افتتحت دورة الألعاب البارالمبية "باريس 2024" بعد حفل كبير وسط العاصمة الفرنسية، في الهواء الطلق بين جادة الشانزليزيه الشهيرة ومن أمام المسلة المصرية بساحة الكونكورد والتى كانت نجم الحفل.
ولأول مرة، يُقام حفل افتتاح البارالمبياد خارج ملعب رياضي، وتحديدا في قلب مدينة النور ليسجل لحظة تاريخية للدورات البارالمبية فبعد تنظيم حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 خارج الملعب أيضا وعلى ضفاف نهر السين، بدأ الحفل هذه المرة من ميدان "الكونكورد" وسط العاصمة الفرنسية، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس اللجنة البارالمبية الدولية، ووسط عدد كبير من الجماهير، مع انطلاق موكب للرياضيين من جادة الشانزليزيه بمشاركة نحو 4400 من اللاعبين، من بينهم البعثة المصرية والتي تشارك بـــ 54 لاعبا ولاعبة في 10 رياضات مختلفة.
وبعد العرض الأسطوري الذي امتد بطول جادة الشانزليزيه، شهدت ساحة الكونكورد والتي تتوسطها المسلة المصرية، المراسم التقليدية لحفل افتتاح النسخة الــ17 للألعاب البارالمبية، وكان حفلا استثنائيا خاصة وأنه أقيم من أمام المسلة والتي جذبت عدسات المصورين، وأصبحت هذه القطعة المصرية الأثرية الثمينة في قلب الاستعراضات وسط "الكونكورد" أكبر ميدان في العاصمة الفرنسية من حيث المساحة والتي تبلغ مساحته نحو 8 هكتارات.
وتلك المسلة الفرعونية الشامخة في قلب الميدان منذ عام 1836، باتت في قلب الحدث فمع كل مشهد من مشاهد الحفل، أخذ المصورون لقطات للمسلة من كل زاوية، مع الاستعراضات القائمة، ومع برج إيفل الباريسي الشهير، ومع الرياضيين الذين جابوا جادة الشانزليزيه من أمام النصب التذكاري "قوس النصر" الذي تزين بشعار الألعاب البارالمبية، وأيضا مع كل الجماهير التي حرصت على الحضور والاستمتاع بهذه اللحظة الفريدة من نوعها.
وتعد ساحة "الكونكورد" علامة مميزة في باريس، إذ تقع في الدائرة الثامنة، أي في قلب العاصمة، وشيدت على مساحة نحو 8 هكتارات؛ ما يجعلها أكبر ساحة باريسية تقع بين جادة الشانزليزيه وحدائق "التويلري" المعروفة في العاصمة، وشهدت أحداثا تاريخية وسياسية عديدة، وتغير اسمها عدة مرات لتصبح باسم "الكونكورد" تلك الكلمة التي تعني "الوئام والمصالحة" وأصبح الميدان رمزا لهذا الوئام وخاصة بين الفرنسيين بعد سنوات من الاضطرابات.
وتزينت الساحة بــ"مسلة الأقصر" التي يبلغ ارتفاعها 22.55 مترا، وكانت تقع عند مدخل معبد الأقصر، وقدمتها مصر في عام 1833 كهدية إلى فرنسا، تعبيرا عن حسن التفاهم بين البلدين، إذ أهدى محمد علي باشا، حاكم مصر آنذاك، المسلة لملك فرنسا لويس فيليب؛ تكريما لجهود العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون في فك رموز الكتابة المصرية القديمة.
وفي عام 1836، تمت إقامة المسلة في الميدان ولاتزال حتى يومنا هذا تزين ساحة "الكونكورد" وأصبحت بالأمس في قلب الحدث لتعبر عن وجود قطعة مصرية ثمينة في قلب باريس.
وخلال عرض الحفل عبر الشاشات في جميع أرجاء العالم، تداولت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمقاطع من الحفل ولا تخلو هذه الصور من المسلة المصرية الشامخة حتى باتت "عنصرا مهما خلال حفل الافتتاح"، مثلما قال دومينيك فارو، عالم المصريات والأستاذ في كلية متحف اللوفر، لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس.
فقد أعرب فارو عن فخره لوجود هذه المسلة في قلب الحدث قائلا "من الرائع أن تكون هذه المسلة في ساحة تسمى الكونكورد وتعني الوئام بين الأطراف والأفكار المختلفة .. إنه السلام والصداقة، ووضع مسلة كهذه وسط مكان يحمل هذا الاسم .. أمر رائع"، مضيفا أن هذه المسلة تعتبر وكإن مصر في قلب باريس".
كما ربط تنظيم هذا الحفل في "الكونكورد" بما تمثله هذه الألعاب الأولمبية والبارالمبية من قيم تسهم في نشر ثقافة السلام.
وهذه المسلة، وهي أقدم أثر على أرض فرنسا، إذ تعود إلى عهد الملك رمسيس الثاني أشهر ملوك الأسرة 19 في تاريخ مصر القديم، أصبحت اليوم علامة مميزة جذبت أنظار العالم خلال أولمبياد باريس، مع تنظيم منافسات سباق الدراجات (بي ام إكس) والتزلج على اللوح، وكرة السلة 3×3 وبالأمس، خطفت مجددا الأنظار وهي وسط "الكونكورد" خلال حفل افتتاح البارالمبياد.
وفي ختام الحفل، تم إيقاد المرجل الأولمبي من جديد، إيذانا ببدء المنافسات الرياضية البارالمبية الممتدة حتى 8 سبتمبر المقبل، بعد عرض استمر لأكثر من ثلاث ساعات وأمام أكثر من 50 ألف شخص وحلق المرجل الأولمبي وهو على شكل منطاد ذهبي، في سماء باريس، لينضم إلى المشهد الاستثنائي المميز الذي عاشته العاصمة الفرنسية أمس، مع وجود جماهير عريضة من عشاق الرياضة، والرياضيين من جميع أنحاء العالم من أمام المسلة المصرية.
ويعد تنظيم هذا الحفل في قلب المدينة واستضافة ألعاب بارالمبية لأول مرة في البلاد رمزا قويا لطموح باريس لوضع قضية دمج الأشخاص أصحاب الهمم في قلب المجتمع.
وكما وعد المدير الفني للحفل توماس جولي بعروض لم يسبق لها مثيل، تم تقديم عروض تسلط الضوء على الرياضيين البارالمبيين والقيم التي يجسدونها ، وجمعت المشاهدين من جميع أنحاء العالم حول الروح الفريدة للألعاب البارالمبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة