تحل هذه الأيام الذكرى السنوية لرحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ، الذي رحل عن عالمنا في 30 أغسطس 2006، وطيلة سنوات إبداعه، كان محفوظ ملتزماً بالتجريب والابتكار في الشكل والمضمون الأدبيين، نستعرض فيما يلي أبرز تجاربه:
التجريب في الشكل
في ثلاثيته الشهيرة "بين القصرين"، "قصر الشوق"، و"السكرية"، أبدع نجيب محفوظ نمطاً سردياً يعتمد على تتبع حياة عائلة عبر أجيال متعاقبة، مما أضفى طابعاً ملحمياً على الرواية وأتاح استكشاف تطور المجتمع المصري عبر الزمن.
في روايته "أولاد حارتنا"، استخدم محفوظ تعددية الأصوات الروائية لتقديم وجهات نظر متعددة، مما أضاف بُعداً ديناميكياً للأحداث والشخصيات وساهم في تعميق التجربة الروائية.
في "الكرنك"، قدّم محفوظ السرد من خلال مجموعة متنوعة من الشخصيات التي تسرد تجاربها الشخصية في إطار عام، ما يعكس تباين الرؤى والتجارب داخل المجتمع المصري في فترة معينة، ويعزز فهم القارئ للأحداث من زوايا متعددة.
في "حديث الصباح والمساء"، رتب محفوظ شخصيات الرواية بطريقة معجمية حسب الحروف، مما أضفى طابعاً حداثياً على الرواية وفتح آفاقاً جديدة في تشكيل الرواية.
التجريب في المضمون
ناقش نجيب محفوظ مواضيع هامة تتعلق بالتاريخ المصري القديم في ثلاثيته التاريخية، بالإضافة إلى تناوله لقضايا الصراع الطبقي والفساد المجتمعي في روايات مثل "خان الخليلي" و"السمان والخريف".
في "ملحمة الحرافيش"، استكشف محفوظ مفاهيم فلسفية وميتافيزيقية تتعلق بالعدالة والقدر والخلاص، مما أضاف بُعداً تأملياً وعميقاً للرواية.
وفي روايته "أمام العرش" قدم نجيب محفوظ، صورة مختلفة لتناول التاريخ المصري، من خلال تخيل محاكمة مقدسة تقف أمامها أهم الشخصيات في التاريخ المصري منذ مينا إلى الرئيس السادات.
في "اللص والكلاب"، قدم محفوظ صورة حية لمجتمع القاهرة في فترة معينة، مستخدماً لغة سردية تسلط الضوء على الجوانب النفسية للشخصيات، مما يعزز الواقعية والتأثير العاطفي للرواية.
وبالمجمل حرص نجيب محفوظ في كل أعماله على أن يكون بها درجة من التجريب، الذي يؤكد محبته للفن، وإيمانه بأن الإبداع يتطلب التجديد الدائم.