أضفى تنوع الثقافات والجنسيات التي عاشت بمحافظة بورسعيد طابعا مميزا علي طرازها المعماري والتراثي، وكان للثقافة الإيطالية إطلالتها أيضا في بورسعيد، نظرا لوجود جاليتها التي مكثت فيها سنوات ليست بالقليلة قبل وبعد الحرب العالمية الثانية .
ويعتبر مبنى " القنصلية الإيطالية " القديم الذي يبعد مسافة قصيرة عن الكورنيش في بور سعيد هو أحد أشهر المعالم التاريخية في المدينة، إذ تم تشييده في ثلاثينيات القرن الماضي وهو مزين بنقوش .
موقعه:
يقع مبنى " القنصلية الإيطالية" في حى الإفرنج (الشرق حالياّ)، أقدم وارقي أحياء محافظة بورسعيد ، ويطل على شارع 23 يوليو «كتشنر سابقا»، وشاع جمال عبد الناصر «الأهرام سابقا» وشارع عبد السلام عارف و شارع قايتباى.
ويقع مبنى "القنصلية الإيطالية " داخل المجموعة المعمارية الخاصة بحكومة إيطاليا آنذاك وتبلغ مساحتها 4200 متر مربع، وتشمل كنيسة السالزيان الكاثوليكية معروفة بالكنيسة الايطالية 1931م، مبنى المدرسة الايطالية 1910م، ومبنى القنصلية.
نشأته التاريخية:
يرجع تاريخ إنشاء مبني القنصلية إلى عام 1888م، واستخدم المبنى كقنصلية ومقر لإقامة قنصل ايطاليا ببورسعيد، و فى اعقاب الحرب العالمية الثانية و هزيمة ايطاليا استولت القوات البريطانية على المبنى واستخدم كسكن للجيش البريطاني.
وتعد القنصلية الإيطالية من أقدم القنصليات الخاصة بالجاليات الاجنبية بمدينة بورسعيد، حيث كان تعداد الجالية الإيطالية عام 1897م بالمدينة 1820 نسمة، لذا استوجب الأمر وجود قنصلية لرعاية مصالح الرعية الإيطالية. ويعتبر مبنى القنصلية من المبانى القليلة جدا الباقية و المحتفظة بحالتها الأصلية بمدينة بورسعيد.
تحويل القنصلية الإيطالية ببورسعيد لمستشفي
وفي عام 2018 م أقدمت السفارة الإيطالية علي طرح مبنى القنصلية والأرض القائمة عليها للبيع بالمزاد العلني، وهو ما فجر غضب مواطنى المدينة نظرا للقيمة التاريخية والتراثية لمبنى القنصلية التى تعد من أجمل القنصليات القائمة ببورسعيد.
وسريعا ما تدخل محافظ بورسعيد السابق اللواء عادل الغضبان لحل تلك الأزمة، وسادت حالة من الارتياح الأوساط الشعبية والجمعيات الرسمية المتخصصة فى الحفاظ على التراث والثروة العقارية التاريخية بمدينة بورسعيد عقب اتفاقه مع جان باولو مانتينى سفير إيطاليا بالقاهرة على تحويل مبانى القنصلية الإيطالية ببورسعيد إلى مستشفى إيطالى بالإضافة إلى إعادة تشغيل المركز الإيطالى للفنون كازا دى إيطاليا ( البيت الإيطالى ) المغلق وتفعيل نشاطه الثقافى والفنى والسياحى .
وقال اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، وقتها إن تحويل مبنى القنصلية الإيطالية المغلق إلى مستشفى سيعد إضافة كبيرة لمنظومة الخدمات الصحية بالمحافظة، مؤكدا على أن المستشفى سيكون على أعلى مستوى من الإمكانيات، مع الحفاظ على التراث المعماري والأثري.
وأضاف المحافظ خلال استقباله بيرو دوناتو رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية الإيطالية، ورئيس الجالية الإيطالية بمصر والوفد المرافق له، أنه وجه جميع الأجهزة التنفيذية بالمحافظة بتقديم كل أنواع الدعم الكامل من أجل إنجاز ذلك الصرح الطبي الجديد.
واستعرض الجانبان التصميمات والرسومات النهائية في المستشفى بحضور الأجهزة المعنية، ورحب محافظ بورسعيد برئيس الجالية الإيطالية بمصر، مؤكدًا فخره بالعلاقات الوطيدة بين الجانبين، وترحيبه بكل سبل التعاون على أرض بورسعيد.
وأشاد المحافظ بهذا التعاون المثمر مع الجانب الإيطالي، الذي يأتي بالتزامن مع منظومة التأمين الصحي الشامل ببورسعيد، الذي يعتبر من المشروعات القومية العملاقة التي أقامتها الدولة المصرية في بورسعيد.
وسيقام المستشفى الإيطالي على مساحة 4200 م ويضم 80 سريرا، ويشمل كل التخصصات ومن ضمنها 22 سريرا للطوارئ، بالإضافة إلى قسم كبير للحروق وأقسام الأشعة والتحاليل والمخ والأعصاب وقسطرة القلب.
وناقش المحافظ مع الجانب الإيطالي إقامة مدرسة تمريض نموذجية خاصة بالمستشفى؛ كنموذج يطبق للمرة الأولى في مصر؛ لتكون نواة لمد المنظومة الصحية بنماذج مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى من الإمكانيات لخدمة القطاع الصحي، لاسيما وأن مدارس التمريض تشهد إقبالا كبيرا على الالتحاق بها.
قيمتها التاريخية:
وتكتسب القنصلية الإيطالية قيمتها الأثرية من موقعها الذى يتوسط مجموعة الكنائس التاريخية التى كانت تابعة للجاليات الأجنبية التى سكنت الحى الإفرنجى عقب افتتاح قناة السويس، وكذلك من طرازها المعمارى الإيطالى الفريد الذى يتكامل مع مبنى الكاتدرائية الشهير المواجه له بتقاطع شارعى صلاح سالم و23 يوليو وفيلا «لوريس» بتقاطع عبد السلام عارف والكنيسة المارونية ( البيضاوية الشكل ) من الناحية القبلية ، وقد أغلقت القنصلية أبوابها منذ أكثر من 20 عاما.
أما البيت الإيطالي، والواقع خلف حديقة التاريخ بتقاطع شارعى ممفيس وفلسطين، فيمثل أجمل ذكريات أهالى بورسعيد بالعقود الأولى للقرن الماضي، حيث ضمت جنباته دارا للعرض السينمائي، ومسرحا أنيقا، ومكتبة عالمية كانت هدفا للمثقفين والفنانين من أبناء المدينة حتى منتصف الستينيات قبل أن يغلق أبوابه عقب نكسة 67، ثم أعاد محافظ بورسعيد الراحل سامى خضير والسفارة الإيطالية بالقاهرة افتتاحه عام 1987.
البيت الإيطالي
القنصلية الإيطالية ببورسعيد
القنصلية الإيطالية