غياب الحلول يدفع إلى اتساع دائرة الصراع الإقليمى بالمنطقة.. ويعكس صدق رؤية مصر.. التعنت الإسرائيلى أبرز الأسباب.. وتراجع التأثير الأمريكى ساهم فى تمرد نتنياهو.. وهشاشة بعض دول المنطقة أغرقها فى مستنقع الحرب

الخميس، 29 أغسطس 2024 07:35 م
غياب الحلول يدفع إلى اتساع دائرة الصراع الإقليمى بالمنطقة.. ويعكس صدق رؤية مصر.. التعنت الإسرائيلى أبرز الأسباب.. وتراجع التأثير الأمريكى ساهم فى تمرد نتنياهو.. وهشاشة بعض دول المنطقة أغرقها فى مستنقع الحرب قطاع غزة
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المعضلة الحقيقية التي واجهت منطقة الشرق الأوسط، خلال الأشهر الماضية، وتحديدا منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، تجلت ببهاء في غياب الحلول، في ضوء العديد من الحقائق، أهمها التعنت الإسرائيلي، وإصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إطالة أمد المعركة للاحتفاظ بمقعده على رأس السلطة في إسرائيل، بينما في الوقت نفسه، تبقى حالة الهشاشة التي تعاني منها بعض الدول في الإقليم، مما دفعها إلى الانغماس في مستنقع الصراع، وهو ما يبدو في حالة التمدد الجغرافي التي تشهدها الحرب، لتتجاوز غزة، إلى سوريا ولبنان، وحتى اليمن، بل والأمور قد تمتد إلى قوى أخرى، على غرار إيران، خاصة بعد اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها.


ولعل الحديث عن اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، كان بمثابة أبرز ما حذرت منه مصر، منذ بداية العدوان على غزة، ليس فقط فيما يتعلق بمستقبل الإقليم، وإنما بات الأمر مرتبطا إلى حد كبير بالعالم بأسره، وفي القلب منه الغرب الأوروبي والولايات المتحدة، خاصة مع التداعيات الكبيرة المترتبة على الأوضاع الراهنة، على التجارة العالمية، ناهيك عن تأثيراتها على قطاعات حيوية، على غرار قطاعي الغذاء والطاقة، وهي القطاعات التي أنهكتها المستجدات العالمية خلال السنوات القليلة الماضية، بدءً من أزمة الوباء، في أواخر العقد الماضي، مرورا بالصراع في أوكرانيا، وحتى العدوان على غزة، حيث أن ثلاثتهم ساهموا بصورة كبيرة في إعاقة حركة التجارة، وسلاسل الإمداد العالمية، وهو ما يعكس التأثير الكبير لأزمة القطاع في تفاقم الأزمات التي تعاني منها الشعوب في الغرب، وتضع الحكومات في موقف حرج.


التعنت الإسرائيلي العائق الأكبر أمام إيجاد حلول حقيقية من شأنها إنهاء المعركة، أو على الأقل الوصول إلى هدنة، من شأنها فتح الباب امام تحقيق قدر من الاستقرار الإقليمي، يفتح الباب أمام مفاوضات للوصول إلى الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي يحمل في طياته أهدافا شخصية لنتنياهو، والذي يدرك أن انتهاء الحرب يعني نهاية بقاءه في السلطة، والدخول في دائرة من المواجهات في ساحات القضاء، بينما في الوقت نفسه يبدو مرفوضا تماما من التيارات المتطرفة، والتي لا تقبل بأي حال من الأحوال تمهيد الطريق لمفاوضات من شأنها تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما بدا في العديد من المشاهد التي قادها وزراء بارزين في الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، منها تهديد نتنياهو بالانسحاب من الحكومة تارة، والمشاركة في اقتحام الأقصى تارة أخري، والدعوة إلى بناء كنيس يهودي في المسجد الذي يعد أحد أهم المقدسات الإسلامية على الإطلاق.


إلا أن التعنت الإسرائيلي، ربما ليس السبب الوحيد في غياب الحلول للأزمة التي يشهدها قطاع غزة، وإن كان الأهم، حيث يبقى تراجع التأثير الأمريكي على الدولة العبرية، عاملا آخر يحمل أهمية كبيرة، خاصة وأن واشنطن تمثل الداعم التاريخي والرئيسي لإسرائيل منذ نشأتها في عام 1948، وهو الأمر الذي دفع حكومة تل أبيب إلى إعلان التحدي في مواجهة الحليف الأكبر، من خلال رفضها الرضوخ لمطالب وقف إطلاق النار من جانب، بالإضافة إلى تعنتها في توصيل المساعدات الإنسانية، بل واستهدافها بالقصف، في الكثير من الأحيان من جانب آخر.


ولعل المشهد الأبرز الذي يعكس حالة التحدي الإسرائيلي للولايات المتحدة، يتجلى في خطاب نتنياهو أمام الكونجرس، في مشهد يبدو فاضحا لحالة لانقسام الأمريكي، وهو ما بدا في مقاطعة الديمقراطيين، وعلى رأسهم نائبة الرئيس كامالا هاريس، والتي تترأس مجلس الشيوخ الأمريكي بحكم صلاحيات منصبها، بينما كان الحضور الجمهوري طاغيا، ربما ليس تأييدا لرئيس وزراء إسرائيل بقدر ما هو كناية في الخصوم الديمقراطيين، قبل شهور قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمرتقبة في شهر نوفمبر المقبل، والتي من المقرر أن تشهد مواجهة شرسة بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كامالات هاريس.


العاملان سالفي الذكر، وهما التعنت الإسرائيلي، وتراجع التأثير الأمريكي، ساهما بصورة كبيرة في خروج الصراع عن الإطار الجغرافي المرسوم، والذي يقتصر في الأساس على قطاع غزة، نحو دول أخرى، منها لبنان واليمن وسوريا، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في الكثير من الأزمات التي لم تقتصر بدورها على الإقليم، وإنما في واقع الأمر امتدت إلى العديد من الدول الأخرى، في ضوء تأثر حركة التجارة الدولية، بالإضافة إلى عدم قدرة العديد من القطاعات الحيوية، سواء أزمتى الغذاء أو الطاقة، على التعافي جراء الأزمات المتلاحقة، بدءً من كورونا مرورا بالصراع في أوكرانيا، ليكون العدوان على غزة، بمثابة ضربة كبيرة للأوضاع الاقتصادية العالمية.


إلا أن ثمة عاملا داخليا لا يقل أهمية، في الدول التي انغمست في مستنقع الصراع، يتجلى بوضوح في تنامي دور الجماعات المسلحة على حساب الدولة المركزية، مما ساهم في اشتباك تلك الجماعات، وتوريط الدول في حرب ضروس، سوف تأكل الأخضر واليابس حالة اتساع نطاقها أو الفشل في السيطرة عليها.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة