قال البروفيسور مناحيم هوفنونج الذى يدرس فى قسم العلوم السياسية فى الجامعة العبرية أن هناك انقلابا دينيا يجرى فى إسرائيل منذ بداية العام الماضى، "حيث تحاول الأحزاب الدينية فرض تشريعات ومظاهر خاصة بها قد تغير طابع الدولة خلال فترة قصيرة".
وفى مقال فى صحيفة "إسرائيل اليوم" قال هوفنونج "حتى ولو لم تتفق مكونات الائتلاف الحاكم على جميع إجراءات الانقلاب الديني، فإن هذه الإجراءات تهدف جميعها إلى هدف واضح، وهو تحويل إسرائيل إلى دولة يتمتع فيها الجمهور الدينى باستقلالية كاملة".
وأضاف "ومن المثير للدهشة أن إجراءات الانقلاب الدينى مدعومة من قبل العديد من أعضاء الكنيست من حزب الليكود، الذين هم قادة القانون العام لأسلوب حياة علماني".
أما عن مظاهر هذا الانقلاب فمنها -حسب هوفنونج- مقترحات التشريعات الدينية مثل تعزيز المؤسسات الدينية، وتحويل ميزانيات هائلة للتعليم الديني، وخاصة التعليم الحريدى دون إشراف من الدولة.
كما تشمل المقترحات التشريعية أيضا "الميزانيات المخصصة للمجتمع الحريدي، ومزايا للعائلات التى لديها أطفال طلاب المدارس الدينية والذين لا يعملون ولا يخدمون فى الجيش الإسرائيلي، وتمويل فرص العمل للمجتمع الدينى من ميزانيات الدولة، وإرسال الحاخامات إلى البلدات العلمانية بهدف تشكيل المجال العام وتحويله إلى فضاء ذى طابع دينى يهودي".
ولفت البروفيسور الإسرائيلى إلى غض الائتلاف الحاكم الطرف عن تزايد نفوذ اليهود المتدينين، قائلا "معظم مشاريع القوانين التى يتم تقديمها إلى الكنيست هى مشاريع قوانين خاصة، مقدمة من أعضاء الكنيست الأرثوذكس المتطرفين".
وتابع "لم تجتز معظم مشاريع القوانين الخاصة بالأعضاء قراءتها الأولى، لكن الاتجاه واضح لإقامة نظام جديد يدفن فيه مبدأ المساواة أمام القانون. ففى السنوات الأخيرة، أصبحت المدن والأحياء الأرثوذكسية المتطرفة مجمعات لا يمكن لأحد أن يعيش فيها ما لم يكن ملتزما علنا".
وأشار إلى أن شراء المساكن فى هذه المجمعات السكنية "يتم من خلال الجمعيات الأرثوذكسية المتطرفة التى تدرس بعناية هوية المشترين رغم عدم وجود قيود قانونية عملية، لن يتمكن الشخص غير الملتزم من شراء شقة فى أحياء مستوطنات إلعاد، وموديعين عيليت، أو حى رمات شلومو فى القدس".
وكشف هوفنونغ فى مقاله عن "محاولات المتدينين المستميتة للسيطرة على الأوضاع الاجتماعية وإنشاء المجتمعات الخاصة بهم فى إسرائيل، ولا يقتصر الإشراف الاجتماعى على شراء شقة فقط، بل يستمر عبر وسائل مختلفة، مثل إغلاق الشوارع والأحياء أمام حركة مرور المركبات يوم السبت، والإشراف على تسجيل الأطفال فى المدارس".
كما أشار إلى وجود اتجاه متزايد لدى هؤلاء "للفصل بين الرجال والنساء فى المجال العام، سواء من خلال الفصل القسرى فى المناسبات العامة، أو من خلال خطوط النقل العام المخصصة للمجتمع الحريدى".
وألقى البروفيسور الإسرائيلى باللائمة على أحزاب الائتلاف الحاكم فى تكريس سيطرة الأحزاب الدينية على الحياة العامة، مشيرا إلى تشريع جديد مطروح فى الكنيست لتوسيع نطاق نظام المحاكم الحاخامية الذى يحقق تمتع المتدينين بمحاكم خاصة لهم.
وخلص إلى القول "إذا استمرت إسرائيل على هذا النحو، فقد تجد نفسها تنتمى إلى مجموعة من البلدان التى شهدت انتقالا من الحكم المدنى إلى الحكم الديني"، معتبرا أن" القاسم المشترك بين جميع هذه البلدان هو الهجرة الجماعية للسكان المتعلمين والمنتجين، الذين يعيشون فى ظروف من الفقر والاضطهاد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة