سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 18 أغسطس 1648.. مقتل السلطان العثمانى إبراهيم المجنون الذى دفعته أمه إلى طريق الجوارى والحسنوات والملذات وسفك دماء أعوانه

الأحد، 18 أغسطس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 18 أغسطس 1648..  مقتل السلطان العثمانى إبراهيم المجنون الذى دفعته أمه إلى طريق الجوارى والحسنوات والملذات وسفك دماء أعوانه إبراهيم الأول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ارتقى إبراهيم الأول عرش الدولة العثمانية عام 1640، فوجدت سيدات الحريم السلطانى الفرصة الذهبية لتحقيق مزيد من النفوذ كمركز قوة، واستمر هذا السلطان فى حكمه حتى أعدم عام 1648، واشتهر باسم السلطان إبراهيم المجنون لتصرفاته الشاذة التى تدعو إلى السخرية، وتجعله أدنى إلى المصابين بأمراض عقلية منه إلى الأصحاء، حسبما يذكر الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى فى كتابه «الدولة العثمانية- دولة إسلامية مفترى عليها».


يقدم «الشناوى» شخصية إبراهيم الأول بوصفه أحد «السلاطين التنابلة»، وهو وصف حكام الدولة العثمانية، بداية من سنة 1566 الذين انصرفوا عن مباشرة اختصاصهم، وانغمسوا فى حياة المجون مع الجوارى الفاتنات فى الحريم السلطانى، وأصبحت الكلمة العليا فى الدولة لمراكز القوى وهى، الانكشارية، والحريم السلطانى والأغوات الخصيان.


يذكر «الشناوى» أن إبراهيم كان له غرام شديد بتزيين لحيته بطريقة غريبة وشاذة، كان يضع عند جذور شعر لحيته أسلاكا رفيعة يخفيها شعر لحيته الكثيف عن الأعين، وبعض هذه الأسلاك من الذهب الخالص، والبعض الآخر من الفضة الخالصة، ثم يثبت تثبيتا محكما فى هذه الأسلاك فصوصا من اللؤلؤ، ويضيف: «يفسر الباحثون هذا التصرف تفسيرات شتى، فيرى بعضهم أن السلطان كان يعتقد أنه بهذه اللآلئ يبدو جميلا أمام ناظريه وخاصة النساء، وكان معروفا عنه أنه يميل إلى السيدات ميلا عظيما، ويرى البعض الثانى أنه كان يميل إلى محاكاة النساء، إذا كان مخنثا، ويرى فريق ثالث أن هذا التصرف كان ينم عن خبل وضعف فى قواه العقلية»، ويرجح «الشناوى» هذا الرأى، خاصة أنه اشتهر بلقب المجنون لهذا التصرف وتصرفات شاذة أخرى.


يضيف «الشناوى» صورا أخرى من شذوذ السلطان «إبراهيم المجنون» قائلا: «كان يوعز لبعض المقربين إليه بكسر أبواب محلات بيع المجوهرات لنهب ما فيها، ولم تكن عمليات النهب مقصورة على المحال التى يمتلكها رجال الدولة، بل كانت تمتد إلى محلات الأوروبيين الذين يشتغلون فى تجارة المجوهرات، ولم يأبه باحتجاجات سفراء الدول الأجنبية على هذه العمليات الإجرامية، فالمهم لديه أن يحصل على كميات وفيرة من اللؤلؤ يرصع بها لحيته ويغير أوضاعها فى كل يوم، وكان يستخدم حبات الكهرمان فى تزيين سترته، وفى إحدى المرات أراد أن يغطى جدران القصر السلطانى بالفراء، وبحجة تنفيذ هذه الرغبة استحدث ضريبة تغطى حصيلتها أثمانه، وشحنه من الروسيا، وسميت «ضريبة الفراء»، كما استحدث ضريبة الكهرمان.


وعن وقوعه فى دائرة نفوذ الحريم، يذكر «الشناوى»: «استحوذت الجوارى والحسناوات على عقله وتفكيره ووقته، وقامت والدته السلطانة «كوزم» بدور كبير فى دفعه فى هذا الطريق، وكانت حياته الخاصة مليئة بالقاذورات، وزين له الشيطان أن يعتدى على زوجات بعض رجال الدولة، فتركوا مناصبهم وهاجروا من إستانبول إلى الحجاز، ووقعت سفينة كانت تقل بعضهم فى أيدى فرسان القديس يوحنا- كان مقرهم وقتذاك فى جزيرة مالطة- فقتلوا الرجال وسبوا النساء وحولوا الأطفال إلى المسيحية، ودربوهم ليكونوا فى زعم هؤلاء الفرسان جنودا من جنود المسيح عليه السلام يحاربون ويقتلون ويأسرون المسلمين فى أعالى البحار».
يذكر «الشناوى» أن والدة السلطان إبراهيم بلغت ذروة نفوذها أن ابنها استجاب لطلبها بقتل «قرة مصطفى باشا» الصدر الأعظم عام 1643، وقتل يوسف باشا قائد الحملة على جزيرة «كريت» بحجة أنه لم يقدم النصيب الأوفى من غنائم الحرب للسلطان ووالدته، وازداد خبل السلطان فمضى يقتل الصدور العظام الواحد بعد الآخر، فأمر بقتل صالح باشا الصدر الأعظم سنة 1647، لأنه رأى عربة نقل بضائع تقف فى أحد الشوارع التى مر منها الموكب السلطانى، واعتزم قتل المسيحيين فى إستانبول لولا أن وقف فى وجهه أسعد زاده أبوسعيد أفندى شيخ الإسلام، وحذره من مغبة هذا الإجراء.


يؤكد «الشناوى » أن السلطان إبراهيم استمر فى مجونه وفسقه، وغدا ألعوبة فى أيدى محظياته، وكان له بين أوفيائه أحد علماء الدين، واسمه «جنجى خوجة حسين»، كانت بضاعته من العلم قليلة، وكان سيئ السيرة، استغل نوبات الإغماء التى كانت تعترى السلطان وعالجه بطلسمات سحرية حتى استطاع أن يسيطر عليه سيطرة تامة، واستنفدت شهوات إبراهيم ومطالب الحريم وأهواء رجال البلاط الموارد المالية للدولة، وزيدت فئات الضرائب المقررة، واستحدثت ضرائب أخرى لسد نفقات الترف الجنونى فى القصر.


يذكر «الشناوى » أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى قيام ثورة عاون فيها علماء الدين، وعلى رأسهم شيخ الإسلام أبوسعيد، ولجأت الفيالق الانكشارية إلى حركة تمرد، وكان الصدر الأعظم «هزار باره أحمد» أول ضحايا الثورة التى أدت إلى عزل هذا السلطان عام 1648، والمناداة بابنه محمد سلطانا باسم محمد الرابع، وكان لا يزال صبيا له من العمر سبع سنوات، أما والده المعزول، فقد تم نقله إلى «جيلى كوشك» أى القصر الصينى، وتم شنقه فى اليوم، الثامن عشر- مثل هذا اليوم- من أغسطس 1648.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة