فى خطوة جديدة لترسيخ الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة خلال الفترة المقبلة، استحدث جيش الاحتلال منصبا جديدا تحت مزاعم "إدارة الجهود الإنسانية في القطاع"، وذلك بهدف تعزيز وترسيخ وجود جيش الاحتلال الإسرائيلى لأطول فترة ممكنة في غزة.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تعيين العميد إلعاد جورين "رئيس الجهود الإنسانية-المدنية فى قطاع غزة"، ليتولى إدارة وتنسيق القضايا المدنية فى القطاع، مشيرة إلى أن هذا المنصب يوازى منصب رئيس الإدارة المدنية التابعة للسلطة الإسرائيلية فى الضفة الغربية.
وسيكون من صلاحيات جورين، متابعة إمكانية عودة مليون نازح فلسطينى إلى شمال غزة، ومشاريع إعادة البناء، والتنسيق مع مؤسسات المساعدات الإنسانية، ونقل المساعدات للسكان، والاستعداد لفصل الشتاء، تأتي هذه الخطوة الإسرائيلية في ظل غياب رؤية استراتيجية واضحة لدى الحكومة الإسرائيلية لما يعرف باليوم التالي لما بعد الحرب فى غزة، ولإدراك جيش الاحتلال أن المسؤولية الإسرائيلية عن الجوانب الحياتية اليومية فى غزة ستتواصل، بل ستزداد خلال السنوات القريبة المقبلة.
يقول مراقبون أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يخطط للبقاء لعدة سنوات في قطاع غزة عقب وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، مؤكدين أن تل أبيب تحاول خلق واقع سياسي وأمني ومدني جديد داخل غزة خلال السنوات الماضية، في إطار رغبتها للتواجد عسكريا والسيطرة على منافذ القطاع خلال الفترة المقبلة ومراقبة الحافلات والشاحنات التي تحمل مساعدات للفلسطينيين.
وأكد المراقبون أن الضابط الإسرائيلي المعين سيركز في عمله على محاصرة الفصائل الفلسطينية وفرض عقاب جماعي على أي عائلة فلسطينية ترفض الوجود الإسرائيلي في غزة، محذرين من إمكانية استخدام جيش الاحتلال لسلاح الطعام والشراب لتركيع أبناء الشعب الفلسطيني خلال الفترة المقبلة.
ولفت المراقبون أن حرص إسرائيل لاستحداث المنصب خلال هذه الفترة لإيهام المجتمع الدولي بأنها حريصة على إدخال المساعدات الإنسانية لغزة على الرغم من منعها للحافلات والشاحنات التي تحمل مساعدات من وكالات ومنظمات أممية من دخول غزة، مشددين على ضرورة تفعيل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة القرار 2720.
وقال مسئول أمنى إسرائيلي كبير إن المنصب الذي لم يتم الإعلان عنه رسمياً معد لفترة طويلة، وليس منصبا لإدارة مشروع محدود، واستخدم وصف ضابط غزة الرئيسي لجورين الذي سيدير شئون مليوني فلسطيني، مما يرمز إلى استمرار احتلال غزة لعدة سنوات وفق المخطط الإسرائيلي.
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إلى أن الإجراء قد اتخذ بهدف إعطاء الجيش الإسرائيلي شرعية لمواصلة الحرب على غزة دون أن تتأثر الجوانب الإنسانية كحدوث مجاعة أو أزمة إنسانية.
كان مجلس الأمن قد اعتمد مؤخرا القرار 2720، الذي يطالب باتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة في قطاع غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض.
ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين كبير لمنسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار، والذي سيكون من ضمن مهامه رصد الشحنات التي يتم تسليمها إلى قطاع غزة والتحقق من الطبيعة الإنسانية لها وإنشاء آلية مساعدات تحت قيادة الأمم المتحدة لتيسير وتسريع عملية تسليم المساعدات إلى قطاع غزة. كما طالب مجلس الأمن جميع أطراف النزاع بالتعاون مع المنسق لضمان اضطلاعه بولايته دون عوائق. وسيعزز هذا القرار استجابة الأمم المتحدة للأوضاع وضمان حصولها على الدعم الكامل من قبل مجلس الأمن.
كما يدعو القرار إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية فوراً وبأمان ودون عوائق وعلى نطاق واسع، ولوقف الأعمال العدائية في قطاع غزة بشكل مستدام.
ويطالب القرار أطراف النزاع بتيسير استخدام جميع الطرق المتاحة إلى قطاع غزة وفي أرجائها. كما يطالب القرار أطراف النزاع بضرورة ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، في ضوء مقتل أكثر من 136 موظف من موظفي كالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
ويطالب القرار بإطلاق سراح جميع الرهائن فوراً دون أي قيد أو شرط وضمان حصولهم على المساعدات الإنسانية.
وأوضح المراقبون أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تحاول لعب دور كبيرة منسقي الأمم المتحدة لإعادة الإعمار في قطاع غزة سيجريد كاخ التي تم تكليفها من الأمم المتحدة مؤخرا تفعيل للقرار الأممي 2720، مع استمرار الوضع الإنساني الكارثي في غزة عقب مرور 11 شهر من الاستهداف والعدوان الإسرائيلي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني، في ظل انتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.