان صلاح الدين بما اجتمع لديه على أتم نظام، وحط رحاله عند بحيرة طبرية على سطح الجبل على أمل أن الإفرنج إذا بلغهم نزوله هناك يقدمون إليه، وكانوا معسكرين في مرج صفورية بأرض عكا فلم يتحركوا من منزلتهم. فسار صلاح الدين في جريدة من جيشه إلى طبرية، واستلمها بساعة بعد القتل والنهب إلا أن القلعة بقيت سالمة بمن فيها. فبلغ الإفرنج ما حصل في طبرية فساروا نحوها، فعلم السلطان بذلك فترك على قلعة طبرية من يحاصرها، وعاد لملاقاة العدو فالتقى به على سطح جبل طبرية الغربي في يوم الخميس 22 ربيع آخر، وبعد حرب شديدة تفرقت جيوش الصليبيين إلا فرقة منهم تحصنت في تل يقال له تل حطين، وهي قرية هناك عندها قبر النبي شعيب فضايقهم المسلمون، وأشعلوا حولهم النيران فاشتد بهم العطش إلى أن ألجأهم الأمر للقتال يأسًا، فأسرت مقدمتهم وقتل الباقون.
وكان في جملة المأسورين الملك جفري، وأخوه البرنس أرباط صاحب الكرك والشوبك وغيرهما من القواد والأمراء. فجلس السلطان صلاح الدين في خيمته، وأمر بتحضير الأسرى بين يديه فأحضروا وفيهم الملك جفري فأمر له بشربة من جلاب ثلج فشربها وكان في غاية الظمأ، ثم أعطى البرنس أرباط أخاه فشرب، وقال السلطان للترجمان: «قل للمك: أنت الذي سقيته، أما أنا فما سقيته» إذ كان من جميل عادة العرب أن الأسير إذا أكل أو شرب من مال من أسره أمن. فقصد السلطان بقوله هذا أن الملك جفري قد أمن أما أخوه فلم يأمن، وكان في قلب صلاح الدين حقد على البرنس أرباط السابق تعديه على جماعة من المسلمين وقتلهم في حال سلمية لغير داعٍ، فسبق من السلطان قسم أنه إذا ظفر بهذا الأمير قتله. فبعد أن شربا أرسلهما للمائدة فأكلا، ثم أعيدا إلى السلطان فأخذ بيده سيفًا وتقدم إلى البرنس أرباط قائلًا: «ها أنا انتصر لمحمد.» ثم عرض عليه الإسلام فأبى فضربه بالسيف فحل كتافه، وتمم قتله من حضر، ورميت جثته على باب الخيمة. فلما رأى جفري ذلك وقع الرعب في قلبه. فكلمه السلطان وطيب خاطره، وقال له: «لم تجر العادة أن يقتل الملوكُ الملوكَ، أما هذا فقد تجاوز الحد، وتجرأ على الأنبياء.» وفي أثناء هذه الحروب التقى صلاح الدين بريكاردس قلب الأسد.
وكان الانتصار حاسما وترتب عليه أن عادت القدس فى يد المسلمين وأجبر الصليبيين على عقد صلح.
جزء مهم من شخصية صلاح الدين الأيوبى تمثلت فى إنسانيته فى التعامل مع أسرى الصليبيين والاستجابة لمطالبهم المشروعة وعدم إهدار حق واحد من حقوقهم، خاصة حين سار بعد انتصاره فى حطين إلى بيت المقدس لاستردادها، إذ أكرم كل من استسلم له من كبار الصليبيين الذين كانوا يمتلكون مدن الساحل الفلسطينى ومن بين هؤلاء كونتيسة طرابلس، التى عاملها صلاح الدين بما يليق بها من الحفاوة والتشريف، وأذن لها ولحاشيتها بالتوجه إلى طرابلس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة