تتصاعد حدة التوتر بين روسيا والغرب، على خلفية رغبة بريطانيا وبعض الدول الأوروبية السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ كروز طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، فيما تعتبره موسكو بمثابة إعلان حرب بينها وبين الغرب وفى مقدمته الولايات المتحدة.
وأعلنت روسيا، الجمعة، طرد ستة دبلوماسين بريطانيين من البلاد، واتهمتهم بالتورط فى أعمال تجسس وتخريب.
وقال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إن القرار جاء ردا على الخطوات غير الودية العديدة التي اتخذتها لندن، في إشارة محتملة إلى إشارات من بريطانيا بأنها مستعدة للسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخها بعيدة المدى "ستورم شادو" ضد أهداف في عمق روسيا.
وردت بريطانيا على الإجراءات الروسية، ووصفت وزارة خارجيتها اتهامات التجسس بأنها بلا أساس لها، وأن الدبلوماسيين الستة غادروا روسيا الشهر الماضي، بعد إخطار موسكو للندن بقرارها في أوائل أغسطس. جاء ذلك بعد أن قالت بريطانيا في مايو إنها طردت ملحقا عسكريا روسيا بصفته ضابط استخبارات عسكرية غير معلن عنه وأنها تفرض قيودا أخرى على السفارة الروسية فى لندن.
يأتى هذا فى الوقت الذى تسعى فيه بريطانيا إلى السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ ستورم شادو طويلة المدى ضد أهداف داخل روسيا.
وستورم شادو هى صواريخ كروز إنجليزية فرنسية يصل أقصى مدى لها إلى 250 كيلومتر، ويطلق عليها الفرنسيين اسم سكالب Scalp.
أرسلت بريطانيا وفرنسا هذه الصواريخ بالفعل إلى أوكرانيا، مع تحذير كييف بعدم إطلاقها إلا على أهداف داخل حدودها. ويتم إطلاقها من طائرات تحلق بسرعة تقترب من سرعة الصوت وتعانق التضاريس قبل أن تسقط وينفجر رأسها الحربى شديد الانفجار.
وتعتبر صواريخ ستورم شادو سلاحا مثاليا لاختراق المخابئ المحصنة ومخازن الذخيرة كالتى تستخدمها روسيا فى حربها ضد أوكرانيا.
وتصل تكلفة الصاروخ الواحد مليون دولار أمريكى، حوالى 767 ألف جنيه استرلينى، لذلك يميلون إلى إطلاقها كجزء من موجة مخططة بعناية من الدرونز الأرخص، ويتم إرسالها مسبقا لإرباك واستنزاف الدفاعات الجوية للعدو، كما تفعل روسيا مع أوكرانيا.
وفي حديثه يوم الخميس عن التحول المحتمل في استخدام الصواريخ، حذر الرئيس فلاديمير بوتين من أن مثل هذا القرار يعني أن دول الناتو "في حالة حرب مع روسيا" وأنه "سيغير بوضوح جوهر وطبيعة الصراع".
وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف إن تصريح بوتين مهم للغاية، وأن الحكومة الروسية لا تشك في أن الرسالة وصلت إلى مرسليها".
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد قالت إن الرئيس الأمريكى جو بايدن يقترب من إفساح الطريق أمام أوكرانيا لإطلاق أسلحة غربية بعيدة المدى فى عمق الأراضى الروسية، طالما أنها لا تستخدم أسلحة تقدمها الولايات المتحدة، بحسب ما ذكر مسئولون أوروبيون.
وتأتى القضية، التى تمت مناقشتها لفترة طويلة داخل الإدارة الأمريكية، تزامنا مع زيارة رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر للولايات المتحدة اليوم، الجمعة، وهى أول زيارة رسمية له منذ وصوله إلى داوننج ستريت. وزار ستارمر الولايات المتحدة بعد أيام من توليه الحكم، لكن للمشاركة فى قمة السبع.
وكانت بريطانيا قد أشارت بالفعل للولايات المتحدة إلى أنها حريصة على السماح لأوكرانيا لاستخدام صواريخ طويلة المدى "ستورم شادو" لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا بعيدة عن الحدود الأوكرانية، لكنها تريد تصريح واضح وصريح من بايدن من أجل إظهار وجود استراتيجية منسقة مع الولايات المتحدة وفرنسا، التى تنتج صواريخ مشابهة.
وقال مسئولون أمريكيون إن بايدن لم يتخذ قرارا بعد، لكنه سيستمع إلى رئيس الوزراء البريطانيا.
ولو وافق بايدن، فإن هذه الخطوة ستساعد أوكرانيا، كما ذكرت الصحيفة، فى الحفاظ على خطها بعد استيلائها على أراضى روسية مثلما فعلت فى منطقة كورسك. لكن بايدن يتردد فى السماح لكييف باستخدام الأسلحة الأمريكية بنفس الطريقة، خاصة بعد تحذيرات من وكالة الاستخبارات الأمريكية بأن روسيا قد ترد بمساعدة إيران فى استهداف القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط.