سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 مايو 1960.. الزعيم الهندى نهرو يزور موقع بناء السد العالى وأسئلته تمس أحوال البنائين والصناعة الثقيلة وتوليد الطاقة والمشاريع الضخمة

السبت، 17 أغسطس 2024 10:07 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 17 مايو 1960.. الزعيم الهندى نهرو يزور موقع بناء السد العالى وأسئلته تمس أحوال البنائين والصناعة الثقيلة وتوليد الطاقة والمشاريع الضخمة الزعيم الهندى نهرو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خرج رئيس وزراء الهند وزعيمها التاريخى «نهرو» إلى سلم الطائرة بأسوان لزيارة مشروع السد العالى فى 17 مايو، مثل هذا اليوم 1960، وكانت الأعمال تدور فيه بهمة وبمساعدات فنية ومادية من الاتحاد السوفيتى «روسيا».

كانت وقائع هذه الزيارة مثيرة، وتركت حفاوة استقبال الزعيم الهندى انطباعا لا ينسى، حسب جورجى سوخاريف، الذى عمل لمدة خمس سنوات تقريبا نائبا لكبير الخبراء السوفيت فى بناء السد، وكتب ذكرياته عن هذه الفترة فى كتاب «السد العالى الهرم العظيم للقرن العشرين»، وضمت هذه الذكريات زيارات لرؤساء وقادة عالميين لموقع السد.

يتحدث «سوخاريف» عن الزعيم الهندى بإعجاب مظهرا وجوهرا، يذكر: «عندما خرج نهرو إلى سلم الطائرة بقبعته البيضاء كالحليب، وسترته ذات الصف الواحد من الأزرار بالشريط الأحمر التقليدى المركب فى عروتها، وقبل أن يتعانق مع كبار مستقبليه من الشخصيات الرسمية، حوصر بحلقة كثيفة من الأطفال المصريين والسوفيت الذين حملوا إليه الزهور، وأهدوها للإنسان الذى كان يحب الأطفال حبا عميقا، وسادت لحظات من سعادة الطفولة البريئة، ولم يكن من قبيل الصدف أن تنظم الهند سنويا مسابقة باسم «نهرو بين رسوم الأطفال لاختيار أفضلها».

رغب نهرو فى التوجه رأسا إلى موقع البناء، بعد أن شاهد البانوراما الهائلة للأعمال، عندما قام ملاح الطائرة بالتحليق فوق منطقة البناء، وفقا لما يذكره سوخاريف، مضيفا: «أدت الآلاف العديدة من المصريين التحية الحارة لزعيم الشعب الهندى على طريق موكبه الذى كانت تزينه الأعلام الهندية والمصرية، أما المنازل فكانت مزدانة بصوره، وعندما قمنا باستعراض البناء أمام نهرو، وضح لنا أنه يهتم أكثر ما يهتم بالبشر من البناة، من هم؟ وكيف تمكنوا من إتقان إدارة معدات البناء الحديثة، وما هى كثافة عملهم؟» 

يتذكر سوخاريف أن نهرو بالرغم من أنه كان قليلا ما يوجه أسئلة، غير أنه كان يحدق فى وجوه الناس مستقرئا الإجابات عن الأسئلة التى طرحها فى فكره، يقول سوخاريف: «أتذكر أنه عندما توقف أمام أحد الحفارات، حيث كانت تعمل فرقة عمل فلاديمير خاركين، ومساعده محمود فرج، أن سأله نهرو: أى مصنع سوفيتى ينتج هذه الحفارات؟ وكم تكاليف الواحدة منها؟، ويعلق سوخاريف: كما يتضح أن نهرو كان مهتما بهذا الموضوع أكبر الاهتمام، كما كان اهتمامه بالماكينة الجبارة، وبعد ذلك سأل عن الدبلوم الذى يحمله ميكانيكى الحفارة، وشرحنا لضيفنا الكبير أنه فى العادة يقود هذه الماكينات حملة الدبلومات من الفنيين.

يضيف سوخاريف، أنه حسب التقاليد المرعية، كان يتم الترتيب لكبار الضيوف أن يقوموا بإجراء أحد التفجيرات فى جرانيت أحد قطاعات القناة، بأن يضغط الضيف على مفاتح التفجير، وبهر نهرو قول الدكتور حسن زكى إن البناء يتطلب تفجيرا، ونقل أحجار يقدر حجمها بـ24 مليون متر مكعب من الجرانيت، ونقلها للإنشاءات، وذلك دون حساب المواد الأخرى، وكان رئيس الوزراء الهندى يتمتع بذاكرة قوية، لذا عقد مقارنة مع كمية وأحجام الحفر فى الصخور التى جرى تنفيذها فى الهند عند بناء سد هيراكودى.

يتذكر سوخاريف أن يوم الزيارة كان شديد الحرارة، لذا تم تفقد البناء بطريق النيل وقت الأصيل، ولا ينسى ما حدث أثناء ذلك، قائلا:  «كاد أن ينتهى بكارثة كبيرة، إذ إن الزورق الصغير الممتلئ من أحد جوانبه بأولئك الذين كانوا يرغبون فى الوقوف على مقربة من الضيف الكبير كاد أن يفقد توازنه، وينقلب فى الماء، لذا اضطررنا أن نخفف من الحمل البشرى. 

فى المساء، تناول الضيف طعام العشاء فى قصر الضيافة الرسمى فى أسوان، ويؤكد سوخاريف، أن التعب الشديد كان قد أصاب الجميع، وعلى ضوء القمر بدأ الحديث متباطئا فى بدايته، وقال نهرو عندئذ: «سوف يكون من الممكن بالتعمق فى التاريخ تحليلا، إجراء تقييم كامل لعظمة كل ما يجرى تنفيذه على ضفاف النيل بمساعدة الاتحاد السوفيتى. إن هذا البناء الرائع يعتبر مفتاح السعادة والازدهار للملايين من المواطنين فى بلادكم. لقد رأيت اليوم مآثره الجليلة».

يضيف سوخاريف: «كان رئيس وزراء الهند يولى دوما اهتماما كبيرا لتكوين الصناعة الثقيلة الوطنية وصناعة توليد الطاقة ومشاريع البناء الضخمة، لذا مست أسئلته وأحاديثه هذه القضايا فى المقام الأول، وهى المسائل التى كان الشعب الهندى قطع فى حلها طريقا طويلا ونمى فيها جهوده».

يسجل سوخاريف انطباعه عن أسوان فى هذه الأيام من خلال ما رآه وعايشه، قائلا: «لا يمكن لمن يزور أسوان أن يبقى غير مبال بذلك الشىء الرائع الذى يبدعه عقل وسواعد الشعب، ذلك الشىء الذى دشن انتصاره على الطبيعة وتغييرها، لقد تعلم الناس هناك يملأهم حب الحماس وحب العمل بناء حياة جديدة، وأدركوا أهميتهم ومكانتهم فى مشروع البناء هذا».

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة