أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، أن الاحتفال بالمولد النبوى ارتبط بثلاثة أماكن وهى "قصر الخلافة والمشهد الحسينى فى العصر الفاطمى والحوش السلطاني أو حوش الباشا فى القلعة فى العصرين المملوكى والعثمانى وبركة الأزبكية أيام الحملة الفرنسية".
وأوضح أن الاحتفالية في العصر الفاطمي كانت بخروج الخليفة راكبًا حصانه ومن خلفه سيدة القصر في هودجها في موكب مهيب يبدأ من قصر الخلافة وحتى مشهد الحسين رضي الله عنه والمشهد هو المكان الذى يدفن فيه الشهيد، ومن هذا الموكب ظهر ما يعرف بحصان المولد وعروسة المولد.
ونوه الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى قصر الخلافة الفاطمى وكان قصرا شرقيا أسسه جوهر الصقلى عام 970م لوصول الخليفة المعز لدين الله، والقصر الغربي أُضيف في عهد العزيز بالله (حكم 975-996م) وبينهم ساحة تسمى بين القصرين، ومكان القصر الشرقى اليوم هو مسجد الحسين وخان الخليلي إلى مدرسة الظاهر بيبرس البندقداري وقبة الملك الصالح نجم الدين أيوب، ومكان القصر الغربى اليوم سوق النحاسين وضريح قلاوون بشارع المعز لدين الله الفاطمى.
أمّا المشهد الحسينى فقد بنى في العصر الفاطمي 549 هـ – 1154 م، تحت إشراف الوزير الصالح طلائع بن روزيق، وأضيفت على المسجد توسعات في العصر الأيوبي حيث أنشأ أبو القاسم السكري المعروف بالزرزور، منارة على باب المشهد سنة 634هـ، 1236م، تعلو الباب الأخضر، وقد تهدم معظمها، ولم يبق منها إلا القاعدة المربعة وعليها لوحتان تأسيسيتان وقد جددت وهي الموجودة الآن، وتوالت التجديدات عبر العصور الإسلامية، ويضم الغرفة الشريفة وبها قطعة من قميصه الشريف من القطن المصري أهدته إليه زوجته السيدة (ماريا القبطية)، بقايا عصا، سيف الرسول و عدد أربعة شعرات من دقن وشعر الرأس ومصحف سيدنا على بن أبى طالب ومصحف سيدنا عثمان بن عفان.
العصر المملوكى والعثمانى
وتابع الدكتور ريحان بأن مظاهر الاحتفال فى العصر المملوكى والعثمانى بإقامة السلطان خيمة بالحوش السلطاني فى القلعة ذات أوصاف خاصة تسمى “خيمة المولد” ينصبها 300 شخص ويوضع عند أبوابها أحواض من الجلد تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون وتعلق حولها الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس الأصفر والمزينة بالنقوش الجميلة وتربط هذه الأكواب بسلاسل من النحاس والناس تشرب منها.
والحوش السلطانى أوحوش الباشا فى العصر العثمانى يقع حاليًا فى الطرف الجنوبى الغربى من الساحة الجنوبية لقلعة صلاح الدين، ويضم حاليًا ثلاثة مبانى قصر الجوهرة وسرايا العدل ومقعد قايتباى ككتلة واحدة، وشيد قصر الجوهرة فى عهد محمد على باشا للاستقبالات الرسمية
الحملة الفرنسية
ذكر المؤرخ "عبد الرحمن الجبرتي"، الذي عاش في زمن الحملة الفرنسية على مصر، في كتاباته أن نابليون بونابرت اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة (1213 هـ / 1798م) من خلال إرسال نفقات الاحتفالات إلى منزل الشيخ البكري، نقيب الأشراف فى مصر، في حي الأزبكية، وكانت ترسل الطبول الضخمة والقناديل، وفي الليل تقام الألعاب النارية احتفالًا بالمولد، وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية وقادتها.
وأوضح الدكتور ريحان أن حكاية الأزبكية تبدأ من أواخر القرن الرابع عشرالميلادى حين أهدى السلطان قايتباي مكافأة لقائد جيوشه الأتابك سيف الدين بن أزبك قطعة أرض ناحية بركة بطن البقرة وأقام عليها منزلًا له ومتنزهًا حول البركة يحمل اسمه "الأزبكية"، الذى أقام عليها الحديقة على مساحة 60 فدان.
وبحلول عام 1495م كانت الأزبكية قد تحولت إلى حي كبير يتوسط القاهرة، وبعد دخول العثمانيين مصر شيد رضوان كتخدا في الأزبكية قصرًا كبيرًا على حافة البركة الشرقية وسماه "العتبة الزرقاء"، ومن ميدان الأزبكية خرجت جماهير القاهرة عام 1805م تنادي بمبايعة محمد علي أميرًا على مصر.
ويعتبر الخديوى إسماعيل المؤسس الحديث للأزبكية حيث عاد عام 1867م من زيارته لباريس مبهورًا بعمرانها الحديث وشوارعها وحدائقها فقرر تحويل الأزبكية إلى حى حديث على شاكلة الأحياء الباريسية يضم حديقة رائعة فأصدر أوامره عام 1864م بردم البركة التي كانت تتوسط الميدان، وأنشأ في نفس مكانها عام 1872م حديقة الأزبكية على يد المهندس الفرنسي "باريل ديشان بك"، على مساحة 18 فدانًا أحيطت بسور من البناء والحديد وفتحت بها أبواب من الجهات الأربع.
عروسة المولد
وعن حكاية عروسة وحصان المولد، أشار الدكتور عبد الرحيم ريحان إلى أنها تجسيد لأسطورة إيزيس وأوزوريس في شكل حصان المولد المستوحى من تمثال "حورس" راكبًا الحصان ممسكًا بالسيف ليقتل رمز الشر "ست" الذي صور على هيئة تمساح وفي شكل عروسة المولد وكرانيشها الملونة المستوحاة من جناح "إيزيس" الملون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة