مؤامرات الحريم في التاريخ ليست جديدة بل إنها من أيام الفراعنة وكشفت عدد من الوثائق والأفلام العلمية عن عدد من الوقائع التى اعتبرت مؤامرة تمت ضد بعض ملوك الفراعنة، فهناك من قتل بسبب هذه المؤامرات بسبب صراعات بين الزوجات الملكيات أمهات أولياء العهود الشرعيين وبين الزوجات الثانويات وأبنائهن الطامحين لحكم مصر بعد رحيل الملك الأب.
من قتل رمسيس الثالث؟
ظلت التساؤلات حول ما يسمى بمؤامرة الحريم الملكي - وهي مؤامرة لقتل الفرعون المصري القديم رمسيس الثالث حوالي عام 1155 قبل الميلاد - قائمة لأكثر من 3000 عام.
كان من المثير للاهتمام بشكل خاص اكتشاف مخطوطة قضائية بطول 18 قدمًا تعود إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد في عشرينيات القرن التاسع عشر - وهي وثيقة تصف مؤامرة ضد فرعون مصر من داخل حريمه الملكي.
تم شراء البردية من أحد الأسواق المحلية، وهي تفصل محاكمة الخيانة التي أعقبت الانقلاب الفاشل، وتشير بأصابع الاتهام إلى إحدى زوجات رمسيس الثالث، تيي، وابنها بنتاور.
مثل الفراعنة الآخرين، كان لرمسيس الثالث زوجة رئيسية، تيتي، وعدد من الزوجات الثانويات اللائي عشن معًا في الحريم الملكي مع أطفالهن وخدمهن. كان الحريم رمزًا فخمًا لقوة الفرعون ونفوذه - وحاضنة للنشاط السياسي، الذي تركز الكثير منه على مسائل السلالة والخلافة.
أنجبت زوجات رمسيس الثالث عددًا كبيرًا من الورثة، حيث أنجبن ما يقدر بنحو 100 طفل. لكن تعيين خليفة أثبت أنه أمر صعب لأن 12 من الأبناء في ترتيب العرش ماتوا أثناء حياة الفرعون. في عام 1164 قبل الميلاد، توفي ولي عهد آخر، تاركًا ابنًا أصغر من تيتي في ترتيب العرش.
وفقًا للمخطوطة، أرادت تيي، باعتبارها واحدة من الزوجات الثانويات، أن يتولى بنتاوار العرش بدلاً من ذلك. لذلك استعانت بمساعدة عدد من أصحاب النفوذ في الحريم وأعضاء الأسرة المالكة، بما في ذلك زوجات أخريات وطبيب الفرعون الشخصي.
على الرغم من أن الوثيقة ذكرت أسماء جميع الذكور المتهمين بالمشاركة في المؤامرة، إلا أنها ذكرت امرأة واحدة فقط، تيي. كما التزمت الصمت بشأن ما إذا كان المتآمرون تمكنوا من قتل رمسيس الثالث وشوهت أسماء المتهمين، وهو ما دفع الباحثين المعاصرين إلى الإشارة إليها.
وقد كشفت دراسات حديثة أن أعضاء بطن رمسيس الثالث قد تم استبدالها بتماثيل حورس، الإله المصري المرتبط بالشفاء، وتمائم حورس الموضوعة في رقبته وحول قدميه وكان هناك المزيد: تم قطع رقبة رمسيس الثالث حتى العظم، مما يشير إلى أنه تعرض للاغتيال في الواقع.
مؤامرة ضد بيبى الأول
وذكر الدكتور حسين عبد البصير، فى مقال له نشر تحت عنوان :"مؤامرات حريم الفراعنة"، أنه من أوائل الإشارات إلى حدوث أمر غير عادى فى حريم القصر الملكى، ما جاء فى سيرة الموظف «ونى»، من الأسرة السادسة من عصر الدولة القديمة أو عصر «بناة الأهرام». وفيها يروى، ضمن الأفضال الملكية التى أنعم جلالة الملك «بيبى الأول» بها عليه كشخص موثوق به: «عندما كانت هناك قضية سرية فى الحريم الملكى ضد الملكة.. جعلنى جلالته أذهب كى أحقق (فيها) وحدى. ولم يكن هناك كبير القضاة ولا الوزير، ولم يكن هناك مسؤول، فقط أنا وحدى.. ولم يحدث أبدًا من قبل أن حقق أحد مثلى فى أمر من أمور حريم الملك؛ غير أن جلالته جعلنى أحقق فيها".
وأضاف عبد البصير: " ولا نعرف التهم التى وجهت إلى الملكة؛ فلم يذكر «ونى» أكثر مما قاله، ربما حفاظًا منه على هيبة الملكية المصرية فى ذلك العصر المبكر، وترك الأمر غامضًا يثير لعاب المفسرين للنص للأبد. وقد يكون الوزير شارك الملكة فى التهمة المنسوبة إليها، ولعلها خانت الملك، أو أنها كانت تتآمر ضد إحدى زوجاته المحبوبات، أو ضد أحد أبناء زوجاته لمنعه من بلوغ عرش مصر، أو ضد الملك نفسه. وقطعًا للشك، أمر الملك «بيبى الأول» الموظف «ونى» بأن يحقق فى الواقعة منفردًا ويرفع النتيجة إليه، ولم نعرف ما فعله الملك مع الملكة المتهمة.
فاليريا ميسالينا أشهر متأمرة في الحضارة الرومانية
خطت بعض النساء أسماؤهن فى تاريخ الإمبراطورية الرومانية ومن هؤلاء فاليريا ميسالينا، وقد كانت الزوجة الثالثة للإمبراطور كلوديوس، حيث ولدت سنة 10 قبل الميلاد وتوفت عام 54 بعد الميلاد عن عمر 64 عاما، رغم أنها كانت أصغر من 30 عامًا حين بدأت رحلة صعودها وفقًا لبعض المؤرخين، إلا أنها كانت تعرف ما تفعل فقد كان لديها علاقات مع العديد من أعضاء البلاط الإمبراطورى وتحالفت مع آخرين لتأمين نفوذها، حيث كتب مايكل كيريجان في كتابه "التاريخ غير المروى للأباطرة الرومان" (كافنديش سكوير للنشر ، 2016): "كان عشاقها كثيرون، وكانت تستعرض فى شهواتها".
وشكلت فاليريا ميسينا مع مجموعة من المتنفذين وعلية القوم زمرة مؤثرة من أهم صانعى القرار فى بلاط الإمبراطورية الرومانية الذين استخدمتهم لإزالة المنافسين وتأمين موقعها القوى ونفوذها فى روما، وقد كانوا وحدة واحدة، "كلما رغبوا فى التخلص من أى شخص، كانوا يخيفون كلوديوس منه، ونتيجة لذلك يسمح لهم بفعل أى شىء يختارونه" هكذا كتب ديو فى كتابه "التاريخ الروماني".
بعد ولادة نجل ميسالينا ، بريتانيكوس ، استخدمت ميسالينا نفوذها لإزالة أى مطالبين منافسين للعرش الإمبراطورى، حيث أكد بول كريستال فى كتابه "أباطرة روما: الوحوش" (Pen and Sword Military ، الصادر عام 2019 أن أول من راح ضحية لمثل هذه الأفعال كان بومبيوس ماجنوس زوج أنطونيا ابنة كلوديوس، التى طعنت أثناء وجودها فى السرير.
في عام 48 بعد الميلاد تزوجت ميسالينا وعشيقها الأرستقراطي والقنصل المسمى جايوس سيليوس بينما كان كلوديوس بعيدًا عن روما، ووفقًا للنص القديم للمؤرخ تاسيتوس "حوليات"، تآمر الزوجان للإطاحة بالإمبراطور للفوز بالحكم معًا، وبعد أن اكتشف الإمبراطور خطة الزوجين، أعدم الزوجين.