سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أغسطس 1958.. إحسان عبدالقدوس يبدأ فى نشر مجموعته «البنات والصيف» ويرد على انتقادها من عبدالناصر بكتابة رسالة إليه

الأربعاء، 28 أغسطس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 28 أغسطس 1958.. إحسان عبدالقدوس يبدأ فى نشر مجموعته «البنات والصيف» ويرد على انتقادها من عبدالناصر بكتابة رسالة إليه إحسان عبدالقدوس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نشر إحسان عبدالقدوس مجموعته القصصية «البنات والصيف» فى مجلة «صباح الخير» أسبوعيا بدءا من 28 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1958، وتحولت لفيلم سينمائى بطولة عبدالحليم حافظ وسعاد حسنى عام 1960، ويذكر الكاتب محمد شعير فى كتابه «أولاد حارتنا سيرة الرواية المحرمة» أن الكاتب محمد حسنين هيكل أبلغ إحسان غضب عبدالناصر منها، فرد برسالة إليه.

نشر إحسان رسالته فى مقدمة مجموعته القصصية «آسف لم أعد أستطيع»، ويكشف أنه لا يدرى إن كان أرسلها إلى عبدالناصر أم احتفظ بها فى درج النسيان؟، ويبدأها بتحية حب وشوق للرئيس، ثم يقول: «أبلغنى الصديق الأستاذ هيكل رأى سيادتكم فى مجموعة القصص التى نشرتها أخيرا بعنوان «البنات والصيف»، وسبق أن أبلغنى نفس الرأى السيد حسن صبرى الخولى، مدير الرقابة، واتفقت معه على تعديل الاتجاه الذى تسير فيه قصصى، ورغم ذلك فإنى أريد أن أشرح لسيادتكم دوافع وهدف كتابة قصصى لا دفاعا عن نفسى، بل لأكون أبلغتكم رأيى».

يضيف: «أنا لا أكتب هذه القصص بدافع الربح المادى، فما زلت أقل كتاب القصص ربحا، ولا بدافع رفع توزيع المجلة، فقد كنت أكتب هذه القصص فى وقت لم تكن المجلة فى حاجة لرفع توزيعها، وقبل الثورة «1952» عندما كنت أكتب فى قضية الأسلحة الفاسدة وأثير حملاتى على النظام القائم، وكان عدد «روز اليوسف» الواحد يباع بعشرين قرشا، كنت أكتب قصة «النظارة السوداء» وأنشرها مسلسلة، وهى تصور مجتمع المتمصرين تصويرا صريحا جريئا، وإذا كان رفع توزيع المجلة يعتمد على نشر القصص المسلسلة، فإن القصص الاجتماعية الصريحة ليست وحدها ترفع التوزيع، وسبق أن نشرت فى «روز اليوسف» قصة «فى بيتنا رجل» وهى وطنية خالصة ليست فيها مشكلة حب ولا مشكلة جنس، ورغم ذلك رفعت توزيع المجلة، أكثر مما رفعته قصة «لا أنام» مثلا التى تدور حول مشكلة عاطفية».

يوضح «إحسان» أنه لا يتعمد اختيار نوع أو اتجاه معين من القصص، وإنما يبدأ بالتفكير ودراسة عيوب المجتمع والعقد النفسية التى يعانيها الناس، وعندما ينتهى يسجل دراسته فى قصة، ويؤكد: «كل القصص التى كتبتها كانت دراسة صادقة جريئة لعيوب مجتمعنا قد يجهلها البعض ولكن الكثيرين يعرفونها، وتحتاج لجرأة الكاتب حتى يتحمل مسؤولية مواجهة الناس بها، ومنذ سنين عديدة وجدت فى نفسى الجرأة لتحمل هذه المسؤولية».

يذكر إحسان، أن هدفه من إبراز هذه العيوب هو أن يحس الناس بأن أخطاءهم ليست فردية، بل أخطاء مجتمع كامل، ولها أسبابها وظروفها داخل المجتمع، ونشرها سيؤدى بهم إلى الاقتناع بضرورة التعاون على وضع تقاليد جديدة لمجتمعنا تتسع للتطور الكبير الذى نجتازه، وتحمى أبناءنا وبناتنا من الأخطاء التى يتعرضون لها نتيجة هذا التطور، وهذا هو الهدف الذى حققته قصصه.

يضيف: «إن ما أراه يا سيدى الرئيس فى مجتمعنا لشىء مخيف، إن الانحلال والأخطاء والحيرة والضحايا لم يعد مقصورا على طبقة واحدة من طبقات المجتمع بل امتد إلى كل الطبقات، وحتى الطبقة الثورية بدأ الجيل الجديد منها ينجذب إلى مجتمع الخطايا، وأصبحت البيوت المستقرة التى تقوم على الخلق القوى، والتقاليد القوية، لا تمثل مجتمعنا بل تمثل حالات فردية متناثرة هنا وهناك».

يعتقد «إحسان» سواء خطأ أم صوابا أن قصصه تؤدى دورا فى التمهيد لإصلاح المجتمع بتجسيم عيوبه، ويكشف: «لعل سيادتكم تذكر أنى جادلتكم كثيرا عن الدور الكبير الذى يمكن أن يؤديه الأدب القصصى، وساهمت تحت رعايتكم بمجهود كبير فى تنشيط الحياة الأدبية فى مصر سواء بتجميع الأدباء والكتاب فى الهيئات الأدبية المختلفة أو برفع مستوى كاتب القصة المادى والأدبى، ولم يكن لى أى مكسب شخصى من وراء هذه الجهود، ولم أحقق فعلا كسبا أدبيا ولا ماديا، بل إن دار روز اليوسف خسرت ثلاثة آلاف جنيه فى مشروع الكتاب الذهبى نتيجة نشر قصص الناشئين، لم يكن لى غرض إلا الجرى وراء إيمانى». 

يثير إحسان قضية أخرى، قائلا: «يبقى بعد هذا ما حدثنى به الزميل هيكل عن دعوة الإلحاد بصحف دار روزاليوسف بالمقالات التى ينشرها مصطفى محمود، وأوقفت نشر مقالاته الخاصة ببحث فلسفة الدين، ورغم ذلك أعتقد أن ديننا طغت عليه كثير من الخزعبلات والأتربة، والتفسيرات السخيفة التى يقصد بها بعض رجال الدين إبقاء الناس فى ظلام عقلى حتى يسهل عليهم، أى على رجال الدين، استغلال الناس والسيطرة عليهم، فى حين أنه لو تطهر الدين من هذه الخزعبلات، ونفضنا عنه هذه الأتربة لصح ديننا، وصحت عقولنا ونفوسنا، وسهل على قيادتكم أن تسير بالشعب فى الطريق الذى رسمته له.

ومن أجل هذا بدأت منذ زمن طويل أنشر فى روز اليوسف مقالات تبحث فى الدين، دعوت إليها فريقا من رجال الدين المتحررين، وكتابا أعتقد أنهم درسوا وقرأوا إلى الحد الذى يتيح لهم الكتابة فى الدين.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة