ذكرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية أن عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس قادت احتجاجات على مدى عشرة أشهر، وامتلأت بهم وسائل الإعلام المحلية والدولية، حيث توسلوا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموافقة على صفقة من شأنها أن تعيد أحباءهم إليهم. وحتى الآن، باءت هذه الجهود بالفشل، ولكن اليوم الأحد، ومع انتشار الأخبار عن العثور على ستة رهائن آخرين قتلى في نفق تحت غزة، على بعد أقل من كيلومتر واحد من القوات الإسرائيلية، اجتاحت إسرائيل موجة جديدة من الغضب العام، لينصب معظمها على نتنياهو.
وقالت الصحيفة -في تعليق أوردته مساء اليوم الأحد- إن الإحباط بات أكثر حدة بسبب الإدراك بأن الوقت ينفد بسرعة بالنسبة لبقية الرهائن المائة وواحد الذين تحتجزهم حماس. ويفترض المسؤولون الإسرائيليون أن 35 منهم على الأقل قد لقوا حتفهم الفعل.
وأضافت الصحيفة أن حماس ألقت باللوم في مقتل الرهائن اليوم -والعديد من الوفيات السابقة بين الأسرى- على الغارات الجوية الإسرائيلية وتعنت نتنياهو. ولم تتراجع حماس عن مطلبها الأساسي بأن أي إطلاق سراح شامل للرهائن يتوقف على وقف إطلاق النار الكامل.
وتابعت "في الوقت نفسه، يزداد أقارب الأسرى يأسا". واستشهدت الصحيفة بما قاله دانييل ليفشيتز، حفيد عوديد ليفشيتز، وهو رهينة يبلغ من العمر 84 عاما: "نرى المزيد والمزيد من الرهائن يموتون ويُقتلون في الأسر. وعلينا أن نبذل كل ما في وسعنا لإسعادتهم".
وأشارت (فاينانشيال تايمز) إلى أنه حتى الآن، أنقذ الجيش الإسرائيلي ثمانية فقط من حوالي 240 شخصا اختطفوا في السابع من أكتوبر، وقتل ثلاثة منهم عن طريق الخطأ. ولكن تم إطلاق سراح 105 منهم في نوفمبر الماضي في صفقة تبادل أسرى فلسطينيين، تحت غطاء من وقف إطلاق نار قصير الأمد شهد تدفق المساعدات الإنسانية إلى الجيب المحاصر.
وأوضحت أن الافتقار أدى إلى إحراز التقدم بشأن التوصل لاتفاق بهذا الشأن إلى إيجاد لعبة إلقاء اللوم على الآخرين، ودبت الانقسامات في السياسة الإسرائيلية. ويبدو أن المحادثات قد توقفت لأن حماس طالبت بضمانات بأن وقف إطلاق النار الدائم سوف يتبع تبادل الرهائن، وأن القوات الإسرائيلية سوف تنسحب بالكامل من غزة، وهو ما رفضه نتنياهو.
ونقلت الصحيفة عن منتدى الأسرى وعائلات المفقودين الإسرائيليين القول: "لقد أدى التأخير في التوقيع على الاتفاق إلى قتلى (الأحد) والعديد من الرهائن الآخرين. ونحن ندعو نتنياهو: إلى التوقف عن الاختباء. وتزويد الجمهور بتبرير لهذا التخلي المستمر".
ومضت الصحيفة تقول إنه يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الغضب الجديد سوف يتحول إلى ضغط سياسي كاف لإجبار نتنياهو على تغيير موقفه الذي يرتأي أن استمرار القوة العسكرية في غزة هو أفضل وسيلة لتأمين تبادل أفضل للرهائن.
ونسبت الصحيفة إلى محللين قولهم إن المزاج العام في إسرائيل بدا وكأنه يتغير يوم الأحد، وإن كان ببطء، حيث طالبت وسائل الإعلام والمعارضة السياسية نتنياهو بالتوصل إلى تسوية. وبعد أشهر عديدة من المناشدات التي أطلقتها عائلات الأسرى، أعلن أكبر اتحاد عمالي في إسرائيل إضرابا وطنيا غدا الاثنين دعما لصفقة الرهائن. وسوف يغلق مطار بن جوريون صباح غدا، كما ستغلق معظم أنحاء البلاد حيث تدعو المعارضة إلى احتجاجات حاشدة في الشوارع.
وتعليقا على ذلك قال أرنون بار ديفيد، رئيس الاتحاد العام لعمال إسرائيل (الهستدروت): "تحدثت إلى العديد من المسؤولين السياسيين والأمنيين، وسمعت أن الصفقة لا تتقدم بسبب اعتبارات سياسية". "نحن بحاجة إلى التوصل إلى صفقة، الصفقة أكثر أهمية من أي شيء آخر".
وفي السياق ذاته..قال رئيس بلدية تل أبيب إن المكاتب الحكومية سوف تغلق صباح غدا الاثنين، وأن العديد من الشركات، من المطاعم إلى دور السينما قد أغلقت بالفعل. وقالت بلديتان أصغر حجما إنهما ستغلقان مكاتبهما أيضا.
ونقلت الصحيفة عن داليا شيندلين وهي خبيرة استطلاعات رأي مخضرمة تابعت حركة الاحتجاج عن كثب، قولها إنه في حين لم تكن هناك آلية مؤسسية لتحويل المشاعر العامة نحو إجبار الحكومة على التوصل إلى اتفاق، فإنه "إذا حدث إضراب عام وساعد زعماء اجتماعيون وسياسيون مؤثرون في جلب البلاد إلى طريق مسدود، فربما يدفع ذلك الحكومة إلى تغيير سياستها".
ورد نتنياهو بقوة على الاتهام بأن مطالبه أعاقت التوصل إلى اتفاق محتمل، قائلا: "في الأيام الأخيرة، بينما كانت إسرائيل تجري مفاوضات مكثفة مع الوسيط في جهد أسمى للتوصل إلى اتفاق، تواصل حماس رفض جميع المقترحات. والأسوأ من ذلك أنها قتلت في نفس الوقت ستة من رهائننا".
وسارع حلفاؤه من اليمين المتطرف إلى دعمه، ووصفوا الإسرائيليين الحريصين على التوصل إلى اتفاق بالضعفاء. وقال وزير المالية اليميني المتطرف -عبر منصة x- "لن تسمح الحكومة بصفقة استسلام من شأنها أن تتخلى عن أمن إسرائيل، لكنها ستوجه الجيش والمؤسسة الأمنية بأن تكبد حماس ثمنا باهظا".
وأوضحت الصحيفة أن التسريبات التي نشرتها قناة 12 الإخبارية الإسرائيلية خلال عطلة نهاية الأسبوع رسمت صورة مختلفة، مما أثار غضب العديد من عائلات الرهائن، الذين حذروا منذ فترة طويلة من أن نتنياهو كان يرجيء التوصل إلى اتفاق للحفاظ على ائتلافه، الذي يعتمد على دعم سموتريتش ووزراء آخرين من اليمين المتطرف.
وذكرت القناة 12 أن نتنياهو اشتبك مع وزير دفاعه يوآف جالانت، الذي حذر من أن هذا الموقف يهدد المحادثات لتحرير الرهائن.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلة إن الجمهور الإسرائيلي أيد إلى حد كبير الاتفاق المتفاوض عليه مع حماس لإطلاق سراح الرهائن، وفقا لعدة استطلاعات للرأي، ولكن الاحتجاجات المنتظمة في تل أبيب لم تتجمع بعد في حركة وطنية كبيرة وطغى عليها حجم الاحتجاجات المناهضة للإصلاح القضائي قبل بضعة أشهر فقط من السابع من أكتوبر، مشيرة إلى أن الإضراب الوطني المزمع غدا الاثنين ربما يغير ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة