د. عصام عبد القادر يكتب: القيادة السياسية.. عبقرية التفاوض.. تأثير الدبلوماسية الرئاسية.. الثبات والصمود.. النظرة المستقبلية.. الضربات الاستباقية

الجمعة، 13 سبتمبر 2024 06:00 ص
د. عصام عبد القادر يكتب: القيادة السياسية.. عبقرية التفاوض.. تأثير الدبلوماسية الرئاسية.. الثبات والصمود.. النظرة المستقبلية.. الضربات الاستباقية د. عصام عبد القادر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لقد مَنَّ الله علينا بقيادة سياسية رشيدة تعتمد في منهج صناعة القرار واتخاذه على فلسفة التخطيط الاستراتيجي بشكلٍ مقصودٍ؛ حيث تضع في اهتمامها المهمة الكبرى والأمانة العظمى التي تحملها على عاتقها، والمتمثلة في الحفاظ على مقدرات الدولة المصرية المادية والبشرية، والسعي قُدمًا وبصورة متواصلة وبجهد مضني وبعزيمة لا تفتر وبإرادة لا تلين تجاه تعظيم هذه المقدرات وصونها، والعالم بأسره يشهد بمنهجية المصداقية والجدية والتمسك بشرف الكلمة والالتزام بالعهد والوعد والميثاق، ناهيك عن أخلاق حميدة تمخضت من نسق قيمي نبيل يرصده الجميع من محبة الآخر وحسن الاستقبال وأدب الحديث والحنو والرحمة ومراعاة مشاعر الآخرين في الفرح والكرب.


وثمة تحديات متلاحقة تمر بها المنطقة ولا تزال، وأزمات متتالية شكلت في مجملها ضغوطًا على سبل المعيشة ومسارات اقتصاديات دول العالم دون استثناء، ناهيك على أن الاستقرار بات مهددًا في المنطقة كلها، بل وفي كثير من بقاع الأرض، وفي هذا الخضم الوعر تسير القيادة السياسية المصرية بحكمة بالغة يغلفها الصمود؛ فتعبر عن وجهة النظر برسوخٍ وتمكنٍ وثقةٍ زائدةٍ؛ لتصل رسالته في الداخل والخارج، وتحقق المراد والغاية والمغزى الذي تحمله بكل قوةٍ وعمقٍ، وتظهر حسن قراءة المشهد الحالي والمستقبلي وفق معلوماتٍ وبياناتٍ تتسم بالدقة والمصداقية من مصادرها الموثوقة.


إن منهجية التفاوض التي تتبناها القيادة السياسة تقوم على مبدأ راسخ يكمن في مصداقية الأقوال والاتساق في الأفعال، وهذا بالطبع يتمخض عن استشارات من أصحاب الخبرة في كافة المجالات النوعية، ودراسات أخرى مستفيضة من المؤسسات المعنية بالدولة، بما يزيد من حالة الثبات ويجنب التردد أو التراجع عما قد يتخذ من قراراتٍ أو أطروحاتٍ، ويثبت صحة المسيرة الدبلوماسية التفاوضية بمزيد من العملٍ الجادٍ والمتواصلٍ لا تؤثر عليه تقلبات الرؤى وتباين المصالح وغايات المغرضين ومآربهم غير السوية.


ويتوقف نجاح التفاوضات الدولية على أمر غاية في الأهمية، يتمثل في صورة قوة العلاقات مع دوال العالم دون استثناء، وقيادتنا السياسية انتهجت هذا المبدأ من توليها مقاليد الحكم؛ لتستطيع أو توطد علاقات الدولة المصرية بالعديد من الجهود المخلصة التي قامت على الشفافية والمعيارية والموقف الثابت في شتى المواقف التي على الساحة المحلية أو الإقليمية أو العالمية، وقد أكدت الدولة المصرية في العديد من المواقف والقضايا الدولية وفي القلب منها القضية الفلسطينية على موقفها الثابت المنسدل من قيم المجتمع الأصيلة.


ونوقن بأن عبقرية التفاوض الدبلوماسي تقوم على معيار حاكم يكمن في مصلحة الوطن العليا والدفاع عنه واقتناص حقوقه المشروعة، ومن ثم يعد التفاوض من أفضل المسارات التي تنتهجها القيادة السياسية التي تبتغي تحقيق التنمية الشاملة المستدامة ببلادها، كما ندرك بأن التفاوض أضحى مسارًا سلميًا يحقق ما لا تحقق النزاعات والخصومات، وفي كثيرٍ من الأحيان يفوق قدرة الحروب بكل تجهيزاتها العسكرية وعتادها الثقيل وأثارها المدمرة لطرفي النزاع.


وهناك مزايا تتحلى بها قيادتنا السياسية بشأن فنون التفاوض؛ حيث تتسم بالتنظيم والحلم والصبر والمثابرة في الوصول للغاية، مع الأخذ في الاعتبار خصائص الطرف الأخر الذي تتفاوض معه على الطاولة المستديرة، ومن ثم تمتاز الدبلوماسية الرئاسية بقدراتها المتفردة والمتميزة في إدارة العديد من الملفات التي تهم الدولة وشعبها العظيم، ويحسب للدولة وقيادتها الحكيمة استقلاليتها فيما تتخذه من القرارات؛ فلا تخضع لضغوط ٍأو مغرياتٍ، أو تُستمال لطرفٍ ضد طرفٍ أخر، وهذا ما قد يثير حفيظة المغرضين، وأصحاب المأرب والغايات الذين يتربصون بالدولة ويمكرون لها، ويحاولون تصدير أزماتٍ متنوعةٍ في مواقيتٍ مختلفةٍ ومتواليةٍ.


وتبدو قوة التأثير للدبلوماسية الرئاسية واضحة في تجنبها الصريح لفلسفة التدخل في شئون الدول، والعمل المستدام القائم على تعضيد أطر التعاون والشراكة في المجالات الاقتصادية المختلفة، والحرص على التبادل القائم على المنفعة المشتركة، وهذا بالطبع يؤكد في نفوس الطرف الآخر صدق توجهات واتجاهات الدولة وقيادتها السياسية، ويحقق لها النجاحات تلو الأخرى فيما تقوم به من ممارسات على الساحة الدولية، ويعزز مواقفها لدى المجتمع الدولي في كافة المحافل.


وتؤدي الدبلوماسية الرئاسية دورًا فاعلًا ومؤثرًا حيال ما يحدث بالمنطقة التي باتت ساخنة من خلال حربٌ غير عادلةٍ على شعبٍ أعزلٍ؛ فقد اتخذت قيادتنا السياسية منذ اللحظة الأولى موقفًا واضحًا وما زالت ثابتةً عليه، وتسعى بكل طاقتها على المستوى الدولي والإقليمي لحلٍ يؤدي إلى وقف نزيف الدم، ويعمل على تهدئة المنطقة بأسرها، التي أضحت على مشارف حرب شاملة، ومن أجل إيقاف ذلك تواصل الدبلوماسية الرئاسية على مدار الساعة مسار المفاوضات بغية عدالة ناجزة تتمثل في حل الدولتين والعمل على تأسيس دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.


إن شعب المصري العظيم يدرك حجم الضغوط والشائعات التي تتعرض لها الدولة المصرية، وقيادتها العظيمة من قبل العديد من الجهات والمنابر التي لا تتوقف عن بث الفتن ليل نهارٍ، ونعي تمامًا ما تقوم به القيادة السياسية ومؤسساتها والمعنيين بالأمر من أجل القضية الفلسطينية وبقائها على الساحة الدولية والتصدي لتصفيتها على حساب دول الجوار، ومن ثم نشد على أزر قيادتنا ونثمن موقفها الواضح ونصطف جميعًا خلفها، من أجل أن تتحقق المرامي السامية وينتصر الشعب الفلسطيني لقضيته شاء من شاء وأبى من أبى.


إن النظرة المستقبلية لقيادتنا السياسية هيأت مسارات الرشد للدولة المصرية؛ كي تبني مزيد من العلاقات الدولية داخل القارة وخارجها؛ حيث لم تتجاهل الدولة ومؤسساتها بفضل توجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لقضايا الساحة الدولية؛ فلم يكن هناك قضية دولية في العالم؛ إلا وكانت الدولة المصرية في القلب حاضرة، وهذا الأمر مكن الدولة من أن تقوم بمهمتها الرئيسة المتمثلة في التنمية المستدامة لمجالاتها كافة؛ فكان في المقدمة مشروعات تنموية عملاقة حفزت وشجعت الكثير من الدول تجاه عقد شراكات وتعاون تجاري واستثماري وصناعي وزراعي وتقني، بما يزيد من تبادل المصالح ويقوي العلاقات مع الدولة المصرية، بل ويجدد الروابط على المستوى الثقافي والحضاري والمجتمعي.


ونوقن بأن من يمتلك رؤية للمستقبل؛ فإنه يعي مقومات اقتصاده ويوفر لنموه مقومات الاستقرار في مجالاتها المختلفة؛ فنحن نعايش مدى حرص قيادتنا السياسية على تحقيق التنمية المستدامة، بصورة متواصلة رغم التحديات؛ فهناك عقيدة راسخة تتحدث عن أن قطار النهضة والنماء لا يتوقف مهما بلغت الأسباب؛ لذا توجهت الأنظار الخارجية بقوة إلى الدولة وما بها من فرص استثمارية يمكن أن تقتنصها في ظل أمن وأمان ومناخ داعم يسهم في التنمية الاقتصادية في كافة ربوع الوطن؛ فتلك هي الشراكة والتعاون التركي والبرازيلي الذي شهدناه في العديد من مجالات التنمية، مما يؤكد أن الدولة المصرية بوابة الشرق الأوسط تشكل أهمية قصوى للعالم بأسره، وبدون شك يعزز في نفوسنا حبنا وعشقنا لترابها، ويعمق الولاء والانتماء لدى الشعب العظيم الذي تحمل الكثير كي يحافظ على كيان هذه الدولة.


لقد كان وما يزال للقيادة السياسية المصرية ضربات استباقية ساهمت في إخراج البلاد من الأنفاق المظلمة بأمان وسلامة وقوة وعزيمة وإرادة نحو استكمال مسيرة التنمية والنهضة؛ فنؤمن بأن سياسة التهور والتعصب والانفعال والاندفاع التي نراها في المناطق والدول التي يثار فيها الرعب والفزع، وتدار برحى الحروب والاقتتال، تؤصل للكراهية والبغض لجيل تلو جيل، وتورث النزاعات والصراعات المسلحة وتحث عليها، وتعضد للعصبية والعنصرية، ولا تحمل رؤى مستقبلية بعيدة المدى.


إن نتاج الحروب والنزاعات المسلحة باتت مدمرة لأجيال تلو الأخرى، ومكاسبها ضيقة، وويلاتها مستدامة؛ حيث لا تدع للاستقرار والأمان منزع قوس، ولن يكون للعدل والمساواة مكانة في قاموسها وتاريخها الذي يزول بأيدي أنصارها من متعصبين ومتغطرسين وأصحاب العقول المريضة؛ فركيزة نهضة الأمم تقوم على الأمن والاستقرار المشفوع بالتسامح والسلام؛ فالجميع له حق الحياة على أرض أوجدنا الله عليها بغية العمل سويًا على إعمارها.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة