تركن الدنيا واخترن المسيح، وخُضن مغامرات كبرى فى محاولات إقناع الأهل بالذهاب بلا رجعة، ورحن ينسجن ويرسمن ويزرعن ويطهرن أرواحهن وأجسادهن، هن الراهبات عرائس المسيح.
نسمع دائما عن حياة الراهبات ولكن لم نعرف أكثر عنهن ولم نسمع حكاياتهن وتفاصيل يومهن، كيف يقضين حياتهن بلا زواج أو أطفال وما هو الدافع وراء قرارهن فى الرهبنة وما هى شروط الرهبنة وقوانينها.
عاش "اليوم السابع "يوماً كاملاً مع راهبات دير "راهبات فرنسيسكان "بحى الدقى، ليعرف أكثر عن حياتهن ويومهن وذلك من خلال حوار" اليوم السابع"، مع السير سعاد يوسف الرئيسة الإقليمية للراهبات الفرنسيسكانيات الإليزابتين فى مصر.
الحياة قبل الرهبنة ومعركة إقناع الأهل
"حياتى قبل الرهبنة كانت قليلة وصغيرة لكن حياتى بعد الرهبنة اختلفت تماما"، هو ما بدأت به السير سعاد يوسف الرئيسة الإقليمية للراهبات الفرنسيسكانيات الإليزابتين فى مصر حوارها لـ" اليوم السابع "، حيث قالت " أنا لما كنت شابة صغيرة وكان عندى 18 سنة كان حد فتح ودنى على فكرة الرهبنة وأنا بصراحة مكنتش حابة أوى الفكرة كنت خايفة لإن حياة الرهبنة حياة متزمتة وكله لأ وكله ماينفعش فكان بيتهيألى إنه لأ أنا عايزة حريتى، أنا عايزة حياتى وعايزة أعيش زى ما أنا أحب، فكان متهيألى لأ صعب، لكن فيه آية فى الإنجيل صادفتنى وكانت بتقول كده "اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم"فحسيت إن دى دعوة ربنا ليا".
لم يكن قرار الرهبنة بسيطا وسهلا وخصوصا للأهل، فالطبيعى أن تعيش حياتها مثل أى فتاة تتعلم وتتزوج وتنجب وتبنى أسرة وحياة ولكن شروط الرهبنة تمنعها من كل هذه الخطوات، لذلك واجهت السير سعاد صعوبة فى إقناع الأهل بقرار الرهبنة وروت في حديثها لـ "اليوم السابع"، المشكلات التي واجهتها مع أهلها منذ قرار الرهبنة قائلة:" مفيش حد من الأهالى بيوافق على الفكرة دى الطبيعي نتجوز، الطبيعى نعمل أسرة عادية، فأنا لقيت صعوبة من والدى لغاية ما ماما أقنعته بحاجة، قالتله هي مش هتنفع في الرهبنة، لأنها بتحب الدنيا، وعاوزة تعيش وتخرج مع أصحابها، فهى هترجع بس إحنا عشان منحسش إن احنا كتمنا حريتها خليها تروح، فقالها طب ولو كملت؟ قالتله يبقى احنا كده عملنا اللى علينا لو هي كملت يبقى ده مكانها".
سير سعاد تضى الشموع بالدير
شروط الرهبنة
"هي فتاة اكتشفت حب ربنا وهو حب كبير خلاها عندها استعداد إن هي تسيب كل الدنيا وتتحط على طريق مختلف تماماً عن اللى هي كانت فيه سابقا"، هذا الوصف الذى وصفته السير سعاد عن الراهبات .
وعن شروط الرهبنة قالت:" من أهم شروط الرهبنة لازم يكون بحريتها هى اللى اختارت مش أسرتها، ولازم تكون عدت السن القانوني وتكون واعية إنها بتختار حاجة، ولازم تكون على درجة من العلم والثقافة، وعلى أى حال لمدة 10 سنين متواصلة، فى أى وقت الراهبة قررت تمشى بتمشى ومش بتكمل".
وأضافت:" قبل ما نلبس التوب بتاعنا بنفضل 4 سنوات كلهم تحت التدريب، فلما أنا بلبس التوب بعمل النذور بتاعتى بنسميها النذور الأولى، النذور الأولى إن احنا بنلتزم بالزى الأبيض بتاعنا بالقوانين، بنكون درسنا كل القوانين بتاعت الرهبنةوبنمضى على الهيكل إن أنا موافقة أعيش راهبة مكرسة ومكرسة يعنى مخصصة لـ ربنا بـ 3 نذور وهم، الطاعة يعنى لما تيجى الريسة تقولى في محافظة قنا محتاجين خدمتك أنا في الحالة دى أقول نعم مينفعش أقول لأ ومش عاوزة أسافر، العفة أو البتولية إن احنا مش هنرتبط في حياتنا بأى رجل، النذر الثالث التجرد وده نذر لا أمتلك شيء في حياتى ورثى يؤول للرهبنة".
