فيما يبدو أن هناك بؤرة جديدة للصراف الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين بسبب الرسوم الجمركية، وهو الصراع الخفي الدائر منذ العام 2018 مع اتجاه إدارة دونالد ترامب حينها لفرض مزيد من الرسوم على البضائع الصينية.
التعديلات على الرسوم الجمركية المقررة تطال سلعًا ومدخلات إنتاج بـ 18 مليار دولار، والتي أعلن عنها الرئيس جو بايدن في مايو الماضي.
مؤخرًا قررت الولايات المتحدة الأميركية زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، بما في ذلك رسوم بنسبة 100 % على المركبات الكهربائية، لتعزيز الحماية للصناعات المحلية الاستراتيجية من فائض الطاقة الإنتاجية التي تقودها الدولة في الصين.
تفاصيل الرسوم الأميركية
وتشمل الرسوم الأميركية الجديدة فرض 50 % على الخلايا الشمسية، و25 % على الصلب والألمنيوم وبطاريات السيارات الكهربائية والمعادن الرئيسية، ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في 27 سبتمبرالجاري.
وقرر الممثل التجاري الأميركي، تأجيل فرض الرسوم الجمركية على أشباه الموصلات الصينية بنسبة 50% والتي تشمل فئتين جديدتين - البولي سيليكون المستخدم في الألواح الشمسية ورقائق السيليكون – حتى مستهل عام 2025.
رد صيني على الرسوم الأميركية
وأعلنت بكين معارضتها القوية وتعهدت باتخاذ الخطوات اللازمة لحماية مصالح شركاتها المحلية، أصدرت وزارة التجارة الصينية بياناً، تدعو فيه الولايات المتحدة إلى التراجع الفوري عن "أخطائها" وإزالة جميع الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع الصينية.
وأكدت وزارة التجارة الصينية، على تصميم الصين على تنفيذ إجراءات تهدف إلى الدفاع بحزم عن حقوق ومصالح الشركات الصينية، يعكس البيان التوتر المستمر بين أكبر اقتصادين في العالم حول السياسات التجارية.
وفي تصريحات نقلتها رويترز عن المستشارة الاقتصادية العليا للبيت الأبيض، ليل برينارد، تؤكد أن "القرارات تستهدف ضمان تنويع صناعة السيارات الكهربائية الأميركية بعيداً عن سلسلة التوريد المهيمنة في الصين".
وقالت إن مثل هذه التعريفات "الصارمة والمستهدفة" ضرورية لمواجهة إعانات الدعم التي تقودها الدولة الصينية وسياسات نقل التكنولوجيا التي أدت إلى الإفراط في الاستثمار والقدرة الإنتاجية الزائدة.
العلاقات التجارية بين الصين وأميركا
وتتسم العلاقات التجارية بأنها غير متوازنة، حيث تبلغ صادرات الصين إلى الولايات المتحدة ما يزيد عن ثلاثة أضعاف قيمة البضائع التي تصدرها الولايات المتحدة إلى الصين، و بحسب بيانات 2022، كانت الصين رابع أكبر شريك تجاري للسلع الأمريكية بإجمالي تجارة يبلغ 690.3 مليار دولار، ورابع أكبر سوق للصادرات الأمريكية بقيمة 154 مليار دولار، وثاني أكبر مصدِّر للواردات الأمريكية بقيمة 536.3 مليار دولار.
وقد تراجع الميزان التجاري بين كل من الصين والولايات المتحدة بحوالي 170% حتى أكتوبرعام 2023 مقارنة بالعام السابق عليه، حيث سجلت الواردات الأمريكية من الصين انخفاضاً من 462 مليار دولار إلى 357 مليار دولار.
أما صادرات الولايات المتحدة إلى الصين فلم تتراجع كثيرا حيث سجلت 125 و122 مليار دولار خلال عامي 2022 و2023 على التوالي. وقد سجلت الصادرات السلعية الأمريكية إلى الصين في شهر أكتوبر 2023 أعلى نسبة لها منذ أكتوبر 2021 بلغت 16.7 مليار دولار. كذلك سجل الميزان التجاري السلعي مع الصين عجزاً في الربع الثالث من عام 2023 بحوالي 63.8 مليار دولار .
يأتي نداء وزارة التجارة الصينية للولايات المتحدة لرفع الرسوم الجمركية وسط خلفية من المفاوضات التجارية المعقدة والاستراتيجيات الاقتصادية التي تضع الأسواق العالمية في حالة تأهب. لم ترد الولايات المتحدة بعد على البيان الصادر عن بكين، مما يجعل المجتمع الدولي يراقب عن كثب أي تطورات في هذه العلاقة الاقتصادية الهامة.