حالفني الحظ وقابلت الفنان عبد المنعم مدبولي قبل عرض مسرحيته "وسط البلد" آخر مسرحياته التى عرضت على مسرح السلام بشارع قصر العينى وشاركه فى بطولتها الفنانة نهال عنبر والفنان سليمان عيد ونورهان وسيد الرومى، وكانت من إخراج ناصر عبد المنعم، وكلما يأتي ذكري ميلاد أو رحيل هذا الفنان العظيم أتذكر لقائي معه ونصائحه لي علي المستوى الإعلامي والفني.
نصحني هذا الفنان بالالتزام بمواعيدي لأنها تعطي الانطباع الأول عني لأي شخص أتعامل معه، وقال لي: لا تتدخل في خصوصيات فنان تخص أسرته أو حياته الشخصية إلا إذا سمح هو بهذا وطلب منك نشره، وقال لي أيضًا: الكلمة أمانة وذكرني بمونولوج "الكلمة" للكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي قائلاً: مفتاح الجنة في كلمة.. ودخلوا النار علي كلمة.. فتذكر دائما أن كلمتك التي تكتبها لها تأثير علي من تكتب وعليك أنت شخصيا.
نصائح كثيرة أتذكرها دائمًا، قالها لي هذا الفنان العظيم، ومن نصائحه الفنية: لا تدعم من لا يملك موهبة لأنه يحرم موهوب من فرصة، وغير الموهوب لن يستمر في أي مجال إبداعي، وحاول أن تكتشف مواهبك من خلال متخصص وجمهور معا.
هذا الفنان الكبير عندما طلبت منه إجراء حوار ولقاء معه لم يرفض بل حدد لي الموعد، برغم إنني كنت في بداية عملي بالصحافة، ولم يكن لدي الخبرة لكنه كان داعمًا لي ولكل صحفي أو إعلامي يتوسم فيه الموهبة، فهو كان بخبرته كشاف ويعرف أصحاب المواهب من الموهومين، فقد أعجبه تحضيري للأسئلة ومعرفتي بأبرز أعماله، وترتيب طرح الأسئلة عليه، وهذا عرفته بعد انتهاء الحوار معه، وكانت ذاكرته قوية جدًا لأنني قبل هذا اللقاء قابلته في الشارع أمام العمارة التي كانت تسكن فيها الفنانة خيرية أحمد في الدقي، وتسكن فيها أيضًا الفنانة لبلبة، وطلبت منه وقتها إجراء حوار، فكان رده: نحن في الشارع، ومنحني هاتف منزله وطلب مني الاتصال، أو حضور له قبل عرض مسرحيته بساعتين لأنه يذهب قبل الموعد بساعتين، وهذا ما حدث.
آخر مسرحية للفنان عبد المنعم مدبولي
الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي، من نجوم المسرح والسينما والتليفزيون، وأعماله تحمل علامات جودة في كل الفنون، وكان فنانًا شاملاً ممثلاً ومخرجًا وصاحب مدرسة في الأداء التمثيلي عرفت بالمدبوليزم، وأسس بالفعل فرقة بهذا الاسم، كما أنه من مؤسسي فرقة "ساعة لقلبك" وفرقة الفنانين المتحدين، فقد شارك في تكوين الفرقة، وقدم من خلالها أبرز العروض المسرحية وهي: "البيجاما الحمراء"، "الزوج العاشر"، "العيال الطيبين"، ثم انفصل عنها عام 73 ليكون في عام 75 فرقته الخاصة "المدبوليزم" وقدم من خلالها عروض: راجل مفيش منه، يا مالك قلبي، مولود في الوقت الضائع، مع خالص تحياتي، حمار ما شالش حاجة، وشارك بالتمثيل والإخراج في عدد كبير من المسرحيات التي حققت نجاحاً كبيراً ومنها: (السكرتير الفني) بطولة فؤاد المهندس وشويكار، والمغناطيس، الناس اللي تحت، بين القصرين، زقاق المدق، ريا وسكينة.
رحل الفنان عبد المنعم مدبولي بعد غيبوبة طويلة، توفي علي أثرها صباح يوم الأحد 9 يوليو عام 2006 عن عمر ناهز، الـ 84 عاما بمستشفى المقاولون العرب على إثر التهاب رئوي حاد وقصور شديد بعضلة القلب، وشُيّعت جنازته من مسجد آل رشدان بمدينة نصر ودُفن بمقابر البساتين.