إضاءة الشموع
سنة أولى رهبنة
واستكملت الحديث حول تجربتها الشخصية مع الرهبنة قائلة: " بقالى 39 سنة فى الرهبنة، أول ما روحت الدير كان عندى 18 سنة كنت حاسة بحاجة غريبة لأنى كنت الشابة الوحيدة في الدير كلهن راهبات كبار، وقضيت سنة كاملة فى محافظة قنا وبعد السنة جيت الجيزة في الهرم في المكان اللى أنا عايشة فيه دلوقتى".
وتابعت:" كان فيه شروط وتحكمات كتير في الأول وكل ده كان عبارة عن اختبارات قوة التحمل وأنا مكنتش فاهمة ده وكنت بتضايق أوى وكنت ساعات برجع في قرارى وإنى خلاص مش هكمل بس كنت دايما بقعد أتكلم مع ربنا وبرجع تانى في قرارى، عيشت تفاصيل كتير أوى لغاية ما فعلا حسيت إن هو ده مكانى حتى لما كنت بروح أزور أهلى كنت بقولهم أنا عاوزة أروح بيتى كانوا يزعلوا ويقولولى ده بيتك أقولهم لأ بيتى هو الدير".
الراهبة سير سعاد
يوم في حياة الراهبة
تعيش الراهبات حياة لها قوانين والتزامات وروتين يومى أهمه وأوله هو الصلاة، وهو ما وصفته السير سعاد حيث قالت:" أول حاجة بنفتح عنينا لربنا يعنى فيه الصبح بالقليل ساعة ونص صلاة وبنقعد ساعة نحكى مع بعض بنحكى على يومنا قضيناه إزاى عيشناه إزاى فيه مشكلة مفيش مشكلة، ده من ضمن الشروط الأساسية في القانون بتاعنا إن إحنا نقعد مع بعض قاعدة جماعية وبعدين بنصلى صلاة النوم ".
"إحنا مؤمنين إن ربنا دعانا دعوة خاصة إن احنا نخدم، نخدم من أجل ربنا، الطبيبة هتبقى طبيبة، التمريض هتبقى تمريض، المدرسة هتبقى مدرسة وممكن حتى لو هي طبيبة ممكن تعمل خدمة البيت ممكن تقعد مع الراهبات المسنين في البيت، أنا بحب مثلاً أرتب البيت وبحب الزرع أوى، وعندنا في مدارس الراهبات طالبات مسلمات ومسيحيات وفيها بنعلم الأطفال القيم والمبادئ ويعنى إيه تسامح ويعنى ايه محبة وأخلاق".
سير سعاد تروى الأشجار
حلم الأمومة عند الراهبات
العفة أو البتولية هو واحد من أهم شروط الرهبنة ويعنى ألا تتزوج الراهبة في حياتها ولا ترتبط بأى رجل وبالتالي فليس لديها أبناء، وعن إحساس الأمومة قالت سير سعاد،:"أنا فضلت 10 سنين مديرة مدرسة هتلاقينى وسط الأولاد بتنطط طالعة السلم وداخلة طالعة فحسيت إن أنا ربنا إدانى كتير تعويض عن فكرة إنجاب أطفال وعمرى ما حسيت إنى مفتقدة فكرة إنى أكون أم".
وأنهت حديثها قائلة:" أنا كل يوم وكل ساعة وكل نفس بقول شكرا لربنا حياتى قبل الرهبنة كانت صغيرة وقليلة أعتقد أحلامى اللى أنا كنت بحلم بيها لقيتها، كان دايما عندى حس بالآخر دايما بحس بالناس فحسيت إن الرهبنة إدتنى مساحة إنى أكون ده أنا سعيدة جداً ويكفى إن بابا شاف ده فيا هو الله يرحمه لما كل مرة كان يقولى خلاص كفاية، قال لى أنا اللى خلانى هديت إن أنا شايفك سعيدة".
سير سعاد خلال الصلاة
سير سعاد
صلاة الراهبة
لقاء الراهبات بالدير