سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 أغسطس 1967.. نيجيريا تستغيث بمصر لمواجهة خطر انفصال إقليم «بيافرا» وعبدالناصر يجتمع مع محمد فائق لمناقشة طلبها ويقرر تقديم المساعدة

الأحد، 25 أغسطس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 أغسطس 1967.. نيجيريا تستغيث بمصر لمواجهة خطر انفصال إقليم «بيافرا» وعبدالناصر يجتمع مع محمد فائق لمناقشة طلبها ويقرر تقديم المساعدة جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تسلم الرئيس جمال عبد الناصر رسالة من الكولونيل «جوان»، رئيس حكومة نيجيريا الفيدرالية، فى أغسطس 1967، يعرض فيها خطر غارات الحركة الانفصالية لإقليم بيافرا على العاصمة لاجوس يوميا، وأنه حصل على طائرات «ميج 17» من الاتحاد السوفيتى لكنه لا يجد طيارين يعملون عليها، ولأنه يعرف ظروف مصر العسكرية الصعبة وأنها تحتاج إلى كل مقاتل، فهو يرجو عبد الناصر أن يستخدم نفوذه لإقناع الرئيس الجزائرى هوارى بومدين ليمده بطيارين مدربين على «ميج 17»، وفقا لمحمد فائق فى كتابه «عبدالناصر والثورة الأفريقية».


كان «فائق» مهندس اتصال عبدالناصر بأفريقيا منذ أن أسند إليه دائرة الشئون الأفريقية برئاسة الجمهورية فى خمسينيات القرن الماضى، وكانت الحرب الأهلية مشتعلة فى نيجيريا منذ إعلان الكولونيل «أجوكو»، حاكم إقليم شرق نيجيريا استقلال الإقليم باسم «جمهورية بيافرا» يوم 30 مايو 1967.


ويؤكد «فائق» أن انفصال بيافرا كان يعنى تمزيق نيجيريا تمامًا، وبتشجيع أمريكا للسيطرة على منابع البترول فيه، وكانت المؤسسات الأوروبية والأمريكية ذات المصالح فى المنطقة تمول التسليح وتسهل وصول الأسلحة إلى الإقليم، ويكشف «فائق»: «توفرت لدينا معلومات بتدفق الأسلحة الإسرائيلية إلى بيافرا، لمصلحة إسرائيل فى تفتيت نيجيريا التى تضم أكبر تجمع إسلامى فى أفريقيا، كما كانت لها استثمارات فى نيجيريا، وتطمع لوضع مميز فى الدولة الجديدة الغنية».


اجتمع عبدالناصر مع فائق لمناقشة الرسالة فى 25 أغسطس «مثل هذا اليوم» 1967، ويذكر «فائق» أن عبد الناصر قال له، إنه يعرف جيدًا أن الحكومة فى نيجيريا لن تحصل على طيارين من الجزائر أوأى مكان آخر، فإرسال طيارين أمر يختلف كثيرًا عن إرسال معدات عسكرية، وإنه لا يريد أن يلقى الحكم فى نيجيريا نفس الصدمة التى لقيناها فى مصر، لأن هذا الحكم قد يضعف أمام صدمة مماثلة فيذعن لقوى الانفصال والقوى المحركة له، وهذا ما تريده أمريكا، وقال عبد الناصر بحسم : «لا نريد أن تنتكس أفريقيا بما حدث لنا فى يونيو 1967، يجب أن يكون هذا أساسًا واضحًا فى استراتيجيتنا».


يعلق «فائق» أن هذا التوجه الحاسم جاء بالرغم من مرور أسابيع قليلة على هزيمة 5 يونيو 1967، وفى وقت نستعد فيه لحرب الاستنزاف، وتهيئة الجيش لتحرير أرض مصر المحتلة، ويضيف: «كان استقلال بيافرا بهذه الطريقة هو خلق كيان جديد فى هذه المنطقة يلعب دورًا مماثلًا لدور إسرائيل فى الشرق الأوسط، ولهذه الاعتبارات قرر عبدالناصر مساعدة الحكومة الفيدرالية للإبقاء على وحدة نيجيريا»، ويكشف: «نظرًا لأن الظروف وقتها لم تكن تسمح للقوات الجوية المصرية بالاستغناء عن أى طيار مقاتل، كلفنى عبدالناصر بأن يكون ذلك من الطيارين الذين تركوا الخدمة لأى أسباب».


يكشف «فائق» أنه ومن خلال مكتب الشئون الأفريقية برئاسة الجمهورية خاطب القوات المسلحة لمعرفة أماكن الطيارين الذين تركوا الخدمة، وبدأ فى استدعائهم، واتفق مع السلطات النيجيرية على أن يكون التعاقد معهم فرديا، لتجنب أى تعقيدات، لكن الحكومة المصرية تكلفهم وتنظم هذا التعاقد وتستدعى منهم من تريد.


يتذكر «فائق» لقائه مع الدفعة الأولى من الطيارين الذين كلفهم بهذه المهمة، قائلا: «تركز اهتمامهم كله على معرفة مدى تأثير نتائج هذه الحرب النيجيرية علينا، وأهميتها بالنسبة لمعركتنا الأساسية مع إسرائيل، دون أن يسأل أحد عن المرتب أو المكافأة والامتيازات التى سيحصل عليها، ووصلت الدفعة الأولى بقيادة المقدم الطلاوى، وبعد الوصول قام الطيارون بالطيران »الواطى» بطائرات الميج فى سماء لاجوس، فاستقبل سكانها هذه الطائرات بالفرح بعد الرعب الذى كانوا يعيشون فيه من الغارات عليهم».


يؤكد فائق: «زاد عدد الطيارين المصريين فى نيجيريا بتقدم الحرب، وتم إنشاء كلية طيران فى لاجوس لتدريب الضباط النيجيريين، وكذلك أطقم الصيانة والخدمة الأرضية والاتصال اللاسلكى، ولم تتحمل مصر أى عبء مادى، فالحكومة النيجيرية كانت تدفع ثمن المعدات التى تحصل عليها بالعملات الصعبة، وفى أغلبها قطع غيار وطائرات تستغنى عنها مصر وذخيرة وقنابل طائرات، ومعدات سهل تعويضها من الاتحاد السوفيتى، وكان الثمن يدفع فور الاستلام لحساب وزارة الحربية المصرية التى تستخدم هذه الحصيلة فى شراء مستلزمات من الأسواق الأوروبية تحتاج للعملة الصعبة مثل المدرعة التى تنتجها مصر وتشترى جنازيرها من أسبانيا، ودفعت نيجيريا أجور ومرتبات جميع الطيارين والفنيين المصريين، وأجر النقل الجوى الذى كانت تستلزمه عمليات الاستعواض السريعة، وكل ذلك بالعملة الصعبة».


يذكر فائق: «ترتب على موقف مصر أن أصبحت نيجيريا مؤيدة للقضية الفلسطينية والحقوق العربية فى جميع المحافل الدولية، وبعد انتصار الحكومة الفيدرالية واستعادة نيجيريا لوحدتها، كانت القاهرة أول عاصمة يزورها الرئيس النيجيرى جوان فى سبتمبر 1970، وأبدى رغبته فى رفع معدلات العلاقات الاقتصادية بين البلدين».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة