تستعد أوروبا من جديد لمواجهة أزمة الغاز الطبيعى ، مع دخول فصل الشتاء الذى يعتبر كابوسا للقارة العجوز ، في ظل توقف امدادات أوروبا على خلفية اندلاع حرب أوكرانيا ، حيث أن الدول الأوروبية بدأت منذ بداية الصيف لتخزين كميات كبيرة من الغاز الطبيعى خلال فترة الصيف.
وأشار تقرير صحيفة الباييس الإسبانية إلى أنه كان من الممكن أن يتجاوز الاتحاد الأوروبي ذروة الطلب على الغاز الطبيعي المسال، وفقًا للمعهد الدولي للتحليل الاقتصادي (IEEFA).
وأشار التقرير إلى أنه من المرجح أن تتجاوز أوروبا ذروة استهلاك الغاز الطبيعي المسال مع دخول الشتاء ، في الوقت الذى انخفض الطلب على الوقود في القارة بنسبة 20% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024، ومع انخفاض متوسط معدل استخدام محطات الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي إلى أقل من 50% في النصف الأول من عام 2024، فإن الاندفاع لبناء بنية تحتية مفرطة للاستيراد قد يقترب من نهايته.
ولا تزال العديد من الدول الأوروبية تخطط لمحطات جديدة، وبحلول عام 2030، يتوقع IEEFA أن يؤدي ذلك إلى بقاء ثلاثة أرباع قدرة استيراد الغاز الطبيعي المسال في القارة غير مستخدمة، كما زادت واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى أوروبا بنسبة 11% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024، وزادت واردات فرنسا بأكثر من الضعف أي بنسبة 110% ، وظلت الواردات إلى إسبانيا مستقرة، وانخفضت الواردات إلى بلجيكا بنسبة 16%، وشكلت هذه الدول الثلاث 87% من الواردات الأوروبية من الغاز الطبيعي المسال الروسي في النصف الأول من عام 2024.
و ظلت محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال في الاتحاد الأوروبي عاطلة عن العمل خلال معظم النصف الأول من عام 2024، مع استمرار انخفاض الطلب على الوقود في جميع أنحاء القارة.
وأشار التقرير إلى أنه قد يكون هناك وعي متزايد بأن البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في أوروبا ستصبح غير مستغلة بشكل متزايد مع انخفاض استخدام الغاز بشكل أكبر، وبعد انخفاضه إلى أدنى مستوى في 10 سنوات في عام 2023، انخفض استهلاك الغاز في أوروبا بنسبة 5.4% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024، وانخفض استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي فقط بنسبة 3%.
في أعقاب الهجوم الروسى واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022 وما نتج عن ذلك من قطع إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، سارعت الدول الأوروبية إلى بناء محطات جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي عن طريق السفن. لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن هذا البناء يفقد زخمه.
وقالت آنا ماريا جالير ماكارويتز، كبيرة محللي الطاقة في أوروبا في IEEFA: "موجة بناء محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا قد تكون على وشك الانتهاء، حيث تقوم بعض الدول بتأخير أو إلغاء البنية التحتية".
وأضافت "منذ أوائل عام 2023، تم تعليق المحطات أو التوسعات الجديدة في ألبانيا وقبرص وأيرلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، ومن غير الواضح ما إذا كانت المحطات الثلاث المخطط لها في اليونان ستمضي قدمًا".
وعلى الرغم من انخفاض الطلب، لا تزال العديد من الدول الأوروبية تخطط للاستثمار في البنية التحتية الجديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. وبحلول عام 2030، يتوقع التقرير أن يؤدي ذلك إلى بقاء ثلاثة أرباع قدرة استيراد الغاز الطبيعي المسال في القارة غير مستخدمة.
وفي يونيو ، وافق الاتحاد الأوروبي على حظر إعادة شحن الغاز الطبيعي المسال الروسي في موانئه وشحنه إلى دول ثالثة، وسيدخل الحظر حيز التنفيذ اعتبارًا من مارس 2025، حيث زادت أوروبا شحنات الغاز الطبيعي المسال من محطة يامال الروسية بنسبة 15% على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024.
ومن المقرر أن تنتهي اتفاقية نقل الغاز الطبيعي بين أوكرانيا وروسيا في نهاية هذا العام، ومع استمرار انخفاض واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال، فمن غير المرجح أن يتأثر أمن الإمدادات في القارة إذا لم يتم تمديد الصفقة. وخفضت أوروبا وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بمقدار 18 مليار متر مكعب.
ويعتبر شهر أغسطس هو الشهر الذي شهد أقل استهلاك للغاز في أوروبا حتى الآن خلال هذا القرن، وخلافا لأزمة الطاقة، فإن هذه الظاهرة الآن تتجاوز الصناعة: على الرغم من الحرارة الشديدة، فإن استخدامها لتوليد الكهرباء ينخفض بشكل حاد.
استثمارات أوروبا
على مدى العامين الماضيين، استثمرت أوروبا مليارات الدولارات في الغاز الطبيعي المسال لتعويض إمدادات الغاز الروسي التي كانت تهيمن على السوق، خاصة عقب اندلاع حرب الكرملين في أوكرانيا، ومع ذلك، سجلت نصف محطات استيراد الغاز الطبيعى المسال في الاتحاد الأوروبي نسب تشغيل أقل من 50% في النصف الأول من العام الحالي.
ألمانيا مثالاً واضحاً
تعد ألمانيا مثالاً بارزاً على هذا الاتجاه، إذ استأجرت محطات عائمة لاستيراد الغاز من دول مثل الولايات المتحدة، وهي الآن تبني منشآت برية للغاز الطبيعي المسال. غير أن التوسع السريع في استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية يهدد الطلب على هذا النوع من الوقود.
وأوضحت أن الطلب على الغاز في ألمانيا انخفض بنسبة 4% في النصف الأول من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما أن التوقعات للطلب الصناعي تبدو قاتمة، حيث أدت أزمة الطاقة إلى تعطيل العمليات وإجبار بعض المصانع على الإغلاق أو الانتقال إلى مناطق يكون الوقود فيها أرخص.
يعتقد الساسة الألمان أن التوسع في البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال ضروري لضمان أمن الطاقة وتجنب الاعتماد الخطير على الغاز الروسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة