يعد معهد بحوث المحاصيل الحقلية العمود الفقرى لمركز البحوث الزراعية نظرا لدوره الهام فى تطوير إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية، حيث يهدف المعهد إلى تعزيز سياسة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى من خلال استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 والتى تقدم الحلول لأهم التحديات التى تواجه القطاع الزراعى.
ويقدم المعهد جميع إسهامته ومجهوداته فى مواجهة تلك التحديات ومن بينها استنباط أصناف عالية الانتاجية قصيرة العمر موفرة للمياه، مقاومة للإجهادات البيئية والحيوية ذات جودة عالية، وانتاج تقاوى المربى والأساس للأصناف المنزرعة من المحاصيل الحقلية وتطوير وتحديث التوصيات الفنية والتكنولوجيات الحديثة لكل محصول وكل منطقة زراعية فضلًا عن نقل التكنولوجيا من خلال الحملات القومية والحقول الإرشادية والمدارس الحقلية والارشاد الرقمى لتوصيل نتائج الابحاث العلمية التطبيقية للمزارعين.
زراعة الارز
وأوضح الدكتور علاء خليل مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية أن المعهد مسئول عن انتاج 31 محصولًا حقليًا منها المحاصيل الإستراتيجية مثل " الأرز والذى يحتل مكانة عالية على خريطة الزراعة المصرية فهو محصول استراتيجى واستصلاحى وهام لحماية شمال الدلتا من التسرب المحلى لمياه البحر لافتًا إلى أهميته فى تحقيق الأمن الغذائى خاصة ولا تخلو مائدة مصرية من طبق الارز فهو الداعم الرئيسى لرغيف الخبز وفى بعض المناطق فى شمال الدلتا يعتمد السكان على الارز فى الوجبات الثلاث.
وأضاف خليل أن المعهد ينتج تقاوى المربى والأساس لجميع الأصناف والهجن بما يحقق نسب التغطية المطلوبة للمساحات المستهدفة بالتعاون مع الادارة المركزية لإنتاج التقاوى وشركات القطاع الخاص والتى يقوم المزارعون باستخدامها للحصول على انتاجية عالية لافتا إلى أن المعهد ينتج اكثر من 19 صنفًا من الأرز تم استنباطهم من 14 صنف وهجين يتم انتاجها على نطاق تجارى.
محصول الأرز
وأوضح خليل بأن متوسط إنتاجية الفدان فى مصر تبلغ 4 أطنان كمتوسط عام للجمهورية وهى واحدة من أعلى الانتاجيات عالميًا ولقد تضاعفت تلك الانتاجية خلال العقدين الماضيين فقد كان متوسط انتاج الفدان 2,4 طن الفدان فى أواخر الثمانينيات للأصناف التقليدية مثل جيرة 171 وجيزة 172 والتى كانت تمكث فى الارض قرابة الستة أشهر من الزراعة للحصاد، وبعد انشاء مركز البحوث الزراعية والتدريب فى الأرز بسخا عام 1987 على يد الدكتور محمد سيد البلال والذى أسس كيان متميز يشمل كافة التخصصات ذات العلاقة بالأرز مما كان له أكبر الأثر فى اعتماد الأبحاث والبرامج المشتركة مختلفة التخصصات وبرنامج قومى للأرز والذى أحدث طفرة بإنتاج أصناف قصيرة العمر عالية الإنتاجية مقاومة للاجهادات الحيوية والبيئة مع الاحتفاظ بجودة عالية لحبوب الأرز.
وأكد خليل بأن البرنامج القومى للأرز اعتمد على ادخال مواد وراثية جديدة بالتعاون مع مركز الأرز الدولى بالفلبين وخاصة التراكيب قصيرة العمر وذات جودة عالية ومن ثم ادخال تلك التراكيب فى برامج تربية وطنية لإنتاج اصناف جديدة مختلفة فى الشكل النباتى وذات قدرة انتاجية عالية ومقاومة للامراض والحشرات وذات مرونة عالية فى مواجهة التغيرات المناخية والتى تتصاعد وتيرتها عام ابو الاخر كما أن الظروف الجوية فى فصل الصيف تناسب نبات الارز حيث يحتاج إلى اجواء مشمسة لا غيوم فيها عكس الظروف الجوية فى دول جنوب شرق آسيا.
وأضاف أن نسبة التغطية بتقاوى الارز المعتمدة تبلغ نحو 65% من اجمالى المساحة المنزرعة وتهدف خطة الوزارة إلى تحقيق التغطية الكاملة بالتقاوى المعتمدة والنسب الحالية معقولة حيث أن المحصول ذاتى التلقيح ويواكب احتياجات السوق المحلية، كما أن المعهد على استعداد لزيادة كميات التقاوى حاليًا وهناك طلبات مسبقة للتصدير.
وأشار إلى أن هناك 9 مزارع مصرية افريقية مشتركة تم فيها تقييم الاصناف والهجن المصرية مقارنة بالأصناف المحلية فى تلك الدول وأظهر بعضها تفوقا ملحوظًا، وهناك بعض الطلبات لزراعة الاصناف المصرية فى بعض الدول الافريقية كالسودان وسيراليون والسنغال وغيرها وحتى الان لا يوجد تصدير بكميات كبيرة للتقاوى وإنما على النطاق التجريبى والمعهد لديه الجاهزية الكاملة لانتاج ما يفى بطلبات تصدير التقاوى من الارز وفق خطة مسبقة.
أضاف خليل أن هناك تعاون بين المعهد والعديد من المؤسسات البحثية والعلمية الدولية فى مجال الأرز مثل المعهد الدولى لبحوث الارز بالفلبين والذى يتم التعاون معه منذ عام 1971 ومركز الأرز الأفريقى وهيئة المعونة اليابانية خاصة فى مجال التدريب للدول الافريقية والولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند وغيرها.
وقال إنه بالنسبة للتعاون مع الصين فقد بدأ منذ فترة من خلال برامج تدريبية لشباب الباحثين الموهوبين وآخرها التعاون فى مجال الارز المتحمل للملوحة والقلوية وجارى توقيع مذكرات تفاهم مع الجانب الصينى لتقييم تلك التراكيب الوراثية تحت الظروف المصرية.
وعن نجاح تجربة انتاج أصناف أقل فى استهلاك معدلات مياه الرى أوضح خليل أن الأصناف البلدية القديمة مثل جيزة 171 وجيزة 172 كانت تمكث 6 أشهر فى الأرض وتستهلك كميات كبيرة من المياه، وتعطى انتاجية محدودة 4,2 طن للفدان ونظرًا لتحدى ندرة المياه فى مصر وضرورة الاستفادة القصوى بكل قطرة مياه فقد عكف مربو الأرز على التعامل مع ندرة المياه من خلال 3 محاور رئيسية وهى تقصير فترات النمو للمحصول حيث تم تطوير جميع أصناف الهجن لتصل إلى 118-135 يوما بحد أقصى مما وفر 30% من الاحتياجات المائية للمحصول واستنباط اصناف تتحمل نقص المياه حيث تحتوى على جينات وراثية لتحمل الاجهاد المائى وتطوير ممارسات زراعية توفر فى استخدام المياه مثل الزراعة المباشرة والشال الالى.
أضاف أنه تم تحديد 7 أصناف على الأقل تتحمل تلك الظروف من نقص المياه وهى جيزة 178 وجيزة 179 وهجين مصر1، وسخا سوبر 300 وسخا 104 وسخا 302 و303، ويمكن أن يتم ريها كباقى المحاصيل الصيفية الأخرى مما أدى إلى انخفاض المتوسط العام لاستهلاك المياه للفدان لجميع الاصناف التجارية بينما الاصناف الموفرة السابقة وباستخدام الطرق والتكنولوجيات الحديثة مثل التسوية بالليزر والزراعة المباشرة.
وكشف خليل أن تم تسجيل 4 أصناف جديدة الموسم الماضى وجرى اكثارها هذا الموسم وهى جيزة 183 وسخا سوبر 301 و302 و303، وجارى تسجيل 2 صنف جديد.