تمر اليوم الذكرى الـ 212 على نجاح الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت من احتلال موسكو أهم مدن الإمبراطورية الروسية، بدون حرب، إذ دخل المدينة وهى خاوية تماما من سكانها، قبل أن تهزم قواته ويتراجع، حيث اتجه "بونابرت" برفقة مئات الآلاف من جنوده لغزو الأراضى الروسية، وعلى الرغم من الخسائر البشرية الهائلة التى منى بها الروس، إلا أن جيوش نابليون لم تتمكن من احتلاها.
كان هدف نابليون من الحرب مع روسيا هو إجبار قيصر روسيا ألكسندر الأول على وقف التجارة مع بريطانيا مما كان سيدفعها برأيه لقبول الصلح مع فرنسا. أما الهدف السياسى الرسمى من الحرب فكان تحرير بولندا من التهديد الروسي. لذلك أطلق نابليون اسم "الحرب البولندية الثانية" على حملته لكي يكسب تعاطف البولنديين وليوفر غطاًء سياسيًا للحملة.
ويبدو أن دخول نابليون كان مجرد مخطط من القوات الروسية التي جعلت بونابرت لم يفرح بدخوله المدينة حتى فاجأته، حيث يذكر كتاب "الصراع بين البورجوازية والإقطاع 1789–1848م (المجلد الثاني)" تأليف محمد فؤاد شكري، أنه في مساء 14 سبتمبر، ولما يمض قليل على دخول الفرنسيين إلى موسكو واستيلائهم عليها شبت النار في موسكو، وظَلَّتْ مشتعلة مدة طويلة، وتغذي سعيرها رياح الخريف، فاستعصى إخمادُها إلا بعد أن كانت قد الْتَهَمَتْ أكثر من سبعة آلاف مبنى، أي خربت حوالي تسعة أعشار المدينة.
وقال نابليون — في حزن وهو يمر بين أطلالها بعد الحريق: "إنهم (أي الروس) لبرابرة حقًّا، وإن ذلك (حريق موسكو) لدلالة على ما سوف ينطوي عليه المستقبل من كوارث"، حقيقة لقد قضت النار على كل شيء، فهي قد ظلت مشبوبة مدة أربعة أيام، والتهمت الأخضر واليابس، ثم تزايد اشتعال وقودها؛ لأن الطبقة المتوسطة بيوتها الصغيرة مصنوعة من الخشب، فكانت كعيدان الكبريت، وللمرء أن يتساءل: هل كان الحريق مدبرا أم بسبب حادث؟
ويوضح الكتاب سالف الذكر أن الروس بقيادة "كوتوزوف" دائمًا، والذين تقهقروا من بورودينو إلى موسكو، كان قد صح عزمهم على عدم تعريض مصير جيشهم للخطر بالاشتراك في معركة كبيرة أخرى مع الفرنسيين، إذا حاربوا من أجل الدفاع عن موسكو؛ فقرروا إخلاءها، وأدرك الروس — إلى جانب هذا — أن الفرنسيين سوف تحل بهم الهزيمة لا محالة عند مجيء الشتاء، إذا وجدوا أنفسهم في أرض العدو، تفصلهم مسافات شاسعة عن قواعِدِهم ومخازِن مؤنهم وعتادهم، وذلك كله دون حاجة لقتالهم والاشتباك معهم في أية معارك؛ وعلى ذلك فإن الجيش الروسي لم يلبث أن غادر موسكو في 14 سبتمبر 1812 متسللًا من شوارعها وهو في طريق هربه إلى كولومنا، وتبعه في انسحابه أكثر أهل موسكو، وكان قد سبق جلاء النبلاء والطبقات العليا من البلدة، كما نقلت منها المخازن والأشياء الثمينة، فلم يَبْقَ بها الآن غير قليلين (من الطبقات الدنيا) وأُخْلِيَتْ موسكو تمامًا، وفي مساء اليوم نفسه (14 سبتمبر 1812) دَخَلَتْ طلائع الجيش الفرنسي موسكو، وفي اليوم التالي (15 سبتمبر) اتخذ نابليون مقره في قصر الكرملين محل إقامة القياصرة من قديم الزمن في هذه العاصمة التي أقفرت الآن من أهلها.
لكن وبفعل الحصار وقطع الامدادات بين عن جيش نابليون، قامت قوات بونابرت في 19 أكتوبر 1812 أخلى الفرنسيون (120000) موسكو، وكان في المؤخرة المارشال "مورتييه" لينسف قصر الكرملين بعد جلاء الجيش؛ بناءً على تعليمات نابليون نفسه، وقد نفذ «مورتييه» هذا الأمر، وتهدم أكثر القصر.
خلال الانسحاب عانى جيش نابليون وفقا لموقع هيستورى من مضايقات مستمرة من قبل جيش روسي، ووصل الجيش المهلك إلى نهر بيريزينا في أواخر نوفمبر، لكنه وجد طريقه مسدودًا من قبل الروس، وفي 27 نوفمبر ، اقتحم نابليون طريقًا في ستودينكا، وعندما عبر الجزء الأكبر من جيشه النهر بعد يومين أُجبر على حرق الجسور المؤقتة خلفه ، مما أدى إلى تقطع السبل بنحو 10000 متشرد على الجانب الآخر.
أصبح الانسحاب بمثابة هزيمة، وفي 8 ديسمبر ترك نابليون ما تبقى من جيشه للعودة إلى باريس وبعد ستة أيام، هرب الجيش الكبير أخيرًا من روسيا ، بعد أن عانى من خسارة أكثر من 400 ألف رجل خلال الغزو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة