جرائم قتل بشعة يحاول أصحابها الهروب من عقوبة الإعدام بالادعاء بأنهم مرضى نفسسين أو بهم خلل عقلي، ليتم تخفيف العقوبة الجنائية أو إيداعهم أحد المستشفيات، ولعل أبرز هذه القضايا خلال الفترة الماضية قضية "سفاح التجمع" المتهم بقتل 3 سيدات وإلقاء جثثهن في الطريق العام، وقضية "مضيفة الطيران" المتهمة بقتل ابنتها بعد ممارستها أعمال الدجل والروحنيات، والتي أدعى فيها المتهمين أنهم مرضى يعانون من خلل عقلي ونفسي دفعهم لارتكاب هذه الجرائم.
ويوضح اليوم السابع في النقاط التالية متى يكون الاضطراب النفسى سببًا للإعفاء من المسئولية الجنائية أو ظرفًا مخففًا للعقوبة؟
وينص القانون المصري على أن الإرادة هي أساس القصد الجنائي الخاص بارتكاب الجرائم والقصد الجنائي هو الركن الثاني من أركان ارتكاب الجريمة، فالجريمة لها ركنين مادي ويمثل الفعل الخاص بالجريمة وهو فعل التعدي نفسه وهو المكون المادي، والركن الثاني وهو الركن النفسي وهو القصد أو الغاية التي تستقر في صدر المجرم وعقله وتنشيء رغبته وإصراره على ارتكاب الجريمة، ويستدل القاضي عليها من ظروف وملابسات الواقعه، وتكون هي السبب في تشديد العقوبة من عدمه، فالقتل مع سبق الإصرار يختلف عن القتل العمد ويختلف عن الضرب المفضي إلى الموت، والفرق بينهم في ركن الإرادة والنية، فإذا تأثرت الإرادة أو غابت بسبب علة أو مرض تزعزت هذه الأركان واهتزت وفقدت ثوابتها.
كما أن المرضي النفسيين ليسوا جميعًا معفيين من العقوبة عند ارتكابهم الجرائم، وأن هناك نسبة بسيطة من المرضي النفسيين فقط يتم إعفاءهم من المسئولية الجنائية، ويتم إيداعهم في مستشفي الأمراض العقلية لسنوات طويلة قد تصل إلي مدة العقوبة، وحتي يكتمل شفاءه، أما باقى المرضى النفسيين حتى لو ثبت مرضهم يتم معاقبتهم مثل الأفراد العاديين، ويرجع ذلك إلى نوع المرض النفسى المصاب به المتهم.
و هناك العديد من الشروط الواجب اتباعها حتي يتم إعفاء المريض النفسي من عقوبة الجريمة المرتكبة، وأولها العرض على لجنة طبية متخصصة بعلم النفس الجنائي، مكونة من 3 إلي 5 أطباء تكمن مهمتها في مراقبة تصرفات المتهم ووضع تقرير بحالته الصحية، ووضعه تحت الملاحظة في مستشفى الأمراض النفسية ودراسة تاريخه المرضي منذ 15 عاما وبداية إصابته بالمرض، ومتابعة حالته 6 أشهرعلى الأقل، ثم بعد ذلك يتم تشخيص حالته بالنسبة للسن والظروف قبل الجريمة، ثم يصدر تقرير نهائي للجنة للفصل في مرضه من عدمه، وإن كانت الجريمة ناتجة عن المرض ومرتبطة بالحدث نفسه يتم إعفاؤه، أما إذا كانت الجريمة غير ذات صلة يتم معاقبته مثل أي شخص سوي.
وتعمل اللجنة المسئولة عن المتهم على تحديد طبيعة المرض النفسي للمتهم، وهل يجعله يقبل علي ارتكاب هذه الجريمة، وتحديد طبيعة الأدوية التي تناولها المتهم، وهل تسبب فقدانه للوعي عند ارتكاب جريمته، مشيرا إلى أن نوع المرض النفسي هو الذي يحدد هل يعفى من العقوبة أم لا؟ فلا بد أن يكون مرضًا خطيرًا ومرتبطًا بالعقل بدرجة كبيرة مثل التأخر العقلي، أو انفصام الشخصية، والاضطرابات الشديدة، مشددًا أن ادعاء المرض النفسي يعتبر ظرفًا مشددًا لتوقيع العقوبة ودليل إدانة ضد مدعي المرض، وليس في صالحه، ويجب تشديد العقوبة لأن الادعاء يساوي سبق الإصرار والترصد لارتكاب الجريمة، وليست صدفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة