تمر، اليوم، الذكرى الـ703، على رحيل الشاعر الإيطالى الشهير دانتى أليجييرى، أحد أعظم شعراء إيطاليا عبر التاريخ، وواحد من أهم شعراء العصور الوسطى، إذ رحل فى 14 سبتمبر عام 1321م، عن عمر ناهز 56 عامًا، ولعل أعظم أعمال "دانتى" كانت الكوميديا الإلهية المكونة من ثلاثة أقسام الجحيم، المطهر والفردوس، التى تعتبر بمثابة البيان الأدبى الأعظم فى العصور الوسطى فى أوروبا، وصاحبة الأثر الأكبر على العديد من المؤلفات الأدبية واللاهوتية.
وعرف دانتي باطلاعه الكبير على الثقافة الإسلامية، ويشار إلى أنه تأثر بالكثير من المصادر العربية في بعض كتاباته وخصوصاً الكوميديا الإلهية، التي يري الكثير من النقاد والباحثين أنه استقاها من أكثر من مصدر عربي أشهرهم "رسالة الغفران" للمعري.
ومن المصادر العربية التي استلهم منها دانتي رائعته "الكوميديا الإلهية" بحسب ما ذكره الكثير من النقاد، كتاب "المعراج" لأبي القاسم عبد الكريم القشيري، حيث يروا وجود تشابه كبير بين «الكوميديا الإلهية» وموضوعات عربية، استيقت من كتاب "المعراج"، ويذكر أن الشاعر الإيطالي كان قد كلف طبيبه إبراهام الطليطلي بأن يترجم من العربية إلي الإسبانية كتاب (معراج محمد) عام 1264م، وهذا الكتاب يقع ضمن دائرة اهتماماته الكبرى بترجمة عيون الفكر والعلوم العربية إلى الإسبانية، وهو يعد موسوعة تاريخية هامة عن تاريخ العالم كله وإسبانيا بخاصة، ويبدو أن السبب الحاسم في ترجمته أن يعرف الناس حياة وتعاليم مُحمّد وما فيها من أحداث.
ويذكر الدكتور لويس عوض فهو يطرح فى كتابه (على هامش الغفران) السّؤال التّالي: "هل اعتمد دانتى فى الكوميديا الإلهية على ما تعلمه من قصة المعراج وحدها، أو أنه كان على علم أيضا برسالة الغفران" وهو مقتنع تماما بأن دانتى قد تأثر بقصة المعراج أولا، ثم يرجح أن رسالة الغفران للمعرى كانت فى متناول يدى دانتي، وقد قرأها عن ترجمة لاتينية ضائعة، ويعزو ترجيحه هذا إلى "أن أوجه الشبه بينها وبين الكوميديا الإلهية أوضح ما يمكن أن يُنسب إلى محض الصّدفة أو توارد الخواطر بين الشعراء".
هناك جوانب متعدّدة تتشابه فيها هذه القصة الصوفية الرمزية لابن عربي مع ملحمة دانتي الشعرية، فكل من المفكرين يعتبر الرحلة رمزاً للحياة المعنوية للأرواح البشرية، هناك تجربة صوفية أخرى تنتمي للأدب الفارسي قورنت بالكوميديا الإلهية، وهي منظومة "سير العباد إلى المعاد" للشاعر الفارسي سنائي، أو الشعراء المتصوفون الثلاثة العظام ممن كتبوا المثنويات في إيران، وثانيهم فريد الدين العطار، وثالثهم جلال الدين الرومي.