أكد الدكتور علاء سرحان، أستاذ التغيرات المناخية واقتصاديات البيئة، أن الحروب والنزاعات المسلحة تؤثر بشكل كبير على تغير المناخ بطرق مباشرة وغير مباشرة، حيث يؤدى التفاعل بين النزاع وتغير المناخ إلى خلق حلقة مفرغة، ويمكن لكل منهما أن يزيد من تفاقم الآخر.
وقال أستاذ التغيرات المناخية واقتصاديات البيئة، لـ"اليوم السابع"، إن الحروب والنزاعات بالحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية، تتسبب فى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، خاصة أن العمليات العسكرية تتسبب فى استهلاك الآليات الحربية مثل الدبابات والطائرات والسفن كميات هائلة من الوقود الأحفورى، مما يؤدى إلى انبعاثات كبيرة من الغازات الدفيئة، موضحا أن القطاع العسكرى العالمى مساهمًا كبيرًا فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، مما يزيد من تفاقم تغير المناخ.
وأشار إلى أن الحروب تتسبب فى تدمير مصارف الكربون، لأنه فى الغالب ما تؤدى النزاعات المسلحة إلى تدمير الغابات والأراضى الرطبة وغيرها من النظم البيئية التى تعمل كمصارف للكربون، كما يؤدى إزالة الغابات وتدمير المواطن الطبيعية إلى إطلاق الكربون المخزن فى الغلاف الجوى، مما يساهم فى زيادة الاحتباس الحراري.
وأوضح علاء سرحان، أن الحروب تؤدى لتعطيل جهود التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، حيث تؤدى تلك النزاعات المسلحة إلى توقف المبادرات المناخية لأنه فى مناطق النزاع، غالبًا ما تصبح إجراءات المناخ أولوية ثانوية وتركز الحكومات على القضايا الأمنية الفورية، ويمكن أن يؤدى ذلك إلى وقف أو تقليص برامج التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، مثل مشاريع الطاقة المتجددة أو جهود إعادة التحريج، بجانب إضعاف الحوكمة المناخية لأنه يمكن أن تؤدى النزاعات المسلحة إلى إضعاف المؤسسات الوطنية والمحلية المسؤولة عن العمل المناخى، مما يؤدى إلى ضعف تنفيذ القوانين البيئية وانخفاض القدرة على تنفيذ الاستراتيجيات المناخية.
وأشار إلى أن الحروب تتسبب فى تدهور البيئة وندرة الموارد، لأن تدمير البنية التحتية مثل محطات الطاقة وأنظمة المياه والمرافق الزراعية، يؤدى إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الأقل كفاءة والأكثر تلوثًا، وممارسات استخدام الأراضى غير المستدامة، بجانب تتسبب الحروب فى الإفراط فى استغلال الموارد لأنه غالبًا ما تدفع النزاعات إلى الإفراط فى استغلال الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضى والمعادن، ويتم تحويل هذه الموارد لدعم جهود الحرب، ويمكن أن يؤدى هذا الاستخدام المفرط إلى تفاقم المشكلات المتعلقة بتغير المناخ مثل التصحر وتآكل التربة وندرة المياه.
ولفت أستاذ التغيرات المناخية واقتصاديات البيئة، إلى أن الحروب تؤدى لتزايد ظاهرة الهجرة القسرية والتوسع العمرانى، من خلال ظاهرة اللاجئون بسبب المناخ، حيث يمكن أن تؤدى النزاعات المسلحة إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، وغالبًا ما ينتقلون إلى مناطق تتأثر بالفعل بتغير المناخ، ويمكن أن تؤدى هذه التحركات الجماعية إلى زيادة الضغط على الموارد والبنية التحتية المحلية، مما يؤدى إلى تدهور البيئة وزيادة الانبعاثات من المناطق الحضرية المكتظة، بجانب التوسع العمرانى، لأن تدفق السكان النازحين إلى المناطق الحضرية يؤدى إلى توسع حضرى سريع وغير مخطط له، مما يؤدى إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة بسبب زيادة الطلب على الطاقة، وتوليد النفايات، وإزالة الغابات لتوفير الأراضى السكنية.
وأوضح أن الحروب تتسبب فى زيادة التعرض لآثار المناخ، نتيجة تفاقم نقاط الضعف، لأنه غالبًا ما تواجه المناطق المتأثرة بالنزاعات نقاط ضعف متعددة حيث تؤدى آثار تغير المناخ مثل الظواهر الجوية المتطرفة والجفاف والفيضانات إلى تفاقم تحديات النزاع، وقد تفتقر هذه المناطق إلى الموارد والبنية التحتية اللازمة للاستجابة بشكل فعال للكوارث المتعلقة بالمناخ، مما يؤدى إلى زيادة معاناة الإنسان وتضرر البيئة.
وأشار إلى أن النزاعات المسلحة تؤدى لتعطيل الأنظمة الزراعية، حيث يمكن أن تدمر النزاعات المسلحة الأنظمة الزراعية، مما يجعل من الصعب على المجتمعات التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، ويؤدى فقدان المحاصيل والماشية والمعرفة الزراعية إلى تقليل القدرة على الصمود أمام تغير المناخ وزيادة انعدام الأمن الغذائي.
وأكد علاء سرحان، أن هناك أضرار بيئية طويلة الأمد تتسبب فيها الحروب مثل التدهور البيئى المستمر، ويمكن أن تكون الأضرار البيئية الناجمة عن النزاعات طويلة الأمد، مما يؤثر على النظم البيئية والمناخ على المدى البعيد، متابعا :"على سبيل المثال، يمكن أن يقلل تدهور الأراضى والتلوث وفقدان التنوع البيولوجى من قدرة الأرض على امتصاص الكربون ويزيد من حدة القضايا المتعلقة بتغير المناخ مع مرور الوقت".
وأشار إلى أن الحروب تؤدى لتأخر الانتعاش والتكيف لأنه غالبًا ما يتم إغفال استعادة البيئة فى عمليات ما بعد النزاع، وهى عنصر حاسم فى بناء القدرة على الصمود أمام تغير المناخ، ويمكن أن يؤدى التأخر فى معالجة الأضرار البيئية إلى عرقلة جهود التكيف مع المناخ المتغير، مما يترك المجتمعات أكثر عرضة للآثار المستقبلية، بالإضافة إلى تعطيل التعاون العالمى بشأن المناخ، لأن النزاعات المسلحة تؤدى إلى توتر العلاقات الدولية وإعاقة التعاون العالمى بشأن تغير المناخ، وقد تكون الدول المشاركة فى النزاعات أقل استعدادًا أو قدرة على المشاركة فى الاتفاقيات المناخية الدولية أو المساهمة فى مبادرات تمويل المناخ العالمى، بجانب أنه غالبًا ما يتم تحويل الموارد التى يمكن تخصيصها للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه إلى الإنفاق العسكرى خلال النزاعات، ويمكن أن يؤدى هذا التحول فى الأولويات إلى إبطاء الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.
وأوضح علاء سرحان، أن من بين الظاهر التى تتسبب فيها الحروب مثل الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، هو تغير المناخ كمحفز للنزاعات، حيث يمكن أن يؤدى تغير المناخ إلى تفاقم ندرة الموارد، مما يؤدى إلى نزاعات على المياه والأراضى والغذاء، ويمكن أن تؤدى هذه النزاعات بدورها إلى تدهور البيئة بشكل أكبر والمساهمة فى تغير المناخ، مما يخلق حلقة من عدم الاستقرار والتدهور البيئى، كما يمكن أن تؤدى الهجرة الناجمة عن تغير المناخ إلى توترات ونزاعات فى المناطق المستقبلة، حيث تتنافس المجتمعات على الموارد المحدودة. ويمكن أن تؤدى هذه النزاعات إلى مزيد من الأضرار البيئية وتعيق الجهود المبذولة لمعالجة تغير المناخ.
وأشار إلى أن الحروب والنزاعات المسلحة تؤثر بشكل كبير على تغير المناخ من خلال زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعطيل العمل المناخى، وتفاقم تدهور البيئة، وزيادة نقاط الضعف فى المناطق المتأثرة. ويتطلب التعامل مع التقاطع بين النزاع وتغير المناخ اتباع نهج متكامل يأخذ فى الاعتبار بناء السلام والقدرة على الصمود أمام تغير المناخ لكسر حلقة النزاع والتدهور البيئي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة