أكرم القصاص يكتب: الطب والتربية والتريند.. فى واقعة المستشفى التخصصى

السبت، 24 أغسطس 2024 10:00 ص
أكرم القصاص يكتب: الطب والتربية والتريند.. فى واقعة المستشفى التخصصى أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما نتناول موضوع مشاجرة الفنان والطبيب والمستشفى، فنحن نتناول فى الواقع واحدا من نماذج موجودة بالمجتمع، تتطلب دراسة وبحثا ومناقشة، بعيدا عن الانحيازات الضيقة، أو التعالى المتبادل الذى يكشف عن أمراض اجتماعية أكثر مما يكشف عن قدرات، كما أن الأمر يتعلق برغبة كل طرف فى الفوز بالتريند، بعيدا عن الحق.


فى التعامل مع الموضوع، هناك من انحاز مباشرة لرواية الطبيب وزملائه، واتخذ موقف الهجوم والاتهام للفنان، والفن والفنانين، والعكس صحيح، حيث انحاز فريق آخر للفنان، بل إن المبارزة انتقلت إلى لجان للطرفين شنت كل منها حملة، وهى لجان واضح أن كلا الطرفين يجيد استعمالها، وتضمنت هجوما على الفنان والفن والفنانين، أو حكايات عن التقصير والأطباء وما يجرى فى المستشفيات، مع لهجات تعال وتنمر متبادل كاشفة عن عقد وترسبات كثيرة، بجانب أن السوشيال ميديا غالبا ما تحول الأمر إلى مبارزة يضيع فيها الموضوع الأساسى، وهو حق المواطن فى الحصول على خدمة طبية أمينة، وحق الأطقم الطبية فى العمل بهدوء مع الاحترام لكلا الطرفين.


والواقع أيضا هو أنه من الصعب أن يتوقع أحد إنصافا من مواقع التواصل الاجتماعى، التى تحولت إلى منصات للتهجم والسب والتعامل الفظ، ويغيب عن أكثرها العقل أو المنطق، بل إنها لعبت دورا خلال السنوات الماضية فى نشر الكراهية والتنمر والتعصب، وهناك فصائل نجحت فى إشاعة مشاعر الاغتراب وغياب الانتماء، فى أوساط بعض الشباب المتعلمين جيدا، والمفتقدين فى الوقت ذاته أدنى حدود التربية، أو الثقافة التى تصنع لديهم قناعة أو رضا، بل إنهم غالبا ما يكونون ممزقين بين طموحاتهم ورغباتهم فى الخروج، ما يجعلهم مجرد آلات وليسوا أطباء أو صيادلة يشعرون بالرسالة والأهمية، وهو نوع شائع فى أجيال أصغر نتيجة تعليمهم فى أجواء من الصعب التفرقة فيها بين الطمع والطموح، بجانب أنواع وأشكال من التعالى الاجتماعى غير المبرر، بل وحتى بين التخصصات المختلفة.


المعروف وبعيدا عن هذا الحادث، فإن كل من يتعامل مع قضية الطب والعلاج، يواجه تفاصيل بالفعل تتطلب علاجا، وتراكمات تضاعف من احتمالات الصدام والغضب، تتعلق بطريقة معاملة المرضى عموما، خاصة هؤلاء الذين يذهبون من دون معارف، ومن النادر فى مستشفيات يفترض أنها استثمارية مثل عين شمس التخصصى أن يجد المريض - إلا استثناءات - تعاملا مباشر، وأن يظهر فرد أو طبيب أو تمريض ليسأله عن حالة المريض القادم للطوارئ، بل إن على مرافقيه أن ينبهوا ويسألوا ويلفوا ويدوروا ليجدوا من يستمع لهم، وبعض هذه التفاصيل ترجع إلى غياب نظام أو سيستم للتعامل مع المرضى وأهاليهم، وأحيانا حتى فى المستشفيات الخاصة يحتاج المريض إلى معارف وتدخلات وتوصيات حتى يحصل على الخدمة الأساسية، وهذا فى المستشفيات الخاصة والاستثمارية، وطبعا ينسحب الأمر على المستشفيات عموما العامة والخاصة.


بل يمكن القول إن كثيرا من المستشفيات العامة والمركزية التى يتعرض العاملون فيها لضغوط كبيرة، يمكن أن يجد البعض فيها إنسانية، وروح حكمة أكثر من غيرها، بجانب نقص فكرة القدوة، وشيوع النوع الطماع، وتراجع النموذج الإنسانى لحكماء وأطباء كبار لا يسعون للمال، بالطبع هناك تراكمات تتطلب الكثير من الجهد، يتعلق أغلبها بالأخلاق والتربية وليس فقط التعليم.


إن القيم التى يمثلها نموذج الدكتور مجدى يعقوب، أو الدكتور محمد غنيم، وأمثالهما من الأطباء الحكماء الكبار، أو الأطباء المثقفين وليس فقط المتعلمين، تتناقض مع نماذج أخرى تنتسب للطب، همها الأول مضاعفة أسعار الكشف، والتهرب من الضرائب، وهى أمور يعرفها كثيرون، ولا توجد فقط فى الطب لكن فى كثير من المهن، حيث يغيب الاحترام والتسامح، ويسود التنمر والعدوان، ويجعل كل موقف قابلا للاشتعال.
الواقع أن حادث الطبيب والمستشفى والفنان، يمثل نموذجا لانعكاسات وانحيازات، وتسرعا فى الحكم على وقائع، ويتطلب الحكم عليها رؤيتها من كل الزوايا، لأنها تتعلق بحق المريض أولا وليس غيره.


مقال أكرم القصاص فى اليوم السابع

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة