قديما كان الناس ينظرون نظرة دونية للفنان، وترفض العائلات عمل أبنائها بالتمثيل وتعتبر ذلك عارا وسبة فى جبين الأسرة، وكانت المحاكم لا تأخذ بشهادة الممثل الذى كان يطلق عليه لقب «مشخصاتى»، وكان القضاة فى مصر يستندون إلى نص فى القانون المصرى يمنع الفنانين من الإدلاء بشهادتهم، وينص على أن الزمار والطبال وكل من يشتغل فى اللهو لا يصح الاستماع لشهادته، وهو ما جعل المحاكم ترفض الأخذ بشهادة أى فنان مهما بلغت شهرته ومكانته، واستمر هذا النص معمولاً به حتى تم إلغاؤه عام 1952، لذلك عانى نجوم الفن ورواده من نظرة المجتمع لهم وعملوا كل ما بوسعهم لتغيير هذه النظرة وكسب ثقة واحترام المجتمع.
حافظ هؤلاء النجوم على كرامتهم واحترامهم لأنفسهم فاحترمهم الناس ورسخوا بذلك قيمة الفن والفنان، مر أغلبهم بظروف قاسية ومواقف صعبة ولكنهم لم يتنازلوا عن مبادئهم وحافظوا على فنهم وكرامتهم جنباً إلى جنب، وسجل التاريخ الكثير من القصص والمواقف التى تحكى عن كرامة الفنان المصرى وعزته فى أصعب الظروف، وفى السطور التالية نحكى العديد من مواقف العزة والكرامة التى لا يعرفها الجمهور عن نجوم الزمن الجميل.
ثورة الريحانى فى السراى
عاش الفنان الكبير الضاحك الباكى نجيب حياة صعبة ذاق فيها الجوع والفقر وتحمل الكثير فى سبيل فنه، ولكنه كان لا يقبل أى إهانة ولا يتنازل عن كرامته وعرف بجرأته وصراحته حتى أمام أكبر رجال الحكم والسياسة الذين جمعته بهم علاقات كثيرة، وفى الحلقة الأخيرة من مذكرات مارى منيب التى نشرتها مجلة الكواكب بتاريخ 26 يناير 1960 تحدثت الفنانة الكبيرة بكل حب وعرفان واحترام عن أستاذها نجيب الريحانى، التى عملت بفرقته فترة طويلة من حياتها منذ بداياتها الفنية فقالت: لو قدر لجدران حجرته أن تتحدث لروت الكثير من أسرار الساسة وخفايا السياسة والتيارات الخفية التى كانت تحكم بلادنا وتسير نظام الحكم فيها والفضائح المروعة التى كانت تجرى من وراء الستار فى قصور العظماء، أولئك الذين كانوا ينظرون إلى الناس من أطراف أنوفهم».
وتابعت: « لقد كانت حجرته ملتقى الكثيرين من رجال القصر والزعماء والوزراء، كانوا جميعاً لا يخفون شيئاً عن الريحانى ويستطلعون رأيه فى كل الأمور، وكان الريحانى صريحاً فى حديثه معهم، لا يخفى قرفه من الفساد الذى كان يسرى فى أنظمة الحكم، وكثيرا ما نقلت آراؤه إلى أصحاب النفوذ فكانوا يعاكسونه ويمنعون عن فرقته الإعانات التى كانت تمنح لجميع الفرق العاملة».
وروت مارى منيب موقفاً لا تنساه ثار فيه الريحانى لكرامته وكرامة زملائه فى قلب سراى الملك، فقالت: «لن أنسى يوماً دعينا فيه إلى القصر لتقديم إحدى المسرحيات، وكانت موجودة فى الوقت نفسه إحدى الفرق الأجنبية، وبعد الانتهاء من تقديم البرنامج دعينا لتناول للعشاء، ولم نكد نجلس إلى المائدة حتى لاحظ الريحانى أن مائدة الفرقة الأجنبية حافلة بطعام ممتاز يفوق بكثير ألوان الطعام الذى على مائدتنا، فوقف الريحانى وقال لنا على مسمع من بعض رجال القصر والسفرجية: «محدش يمد إيده على الأكل مش عايزين نتعشى هنا، إحنا جايين على اعتبار إننا أصحاب البلد، وأن الرأى للمصريين قبل الأجانب، لكن للأسف شوفنا العكس ودى إهانة نحتج عليها ولا نسمح بها أبداً، والفنان يجب أن يكون حريصا على كرامته قبل كل شىء».
تكمل مارى منيب: «انسحبنا جميعاً دون أن نعبأ بتوسلات رجال القصر الذين سمعوا «خطبة الريحانى»، وانصرفنا نتعشى عشاء فاخرا على حساب أستاذنا الريحانى، وفى اليوم التالى جاء بعض رجال السراى وهم فى أشد حالات الانزعاج، إذ أن خبر انسحابنا قد لوحظ من الجميع، وأخذوا يعتذرون للريحانى قائلين إن هذا التصرف خطأ غير مقصود من بعض صغار رجال السرايا ، ولكن الريحانى لم يقبل الاعتذار، بل قال لهم غاضباً: «إن كانت عزومة الملك بالشكل ده يبقى طز فى الملوك كلهم»، ثم التفت اليهم قائلا: «بلغوا مولانا الكلام ده إن كنتم شاطرين وأنا مستعد أقوله فى وشه».
حيلة لهاليبو وبطانة نعيمة
كما عاشت النجمة الجميلة المحبوبة نعيمة عاكف حياة صعبة وطفولة بائسة ذاقت فيها الجوع وعانت من الفقر ورغم ذلك لم تفرط يوماً فى كرامتها ومبادئها، حيث نشأت فى سيرك والدها الذى بدأت العمل فيه فى سن الطفولة المبكرة ولم يكن لها مصروف خاص ولا تحصل على أجر، وفى مقال كتبته نعيمة لمجلة الكواكب ونشر بتاريخ 31 يناير عام 1961 تحت عنوان «أعترف أننى بدأت من الصفر»، قالت الفنانة الجميلة: «كنت أنتزع اللقمة من فم الأسد، وأبكى وراء الكواليس».
وزاد شقاء نعيمة عندما انفصل والداها وتزوج والدها وتركها وشقيقاتها في رقبة والدتهن ليواجهن مصاعب الحياة، وظلت الأم تكافح خاصة بعد أن باع الأب السيرك ورفضت الأم عروض الزواج وباعت كل ما تملك من حلى ومصاغ وجاءت ببناتها للقاهرة، وعمل البنات ومنهن نعيمة فى ملهى الكيت كات مع فرقة الراقصة ببا عز الدين.
تعترف نعيمة فى مقالها بأنها تعرضت للضغط والإغراء بالمجوهرات والمعاطف الفرو والملابس الفاخرة حين كانت تعمل راقصة بالفرقة، ورغم أنها كانت تتقاضى أجراً أعلى من زميلاتها، إلا أن كل واحدة منهن كانت تربح أموالاً أكثر منها لأنها «تفتح»، والفتح هو أن تنزل للصالة لتجالس الزبائن وتغريهم بطلب المزيد من المشروبات ولها نظير ذلك نسبة من الحساب».
تقول نعيمة: «تكتلت الراقصات ضدى لأننى لا أشاركهن الفتح ومجالسة الزبائن، كنت حريصة أن أنصرف عقب انتهائى من تقديم رقصتى، فلم يعجبهن ذلك واعتبروه نوعاً من التعالى ينطوى على التعريض بهن».
وتابعت: بدأت صاحبة الفرقة تعمل على إرغامى على الاشتراك فى الفتح ومجالسة الزبائن مستعينة بكل من يستطيع التأثير على، وبالوعد مرة والوعيد مرات، وأصبحت نفسى مسرحاً لصراع عنيف تصطدم فيه الأحلام الوردية بالواقع المرير، فموافقتى على الفتح تعنى موافقة صاحبة الفرقة وهدايا المعجبين ونسبة من الإيراد ترفع مستوى معيشتى وترضى بعض أحلامى، لكنها فى ذات الوقت تعنى تفريطاً فى التقاليد التى تمسكت بها والتى عودتنا أمى على التمسك بها وكانت تتوعدنا بقضم الرقبة إذا فرطنا فيها».
وكانت أكثر من زميلة تتحدث مع نعيمة عن أنها أكثر جمالاً من زميلاتها ورغم ذلك فإنهن يرتدين أفخر الثياب ويعشن فى نعيم ورفاهية، وعرضت عليها إحدى زميلاتها أن تبيع لها معطفاً فرو ثمين أبهرها وتمنت أن تشتريه، على أن تسدد ثمنه من أرباحها فى نسبة الفتح وألقت بالمعطف وتركتها، ورغم كل هذه الإغراءات صمدت نعيمة وقررت أن تتمسك بموقفها حتى لو منحوها أموال الدنيا وأعادت المعطف رغم إعجابها به.
وعن كيفية خروجها من هذا المأزق تشير نعيمة إلى أنها عقدت صفقة مع صاحبة الفرقة، قائلة: « ذهبت إلى صاحبة الملهى حتى أنهى حرب الإغراءات وعرضت عليها أن أشترك فى كل فقرات البرنامج من رقص وتمثيل واستعراض دون زيادة فى مرتبى، فقط مقابل ألا تطالبنى بالاشتراك فى الفتح ومجالسة الزبائن، فوافقت».
وتحملت نعيمة عاكف العمل المرهق كل ليلة من بداية البرنامج وحتى نهايته حتى لا تتنازل عن كرامتها وكبريائها، فكانت تشارك فى كل الفقرات من تمثيل ورقص ومونولوجات دون زيادة راتبها.
واعترفت نعيمة بأنها خدعت أشهر الراقصات عندما فرضت عليها أن ترتدى بدلة رقص شفافة من قطعتين، وقالت: «لو أننى تمسكت بموقفى ورفضت أن أظهر ببدلة رقص شفافة من قطعتين تترك الوسط عارياً تماما سيكون مصيرى الطرد لذلك فكرت فى حيلة واتفقت مع شقيقتى على إعداد قطعة من الشيفون بلون بشرة الجسم تصل بين قطعتى بدلة الرقص وتحيط بالوسط فى حبكة محكمة تخدع العيون، وفى أول ليلة ظهرت فيها ببدلة الرقص ذات القطعتين بعد تزويدها بقطعة الشيفون السحرية صفق الجمهور وسعدت صاحبة الفرقة».
وتابعت نعيمة: «ظللت أنعم بانتصارى فترة طويلة لم يعرف فيها أحد سر قطعة الشيفون سوى شقيقتى وأمى إلى أن حدث ذات ليلة وأنا على المسرح أقدم رقصتى وأتجاوب مع موسيقاها فى حيوية وانطلاق أن تفككت فجأة خيوط قطعة الشيفون، وتدلت أطرافها لتعلن سر الخدعة التى لم تعرف من قبل، وكانت عينا صاحبة الملهى مع الجمهور ترقبنى، فأسرعت تنتظرنى فى غرفتى وراء المسرح وفى نظراتها مزيج من الغيظ».
وعادت نعيمة إلى البيت فى تلك الليلة العاصفة والشتاء القارس باكية، وتملكها اليأس وهى لا تعرف ماذا تفعل حتى تحافظ على نفسها وكرامتها وفى نفس الوقت تحافظ على مصدر رزقها ورزق والدتها وأخواتها، وكان القدر يرسم لها طريقاً آخر.
وعن ذلك قالت: «كنت أرتبط بصداقة وطيدة مع الفنانة سعاد مكاوى، وكانت هى صديقة للفنانة هاجر حمدى التى اشترت سيارة جديدة وأصرت أن يكون أول من تصطحبها فيها صديقتها سعاد التى دعتنى لهذه النزهة، وانطلقت السيارة فى شارع الهرم ، وفى الطريق تذكرت هاجر موعداً لها فى استديو النحاس، فاتجهت إلى هناك، وانتظرتها أنا وسعاد فى غرفة التليفون، وبالصدفة أقبل على الغرفة عدد من مسؤولى الاستديو فرأيت أحدهم يتطلع نحوى باهتمام ثم قال لمن حوله «إنها هى»، كان هذا هو المخرج حسين فوزى واقترب منى وقال: تعالى ياشاطرة انتى اسمك نعيمة، فقلت نعم، وكان الاستاذ حسين فوزى قد سبق وتردد كثيراً على ملهى الكيت كات ولفت نظره أنى اشترك بمجهود بارز فى كل الفقرات، فقرر أن يختبرنى للعمل فى السينما وفى تلك الليلة التى ساقنى القدر إلى استديو النحاس نجحت التجربة وأسندت إلى بطولة أول أفلامى «العيش والملح»، وكان النجاح الكبير الذى حققه بداية مشوارى كنجمة سينمائية».
المليجى علم على الإسبان
وكما كان نجوم الزمن الجميل حريصين على كرامتهم داخل بلادهم كان هذا الحرص مضاعفاً فى كل البلدان التى سافروا إليها، ليقدموا صورة رائعة لوطنهم وفنهم ويجبروا نجوم العالم على احترام وتقدير الفن والفنان المصرى، وهو ما ظهر واضحاً فيما فعله الفنان الكبير محمود المليجى حين سافر إلى إسبانيا، وهو الموقف الذى حكى تفاصيله فى مقال نشر بمجلة الكواكب فى 14 أغسطس عام 1956 تحت عنوان : «حكاية المقعد والسيارة فى إسبانيا»
وقال المليجى إنه سافر إلى إسبانيا للمشاركة فى فيلم عالمى تشارك فى إنتاجه مارى كوينى، وعندما وصل اتصل بمسؤولى الانتاج ليخبرهم بوصوله قائلا: «أنا محمود المليجى»، فضحك أحدهم بسخرية مشيرا إلى أنه لا يعرف هذا الاسم، فأخبرهم بأن له دورا فى الفيلم وهو دور إبراهيم، فأجابوه «أنت إبراهيم ونحن لا نعرف محمود المليجى».
وأشار المليجى إلى أنه ابتلع الإهانة وسكت، متحسراً على أن الفيلم المصرى لم يتجه وجهة عالمية، ولم تساعد الدعاية الفنانين المصريين فى الخارج.
وأوضح أنه لم يكن قد غير النقود التى معه إلى العملة الإسبانية، وعندما ذهب إلى الاستوديو كان يشعر بحاجته إلى فنجان قهوة، وانتظر أن تقوم إدارة الاستوديو بتقديم واجب الضيافة له فى صورة فنجان قهوة، ولكن هذا لم يحدث، فجلس وهو يمسك رأسه بيده لحاجته الشديدة لفنجان قهوة، حتى فوجئ بالجرسون يمنحه هذا الفنجان بعد أن شعر عامل الكهرباء بالاستديو بحاجته وتطوع لدعوته على فنجان قهوة، فشكره المليجى.
وفى المساء كان كل فنان يذهب إلى سيارته ويتركون المليجى فى الصقيع دون أن يعرف كيف سيصل إلى الفندق، وفى اليوم الأول رآه عامل الكهرباء يقف فى الشارع ولا يعرف كيف يذهب إلى الفندق، فأخذه من يده ودخل الاستوديو واتجه نحو التليفون وطلب رقم «28» لاستدعاء تاكسى لتوصيله.
وأشار المليجى إلى أنه عندما ذهب للاستوديو فى اليوم الأول لم يمثل وتركوه يشاهد الممثلين وهم يمثلون أدوارهم، وفعلوا معه نفس الشىء فى اليوم الثانى، وظل 12 ساعة واضعاً الماكياج واقفاً تحت الأضواء التى تولد حرارة شديدة دون أن يؤدى مشاهده، أو حتى يجد مقعداً يجلس عليه.
وكان كلما جذب مقعد ليجلس منعه عامل الاستديو مشيرا إلى اسم صاحب المقعد المكتوب على ظهره، وتلفت المليجى فلم يجد سوى درج خشبى هو جزء من ديكور الاستوديو فجلس عليه وهو يقول للعامل باللغة العربية وهو غاضب : «السلم ده بتاع حد، انا هاقعد عليه»
وأخيرا طلب المخرج الإسبانى من محمود المليجى أن يقف أمام ممثل إسبانى وأن يقلده وهو يؤدى الدور فكتم المليجى غيظه، وأدى الممثل الأسبانى الدور، فقال المليجى للمخرج أن هناك بعض االأخطاء فى الأداء ، فضحك المخرج وقال له: «نحن لا نريد منك سوى تقليد ما رأيت» ، فاشتعل غضب المليجى ونفد صبره وقال للمخرج : «أنا لن أمثل دورى إلا بالطريقة التى أريدها وأراها صحيحة»، فهز المخرج رأسه ، وقال: «دعنا نرى طريقتك».
وبمجرد أن أدى المليجى المشهد أبدى المخرج إعجابه الشديد ودهشته من أدائه.
وأضاف المليجى أنه فى ذات اللحظة دخل الاستوديو فنان كبير كانوا يصفونه بأنه معبود الجماهير فى إسبانيا ووقف الجميع ليحيوه، وكان المليجى سيؤدى مشهداً أمامه، وبالفعل أدى المشهد فى إتقان شديد جعل الجميع يصفقون له بما فيهم هذا الفنان الكبير.
وأكد المليجى أن معاملة الجميع له تغيرت بعد هذا الموقف وتحولت نظرات التجاهل إلى نظرات إعجاب، وجاءه عامل الاستوديو الذى منعه من الجلوس بمقعد خاص به مكتوب عليه اسمه.
وبعد أن انتهى من مشاهده وجد سيارة خاصة خصصها الاستوديو لتكون تحت أمره فى كل تحركاته، ولكنه رفض السيارة واستدعى تاكسى كعادته، وأخبر المخرج وإدارة الاستوديو أنه أراد أن يعطيهم درسا فى كيفية معاملة الفنان، خاصة إذا كان ضيفاً، مشيراً إلى أننا فى مصر نضع الضيوف فوق رؤوسنا، وحاول الجميع استرضاء المليجى ولكنه أصر طوال فترة بقائه أن يجلس على الدرج وأن يستقل تاكسى وترك مقعدهم وسيارتهم.
«عند رستم» زعيمة ثورة الكومبارس
وعرفت الفنانة الكبيرة هند رستم حتى من قبل شهرتها ونجوميتها بحرصها على كرامتها وعدم قبولها أية إهانة وبقوة مواقفها أمام أى تصرف أو موقف ترى فيه مساسا بكبريائها، وهذا ما أكدته ابنتها الوحيدة بسنت رضا فى حوارها معنا حيث تحدثت عن بدايات والدتها، قائلة : عندما بلغت أمى سن 15 دخلت مجال الفن صدفة، كانت رايحة تتفرج على فيلم لليلى مراد، وقابلت صديقة تعمل بالسينما وأشارت عليها صديقتها أن تعمل معها، واصطحبتها إلى أحد مكاتب السينما وحينها شاركت فى لقطة من فيلم غزل البنات ضمن الفتيات اللاتى صورن أغنية «اتمخترى ياخيل».
وتابعت الابنة: «وقتها كانوا بيفضلوا يستعينوا بالكومبارس الأجانب، وافتكروا أمى خوجاية بسبب ملامحها وشعرها، وطلبوا من فتيات الكومبارس أن ينقسمن إلى فريقين، فريق الأوروبيات وفريق المصريات فوقفت أمى بين المصريات، ولكنها اعترضت وتمردت حين عرفت أن الكومبارس الأوروبيات سيحصلن على أجر أعلى منهن، وقالت بكبرياء رغم صغر سنها: « ليه إحنا ولاد ناس ومش جايين من الشارع واحنا أحلى منهم ليه ناخد أجر أقل»، فكان نتيجة هذا التمرد أن تقرر منحها وزميلاتها نفس الأجر الذى تحصل عليه الأوروبيات».
تضحك الابنة قائلة: «أمى كانت أنزوحة ومعتزة بنفسها وكان والدى المخرج حسن رضا أول من أعجب بها ورأى فيها الموهبة ولفت انتباهه اعتزازها بنفسها»، تسترجع كيف لفتت شخصية والدتها انتباه أبيها المخرج: «كان بابا مخرج كبير ورأى والدتى تنزل من أتوبيس الكومبارس وتضع الفستان الذى سترتديه على يدها، وبمجرد نزولها سألت الموجودين بكل ثقة وكأنها بطلة الفيلم: «فين أوضتى»، فضحك، وبعدها تكرر أكثر من موقف أمامه، فأعجب بشخصيتها وكبريائها وموهببتها التى بدأت تلفت الانتباه، وشاركت فى مشاهد بسيطة من بعض الأفلام حتى حصلت على أدوار أكبر فى فيلمى عواطف واعترافات زوجة وانطلقت فى طريق النجومية والشهرة بتلك الشخصية القوية العنيدة القوية التى لا تقبل تنازلا أو إهانة، حتى أطلق عليها الكثيرون ممن تعاملوا معها اسم «عند رستم»، بدلا من هند رستم، وظلت هى محتفظة بهذه الصفات حتى رحيلها عن دنيانا فى عام 2011.