قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إنه عادة ما يكون من النادر أن لا يحظى رئيس بدعم أعضاء إدارته الذين خدموا معه، فهم عادة ما يكونون من أكثر مؤيدى الرئيس ولاء له، ولكن فى حالة دونالد ترامب فإن وزراء إدارته السابقين، هؤلاء المطلعين بشكل خاص، والذين هم نائب الرئيس ورؤساء الموظفين إلى أكثر من عشرة وزارات مثل الزراعة والتجارة والأمن الداخلى والنقل، منقسمون بشكل عميق بشأن حتمية عودته إلى السلطة.
وأضافت الصحيفة أن بعض هؤلاء، مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو وسفيرة الأمم المتحدة السابقة نيكى هيلى، تحدثوا فى المؤتمر الوطنى الجمهورى لتأكيد دعم ترشيح ترامب للرئاسة، فى حين كان آخرون مثل نائبه السابق مايك بنس غائبين بشكل ملحوظ، وكان بنس ناقدا علنيا لترامب، وقال لصحيفة "واشنطن بوست" أنه لا يدعم ترشيحه.
وتواصلت صحيفة "واشنطن بوست" مع جميع أعضاء مجلس وزراء ترامب الـ 42، وسألت كل منهم عما إذا كانوا يدعمون ترشحه للرئاسة، واستجاب عشرون منهم، بينما لم يستجب اثنان وعشرون، ولكن تمكنا من تحديد من بينهم أن تسعة منهم يدعمون ترشيح ترامب واثنين لا يدعمانه.
وعند طلب التعليق، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة الوطنية لحملة ترامب، فى بيان لـ "واشنطن بوست" أن "الرئيس ترامب قد وحد وعزز الحزب الجمهورى أكثر من أى وقت مضى، ويدعمه تقريبا كل قادة الحزب الجمهورى والمسؤولون المنتخبون، بما فى ذلك معظم أعضاء مجلس وزرائه السابقين وموظفيه".
وسردت الصحيفة موقف أعضاء حكومة ترامب السابقة البالغ عددهم 42 عضوا، وقالت أن أكثر من نصف أعضاء مجلس وزراء ترامب السابقين (24 من أصل 42) عبروا عن دعمهم لحملته الرئاسية الثانية، ومن بينهم بعض أكبر مؤيدى ترامب مثل وزير الإسكان السابق بن كارسن، ووزير الخزانة السابق ستيفن منوشين، ومستشار الأمن القومى المؤقت لترامب، مايكل فلين، ومدير المخابرات الوطنية السابق جون راتكليف، الذى نصح ترامب فى حملته الانتخابية لعام 2024.
وأشارت إلى أنه حتى المسؤولين الذين غادروا الإدارة بعلاقات سيئة مع الرئيس السابق، مثل المدعى العام السابق جيف سيشينز، الذى استقال تحت الضغط ولقيت حملته الانتخابية لاحقا عرقلة من ترامب، هم الآن فى معسكر ترامب، فعندما تواصلت معه الصحيفة فى يوليو، قال سيشينز "أخطط لدعم الرئيس ترامب".
وأخيرا، تشمل هذه المجموعة أيضا اثنين من أشد منتقدى ترامب هما وليام بار المدعى العام الثانى لترامب، وهيلى، الذين كانا قد دانوا ترامب سابقا وحرضا الناس على عدم التصويت له.
وكان بار قد استقال فى ديسمبر 2020 بعد أن أخبر ترامب مرارا أنه لا يوجد تزوير واسع النطاق فى الانتخابات التى خسرها، وقال بار "إن ترامب لا ينبغى أن يكون بالقرب من المكتب البيضاوي" فى العام الماضى، لكنه قال فى أبريل إنه سيصوت له، بينما قالت هيلى أن ترامب كان "غير متزن" فى فبراير، قبل أن تدعمه فى المؤتمر الوطنى الجمهورى فى يوليو.
وقالت هيلى فى المؤتمر، "دونالد ترامب يحظى بدعمى القوى، وإذا كانت نائبة الرئيس هاريس هى المرشحة الديمقراطية، فستكون البلاد فى وضع أسوأ، ومن أجل مصلحة أمتنا، علينا أن نذهب مع دونالد ترامب".
وفى رد على سؤال لجيك تابير مذيع "سى أن إن " لماذا دعمت ترامب بعد انتقاده علنيا، قالت هيلى "إذا كنت أنظر إلى الجوهر، سأوافق ترامب أكثر مما سأوافق هاريس".
وقالت الصحيفة أنه مع ذلك، قال ثلاثة من أعضاء مجلس وزراء ترامب السابقين علنا إنهم لن يصوتوا له، مشيرين إلى خلافاتهم ليس فقط حول سياساته، ولكن أيضا المخاوف المتعلقة بالتهديد المحتمل للحريات الشخصية والديمقراطية الأمريكية التى يعتقدون أن ترشحه يمثلها.
وكان بنس لديه أكبر صدام علنى مع ترامب عندما رفض طلب الرئيس السابق لمنع الكونجرس من تصديق خسارته للانتخابات أمام جو بايدن، هاجم حشد من مؤيدى ترامب الكابيتول وأوقف عملية التصديق تلك، مما وضع بنس فى خطر.
وترشح بنس ضد ترامب فى الانتخابات التمهيدية الجمهورية لعام 2024، لكنه انسحب قبل أول عملية تصويت ورفض تأييده، قال لـ "واشنطن بوست" إنه لا يدعم ترشح ترامب.
ولكن ربما لم يكن أحد أكثر وضوحا فى كراهيته لترامب من مارك إسبير، وزير الدفاع السابق لترامب. زعم فى مذكراته لعام 2022 أن ترامب سأل عما إذا كان بإمكان القوات الأمريكية إطلاق النار على المتظاهرين المدنيين، واقترح على الولايات المتحدة أن تقصف سرا مختبرات المخدرات فى المكسيك، وفى الذكرى السنوية الثالثة للهجوم على الكابيتول، قال لـ "سى أن إن" : "نعم، أعتبره تهديدا للديمقراطية، الديمقراطية كما نعرفها"، بعد أن قال فى مارس السابق إنه "بالتأكيد" لن يصوت لترامب، وقال على (سى أن إن) : " لست متأكدا مما إذا كنا سنتمكن من البقاء على قيد الحياة أربع سنوات أخرى من دونالد ترامب".
وأخيرا، جون بولتون، أحد مستشارى الأمن القومى الأربعة لترامب، اختلف مع ترامب حول العديد من القضايا، بما فى ذلك نهجه تجاه كوريا الشمالية وإيران وأفغانستان، ففى سبتمبر 2019، أعلن ترامب على (تويتر) أنه فصل بولتون، الذى قال لـ "واشنطن بوست" فى ذلك الوقت إنه قدم استقالته فى اليوم السابق، وفى يناير، قام بولتون بتحديث مذكراته وكتب "ترامب غير مؤهل ليكون رئيسا".
وفى نفس السياق، لم يكشف 15 عضوا سابقا فى مجلس الوزراء موقفهم من دعم ترامب، ولم يستجب أحد عشر منهم لرسائل متعددة، ولم يصرحوا بمواقفهم علنا، ورد اثنان على الاستفسارات لكنهما امتنعا عن الإفصاح عن موقفهما؛ واثنان قالوا إنهما غير متأكدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من هؤلاء قد انتقدوا ترامب علنا، ووفقا لتحليل "واشنطن بوست" لبيانات وسائل الإعلام من المسؤولين السابقين فى مجلس الوزراء؛ اثنان منهم، وزيرة النقل إيلين تشاو ووزيرة التعليم بيتى ديفوس، استقالوا من إدارة ترامب فى أيامها الأخيرة، مشيرين إلى الهجوم على الكابيتول من قبل حشد من مؤيديه.
وأرسلت تشاو بريدا إلكترونيا إلى الموظفين فى ذلك الوقت تقول "إنه أزعجنى بشكل عميق بطريقة لا أستطيع تجاهلها"، وكتبت ديفوس فى رسالة استقالتها "لا يمكن إنكار التأثير الذى أحدثته خطابك على الوضع، وهو نقطة التحول بالنسبة لي".
ودعم زوج تشاو، السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية، ترشح ترامب لانتخابات 2024، بينما بقيت هى صامتة، ودعمت ديفوس منافسا لترامب فى الانتخابات التمهيدية الجمهورية، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، ورفضت حتى الشهر الماضى تأييد ترامب، لم تستجب لأى من رسائل "واشنطن بوست".
وأوضحت الصحيفة أنه من الجدير بالذكر أن عددا من مسؤولى الأمن القومى يقع أيضا فى هذه الفئة، بما فى ذلك أحد وزراء الدفاع السابقين لترامب، جيم ماتيس؛ أحد مديرى المخابرات الوطنية السابقين، دانيال كوتس؛ أحد مستشارى الأمن القومى الأربعة، إتش. آر. مكماستر؛ وكلا من الأشخاص الذين شغلوا منصب وزير الأمن الداخلى لترامب، جون كيلى وكيرستين نيلسن.
ماتيس وكوتس ومكماستر انتقدوا ترامب علنا على الرغم من أنهم تجنبوا الحديث مباشرة عن الانتخابات، وقال المتحدث باسم ماتيس إنه لا يعلق على السياسة؛ وقال كوتس لـ "واشنطن بوست" إنه "لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن ما إذا كان سيصوت لترامب"، لكنه أضاف : "لا يوجد أى احتمال أن أصوت للديمقراطيين".
وقال توم برايس، أحد وزراء الصحة والخدمات الإنسانية السابقين لترامب، أخبر أيضا "واشنطن بوست" أنه غير متأكد، وفى البداية قال إنه كان سيدعم تذكرة ترامب - هيلى، لكن بعد أن اختار ترامب السيناتور جاى دى فانس كرفيقه فى الترشح، قال برايس لـ "واشنطن بوست"، "ليس تعليقا ولا صمتًا، إنه غير محدد".
ولفتت الصحيفة إلى أنه على الأقل شخص آخر فى هذه المجموعة قدم بعض الشكل من الحياد، وقال متحدث باسم الشركة التى يقودها الآن وزير الطاقة السابق دان برويلتى أن "الشركة لا تؤيد المرشحين الرئاسيين"، وتجاهل الأسئلة المتابعة حول آرائه. وباقى أعضاء مجلس وزراء ترامب لم يستجيبوا لرسائل "واشنطن بوست".