خالد إبراهيم يكتب: هشام نزيه.. مُسافر بين "عوالم السحر" عبر الموسيقى

السبت، 24 أغسطس 2024 06:00 م
خالد إبراهيم يكتب: هشام نزيه.. مُسافر بين "عوالم السحر" عبر الموسيقى هشام نزيه
خالد إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أحد تعريفات «نشوة الموسيقى»، أنها حالة من السرور أو البهجة التى تصيب الشخص الذى تسحره الموسيقى وتؤدى به إلى نوع من النشوة المختلفة غير الاعتيادية، بل إنها قد تصل إلى درجة أنك ترى الموسيقى بعينيك، والوصف ينطبق على موسيقى هشام نزيه، صاحب البصمة المختلفة فى كثير من تترات الأعمال الدرامية والسينمائية، وموسيقاها التصويرية، حتى أصبح «براند» له وزنه بين فئات عريضة من الشباب العربى، والذين أصابهم هشام بسحر ألحانه الفريد.

وموسيقى هشام نزيه تملك قدرة عجيبة على الذهاب بمستمعيه إلى عوالم سحرية وغرائبية معا، وكذا قدرته على النفاذ داخل المعانى والمضامين حتى يصيب هدفه بدقة مدهشة.

وبالطبع، لا يسير هشام وحده فى رحلته الغرائبية، فهو يحتاج إلى قصة محكمة، ومخرج «حريف» ليصل المعنى كاملا متكاملا للمتلقى، لكن هشام اختار منذ انطلاقته، أن يخوض الرحلة فى مسارات لم تطأها قدم من قبل، وهذا ليس على سبيل الاختلاف والتفرد فحسب، ولكنه فى أغلب الظن، استسلام محسوب للإحساس الدفين بداخله، بشرط أن يندمج ويتفاعل مع مضمون القصة وفلسفتها.

لذا يرسم هشام نزيه الموسيقى بعناية مدهشة، حتى تبدو التفاصيل واضحة تماما للمستمع، وتدخل فى حالة من التماهى مع أحداث العمل، والمثال الأبرز والأوضح والأكثر شهرة وجماهيرية هو مسلسل «السبع وصايا» والذى أنتج عام 2014، وكتبه محمد أمين راضى وأخرجه خالد مرعى.

سافر هشام نزيه خلال المسلسل إلى عالم جديد تمثل فى أشعار الصوفى محى الدين ابن عربي، والذى استغل كلماته الغريبة على الأذن المصرية، وقدم «تتر» المسلسل الذى ما زال حتى الآن علامة فارقة فى تاريخ مقدمات المسلسلات، فقد كان مناسبا للغاية لأحداث المسلسل المتسمة بالغموض الشديد، فى شكل أقرب إلى الأساطير، ولكنها أسطورة واقعية.

يقول هشام نزيه أن دراسته للهندسة لا علاقة لها اطلاقا بالموسيقى، وهذا غير صحيح، فالبناء الموسيقى فى أعمال هشام نزيه «مُشيد» بطريقة دقيقة توازى دقة البناء فى الهندسة، وهو ما يتجلى فى «الحضرات» التى ألفها هشام موسيقيا فى «السبع وصايا»، والتى كانت أشهرها، «بكت عينى غداة الدمع دمعاً.. وأخرى بالبكا بخلت علينا.. فعاتبت التى بخلت علينا.. بأن غمضتها يوم التقينا».

ويضيف نزيه عن معنى الموسيقى، وسبب اختياره لها بهذه الصورة وتلك الكيفية: «فكرة الموسيقى هى «الإفراط فى الاعتقاد» وهى نفس فكرة المسلسل»، وهنا نجح هشام فى الغوص داخل أعمال نفس الإنسان المفرط فى اعتقاده.

وفى العام التالى، قدم هشام نزيه موسيقى مختلفة تماما عن «السبع وصايا»، وذلك خلال مسلسل «العهد»، الذى استعان فيه بألحان قبطية، مصرية، كان موضوعها الأهم والأبرز، هو ذلك الصراع بين الخير والشر، فالكلمات غير مفهومة ولكنها مألوفة ومؤثرة فى آن واحد.

العجيب فى موسيقى هشام نزيه، هو ذلك المزج المدهش بين مسار العمل الفنى، وبصمته الشخصية فى الموسيقى التصويرية، وهو ما يتجلى فى فيلم إبراهيم الأبيض، فرغم عنف الفيلم وقسوته، بل وربما دمويته، جاءت الموسيقى فى غاية الرقة والنعومة، وكأنها صنعت خصيصا لعمل رومانسى، وهذا ليس تناقضا على الإطلاق، فالحياة القاسية على بطل الفيلم «إبراهيم» لم تخل من رومانسية تمثلت فى علاقته بحورية، لكن الموسيقى كانت أكثر صدقا وتعبيرا من الكاميرا ومن الحوار، فى تجسيد تلك الحياة الرغدة الجميلة التى يتمناها البطل برفقة حبيبته، التى تتجسد له كل يوم فى خيالاته، مقاوما ألم البعد عنها، أو بمعنى آخر مختصرا هذا الألم، فالموسيقى كشفت الوجه الآخر لإبراهيم.

تطول القائمة التى قدمها هشام نزيه للسينما أو للدراما، أو حتى حفلته الاستثنائية فى «موكب المومياوات»، لكن لا بد من الإشارة إلى واحد من أفضل أعماله على الإطلاق وهو مسلسل «أفراح القبة»، التى تعاون فيه فنانون شديدى الإبداع، قاموا بتحويل رواية صغيرة لنجيب محفوظ إلى تحفة درامية، ثم جاءت بصمة هشام فى موسيقى العمل التصويرية، وترجمته لمشاعر الألم والندم والحسرة والضياع والانكسار فى مجموعة من المقطوعات التى أطلق على كل واحدة منها اسمها المميز، من بينها «لا أنتمى إلى الحياة»، و«اللعنة على الماضى والحاضر»، و«الشك يقتلنى من جذورى»، و«ما أسعد من لا يضيع خفقان قلبه فى العدم».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة