تشكل ظاهرة الاحتباس الحرارى واحدة من أهم وأخطر الظواهر التي تهدد الكوكب، لذلك تحظى باهتمام عالمى بالغ، في محاولة لاحتواء الزمة وضمان عدم تفاقمها، خاصة بعد التحذيرات الأممية المتزايدة، خاصة أن خدمة المناخ في الاتحاد الأوروبي قد أعلنت فبراير الماضى، أن ظاهرة الاحتباس الحرارى قد تجاوزت 1.5 درجة مئوية على مدار عام كامل للمرة الأولى.
وفى سبيل مواجهة الظاهرة وللحد من مخاطرها، تجرى العديد من المحاولات والتجارب للسيطرة على انبعاثات غاز الميثان، وآخرها، استعداد باحثون في الهندسة الوراثية، للتعرف على كيفية التعامل مع الميكروبات في معدة البقر للقضاء على انبعاثات الميثان، وهو ما قد يساعد في تغيير مسار الاحتباس الحراري العالمي، وفقا لموقع الحرة الأمريكي.
وخلال التجربة التي بدأت بعجل صغير "سوشى" عمره أربع أسابيع، بدأ الباحثين في كلية ديفيس في جامعة كاليفورنيا ومعهد الجينوم المبتكر، بالدفعة الأولى من تجربة قد تستغرق عدة سنوات، بتكلفة 30 مليون دولار أمريكى، وتستهدف التجربة تغيير التركيب الداخلي لمعدة البقرة.
"أمعاء الأبقار" تنتج غاز الميثان
أهمية التجربة تأتى من كون الأبقار موجودة بأعداد ضخمة، ويوجد حوالى ما يقرب من 1.5 مليار بقرة تنتج كميات ضخمة من غاز الميثان، وهو غاز دفئ مسئول عن 30% من الاحتباس الحرارى العالمى، ويستهدف الباحثين، تغيير تركيبة معدة "العجل الصغير"، بحيث لا يطلق نفس كميات غاز الميثان، وهو ما يجعلها فكرة فريدة من نوعها.
ويتم النظر على أن نظام الأبقار بأنه معجزة، فيمكن للأبقار تناول فضلات منتجات مثل قشور اللوز والذرة وحتى نشارة الخشب، بجانب طعامها التقليدي من الذرة والبرسيم والأعشاب، ونظامها يسمح لها بالتعامل مع كل هذه المواد، إذ يقوم ميكروبيوم غني في أكبر حجرة من حجراتها المعوية الأربعة والمعروفة باسم "الكرش"، بتفكيك هذه المواد الغذائية وتحويلها إلى طاقة قابلة للاستخدام، إلا أن "الكرش له جانب مظلم"، إذ يستضيف كائنات حية وحيدة الخلية تسمى الأركيا، والتي تحلل الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، وتنتج غاز الميثان.
الأبقار مسئولة عن 4% من الاحتباس العالمى
تتجشأ البقرة الميثان في الغلاف الجوي، وتنتج البقرة المتوسطة حوالي 220 رطلاً من الميثان سنويا، أو حوالي نصف انبعاثات السيارة المتوسطة، وهى مسئولة عن حوالى 4% من الاحتباس العالمى، وفقا لأرقام منظمة الأغذية والزراعة.
ويمكن أن تؤدي إضافة الأعشاب البحرية أو الزعتر أو الثوم إلى وجبات الأبقار إلى خفض انبعاثات الميثان، في بعض الأحيان بنسبة تصل إلى 80 في المئة، إلا أنه لا يمكن الاعتماد على هذا الحل بشكل كامل، خاصة أن معظم الماشية المنتجة للحوم، تتجول بحرية في المراعي، وتعيش على العشب والأعلاف.
ولذلك، يتصور العلماء نوعا من حبوب البروبيوتيك، التي تُعطى للبقرة عند الولادة، والتي يمكنها تحويل الميكروبيوم الخاص بها بشكل دائم، والتجربة الحالية تستهدف الميكروبيوم نفسه، وليس نوعا محددا من الأبقار.
وعلى الرغم من اعتماد البشرية على الأبقار، حيث تنتج نحو 76 مليون طن من لحم البقر و930 مليون طن من الحليب في العام، فإن العمليات الداخلية لأكبر حجرة في معدة البقرة لا تزال لغزا إلى حد كبير، ولذلك، لن يكون من السهل تغيير ذلك لأن النظام معقد.
ويعتمد الباحثون، خلال دراستهم، على تتبع تجشؤات الأبقار لتقييم الانخفاض في انبعاثات الميثان.
الاحتباس الحرارى
وتغير المناخ، هو التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، ويمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، وفقا للموقع الرسمي للأمم المتحدة.
حرق الوقود الأحفوري، يتسبب فى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
تشمل غازات الدفيئة الرئيسية التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان، تأتي هذه من استخدام البنزين لقيادة السيارة أو الفحم لتدفئة مبنى، على سبيل المثال.
يمكن أن يؤدي تطهير الأراضي وقطع الغابات أيضًا إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وتعتبر عمليات الزراعة والنفط والغاز من المصادر الرئيسية لانبعاثات غاز الميثان، كما تعد الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين القطاعات الرئيسية المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة