عندما تقف بسيارتك فى مدخل منطقة شهداء البهنسا ببنى مزار شمال محافظة المنيا، أو البقيع الثانى كما يطلق عليها، وتبدأ فى الارتجال بقدمك، هنا ينتابك الشعور بالقشعريرة من هيبة المكان وعظمته، من بهاءه وروحانياته التى تتجلى من على بعد وقبل الوصول، فتجد نفسك ترفع يدك إلى أعلى لتقرأ الفاتحة لهؤلاء الشهداء الذين سقطوا في فتح مصر، والتابعين الذين نزحوا من كل الدنيا ليسكنوا قبور تلك المنطقة، ليتحول ذلك المكان، إلى أنشودة للمريدين، وفسحة العشاق والمحبين، ومقصدا لطلاب العلم من مختلف دول العالم.
إنها البهنسا التى تزين أرض محافظة المنيا، لما تحويه من أثار فرعونية واسلامية وقبطية، لما تحويه من قباب الصحابه والتابعبن وأهل العلم، تشاهد من على بعد العديد من قباب الصحابه وكأنها صروح شامخة، وبسبب عوامل الزمن، إمتدت يد الدولة إليها لتعيد لها الحياة فكان تطوير أحد الأماكن الهامة بالمنيا خاصة، ومصر بصفة عامة و ترميم 14 قبة، بالإضافة إلى تطوير مركز الزوار وتمهيد الطرق المؤدية إليها.
بدأت قصة تلك المدينة عند فتح مصر سنة 22 هجريا، عندما أرسل عمرو ابن العاص الجيش الاسلامى لفتح المدينة ومع التقاء جيش المسلمين بجيش الرومان استطاع المسلمون فتح المدينة، واستشهد من المسلمين الكثير ودفنوا فى المنطقة، وهذا ما ذكره الواقدى فى كتابه قائلا إن المنطقة دفن بها نحو 5 آلاف صحابى بينما ذكرها على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية قائلا إن تلك المدينة كان لها شهرة كبيرة ويوجد بها محل شهير عرف بالسبع بنات فيه نوع انحدار فيه مراجعة يتمرغ الناس فيه ذكورا أو أناسا طلبا للشفاء وكان به مجموعه من القبور، وتضم المنطقة العديد من القباب ، منها قبة محمد الحرية الحسن الصالح وقبة السيده رقية و السبع بنات وقبة ابومحمد يوسف بن عبدالله التكرور وقبة أبان بن عثمان بن عفان وغيرها من القباب التى ضمت فى قبورها الصحابة والتابعين.
كانت منطقة البهنسا عاصمة الإقليم لفترات طويلة من الزمن وأول ما سقط فى يد الجيس الإسلامى عند الفتح هى البوابة الشمالية بالمنطقة، و تبعد منطقة شهداء البهنسا عن مركز بنى مزار، ما يقرب من 16كيلو، وأشهر من استشهد ممن شهد غزوة بدر هو سليمان ابن خالد ابن الوليد وغيره من الصحابة.
تضم المنطقة عدد كبير من مقابر صحابة النبي صلي الله علية، لذلك عرفت باسم أرض الشهداء أو البقيع الثاني لكثرة المسلمين الذين استشهدوا بها اثناء الفتح الاسلامي للبهنسا. وفتحها قيس بن الحارث المرادي سنة 22 هجرية وسميت ولاية البهنسا لتمتد من منطقة الواسطي حتى سمالوط، واستمرت كعاصمة الإقليم حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي.
ومن أشهر المزارات والمعالم التاريخية بقرية البهنسا قبة السبع بنات، ومقــام سيدي جعفر وعلى أولاد عقيل بن علي ابن أبى طالب، وقبـة التكرورى، ومقـام سيدي الأمير زياد بن الحارث بن ابى سفيان بن عبد المطلب، ومقـام ابان بن عثمان بن عفان، وقبـة محمد بن ابى عبد الرحمن بن ابى بكر الصديق، وأيضا مسجد الحسن الصالح بن زين العابدين بن الحسين بن على بن ابى طالب.
وتضم أيضا منطقة شهداء البهنسا، إحدى القباب التى يرقد بها 12 من الشهداء الذين شاركوا فى غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحضروا إلى المنيا فى الفتح الإسلامية مع عمرو ابن العاص فى فتح مصر ، ومنهم القعقاع ابن عمرو التميمي ، وعقبة ابن عامر الجهمى، وميسرة ابن مسروق العبسى، ومالك ابن اشتر الربعى ، وذو القلاع الحمرى، وهاشم ابن المرقال، كما ذكر على اللوحة الموضوعة على مدخل القبة بعد تطويرها.