الآثار الجسيمة التي خلفتها سيول المغرب مؤخرا، أعادت للأذهان كارثة السيول في المملكة عام 2014 ، فقد أصبحت قرى بكاملها منكوبة جراء ضعف البنى التحتية بتلك المناطق، التي عاشت لسنوات على وقع الجفاف.
أعادت هذه السيول وما نتج عنها من أضرار فتح ملف "هشاشة البنية التحتية " بتلك المناطق ، خاصة أن الأمر تكرر، فقد خلفت الفيضانات التي ضربت مناطق عدة بالجنوب الشرقي للمملكة خلال الأيام الماضية، خسائر مادية كبيرة على مستوى البنية التحتية.
وأثارت هذه الخسائر تساؤلات حول الصفقات العمومية التي تم إطلاقها بخصوص هذه البنى.
فلم تصمد القناطر والجسور والبنى التحتية المنجزة كثيرا في وجه أولى التساقطات المطرية.
ويرى المختصون بالشأن المحلي ـ بحسب صحيفة "هيسبريس" ـ أن هذه الفيضانات تكشف غياب الرقابة الحكومية، في هذا السياق، قال الناشط الحقوقى المغربى محمد سقراط، رئيس المنظمة المغربية لحماية المال العام ومحاربة الفساد، إن هذه الفيضانات أبرزت وجود شبهة اختلالات على مستوى صفقات المنشآت المنهارة أو المتضررة، ما يفرض فتح تحقيق بخصوصها.
وأوضح أن البنى التحتية التي تعرضت للانهيار جراء هذه الفيضانات، تؤكد أن بعض المشاريع لا تتم مراقبتها من قبل الجهات المسئولة، وهو ما يضعها أمام المسؤولية الجنائية بتهمة تبديد أموال عمومية، إلى جانب سوء الإدارة.
مبادرات الاهالى فى المغرب
إهدار المال العام
أضاف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، إن مثل هذه الكوارث الطبيعية تبرز أن الدراسات التقنية التي يعهد بها إلى بعض المكاتب تكون مبنية على معطيات غير دقيقة، بل أحيانا تنجز دون معاينة، ما يجعل المشاريع التي تنجز على ضوئها تتعرض للإتلاف والانهيار، مضيفاً أن صفقات على غرار القناطر والجسور تستلزم من الجهات الواقفة وراءها المواكبة المستمرة لأشغالها، لتفادي كوارث على غرار ما حدث جراء السيول الأخيرة، محملا المسؤولية في هدر المال العام بهذه المشاريع للمجالس المحلية والدوائر الفرعية عنها، المعنية بإبرام الصفقات.
حيث إن تلك الجهات تفتقر للموارد البشرية التي يمكنها المتابعة ومراقبة أعمال إنشاءات الطرق، ما يستلزم تمكين إدارات مركزية أو على مستوى الجهة من الإشراف على هذه الصفقات ومراقبتها، وبالتالي تحمل مسؤولية المحاسبة عن النتائج .
مبادرات الأهالى
وعلى صعيد آخر، بادر أهالى القرى والمناطق المتضررة جراء السيول بالمغرب، في إصلاح الطرق والأراضي التي أغرقتها المياه، تعبيرا منهم عن التعاون ووضع اليد باليد، في مواجهة الكوارث الطبيعية والأزمات المجتمعية، وذلك بالتوازى مع الجهود التي تقوم بها المجالس المحلية التي توفر الجرافات المعدات الخاصة بإصلاح الطرق.
في هذا السياق، انخرط السكان في ورش عمل لإصلاح التداعيات التي سببتها الأمطار الرعدية، وهى العملية التي يطلق عليها في المغرب اسم "تيويزى"، وهى ممارسة أمازيجية تحظى بانتشار واسع في جميع أنحاء المملكة، وتستمد مشروعيتها من تبني الجماعة مصالحها بنفسها في إطار تعاقدي جماعي مُلزم يجمع قيم التضامن والتآزر ، ويتم فيه توظيف طاقات الأفراد لتحقيق مصالح هذه الجماعة ذاتيا، وتنطلق من قيم عرفية إنسانية أخلاقية، وفق"هيسبريس" .
وتتخذ هذه العملية مظاهر مختلفة ليس في الكوارث فقط بل أيضا في مواسم الحصاد، والمواسم الدينية و الثقافية، أو عند شق الطرقات أو إصلاح قنوات الري وغيرها في الأحوال العادية؛ لكنها تبدو أكثر بروزا في الأزمات.
وهو ما ظهر جليا في مواجهة تداعيات "زلزال الحوز" بالمناطق المنكوبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة