سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 سبتمبر 1970.. غارات طائشة على مواقع مصرية بعد إسقاط الدفاع الجوى لأكبر طائرة استطلاع إسرائيلية ومقتل ضباطها المتخصصين فى الحرب الإلكترونية

الأربعاء، 18 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 سبتمبر 1970.. غارات طائشة على مواقع مصرية بعد إسقاط الدفاع الجوى لأكبر طائرة استطلاع إسرائيلية ومقتل ضباطها المتخصصين فى الحرب الإلكترونية محمد على فهمى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أقلعت الطائرة الإسرائيلية «استراتوكروزر» ظهر الجمعة 17 سبتمبر 1971 لتصوير الجبهة المصرية فى منطقة قناة السويس، وبعد إقلاعها بنحو 40 دقيقة تحولت إلى أجزاء محترقة سوداء تناثرت فى رمال صحراء.

سقطت الطائرة بكمين لصورايخ «سام 2» وبعملية بطولية من قوات الدفاع الجوى المصرى بقيادة اللواء محمد على فهمى، أول قائد لهذا السلاح، والذى أصبح رئيسا لأركان القوات المسلحة المصرية عام 1975، ويذكر فى كتابه «القوة الرابعة، تاريخ الدفاع الجوى» أن هذه العملية «كانت مثالا رائعا لإحكام التخطيط ودقة التنفيذ، كان هدفنا أن نوقع بالعدو خسارة فادحة بأن نتخير لعمليتنا هدفا دسما يوجع إسرائيل، فاستقر رأينا على اصطياد طائرة الاستطلاع الإلكترونى باعتبارها أغلى ما تملك إسرائيل من طائرات، وكان لا بد من الخداع لاستدراج الفريسة».

كانت الطائرة هى الأغلى والأعلى فى مجال الاستطلاع الجوى الإسرائيلى، لامتلاكها قدرة التنصت على خطوط الاتصالات واستشعار نبضات الرادارات المصرية، مما يسهل رصد مواقعها بدقة ويجعل اصطيادها سهلا، أما خسائر إسرائيل فى إسقاط الطائرة فكان مقتل كل من كان فى الطائرة، ومنهم 5 ضباط متخصصين فى الحرب الإلكترونية هم، الرائد أفرايم ماجن، الرائد زائيف أوفير، النقيب أموس جاى، النقيب يورام حيدت، النقيب الياف انبال، ومن صف الضباط، الرقيب أول يتسحاك تامير، العريف دافيد سيرى، وهذه الأسماء من النسخة التشيكية لكتاب «طيارون بنجمة داود» تأليف «ميرافه البيرين، وأهارون لابيدوت، ترجمة «أحمد سيد» عضو صفحة «المجموعة 73 مؤرخين».

يكشف «فهمى»، أن قائد العملية قدر وقتها أن التوقيت المرجح للتنفيذ الفعلى سيكون يوم الجمعة 17 سبتمبر 1970، الموافق 27 رجب، وعلى الفور أصدر أوامره بإطلاق اسم «27 رجب» على العملية تفاؤلا بالذكرى العطرة لذلك اليوم الكريم، وصدق حس القائد، ففوجئت الأمة الإسلامية كلها وهى تحتفل بهذا اليوم العظيم بالإذاعة الإسرائيلية تزف إليها نبأ إسقاط الدفاع الجوى المصرى لأغلى طائرة تملكها القوات الجوية الإسرائيلية ومقتل جميع من فيها.

يضيف فهمى: «أثناء التخطيط وضعنا سيناريو كاملا لكل التفاصيل بما فى ذلك ردود الفعل المحتملة من جانب العدو وكيفية مواجهتها، وتوقعنا وقتها أن يلجأ العدو كعادته فى عملية ردود الفعل إلى محاولة مفاجأتنا باستخدام أحدث الأسلحة التى حصلت عليها القوات الجوية الإسرائيلية، وكان هذا السلاح فى ذلك الوقت هو الصواريخ المضادة للرادار «شرايك»، ضد محطات رادار الإنذار ومحطات توجيه الصواريخ، وتم تدريب القوات على أسلوب خاص ابتكرناه للاشتباك مع الطائرات المعادية المزودة بالصواريخ «شرايك»، وفى صباح اليوم التالى «18 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1970» لإسقاط الطائرة «الاستراتوكروزر» صح ما توقعناه، وأعددنا أنفسنا لمواجهته فقد هاجمت الطائرة الإسرائيلية مواقع الصواريخ والرادار بمنطقة قناة السويس، وأطلقت عشرة صواريخ «شرايك» من خارج مناطق تدمير الصواريخ المضادة للطائرات طاشت جميعها بفضل الأسلوب الذى اتبعته قوات الدفاع الجوى المصرى».

كان لهذه العملية البطولية أسرار، تعود إلى بدء إسرائيل أثناء حرب الاستنزاف فى استهداف رادارات الدفاع الجوى المصرية بصواريخ «شرايك»، وتكلفت المخابرات الحربية باستطلاع أمر هذا النوع من الصواريخ، ودخلت المخابرات العامة على الخط، بعد أن علمت أن  أمريكا تستخدمها فى حربها ضد فيتنام، فأجرت اتصالات مع القيادة العسكرية الفيتنامية عن طريق رجالها فى فيتنام.

طلب رجال المخابرات المصرية معرفة طرق مواجهة هذا النوع من الصواريخ، بالإضافة إلى الحصول على تصميماته، وتجاوبت القيادة الفيتنامية فأرسلت كل ما تملكه من معلومات وتصميمات للمخابرات المصرية، وقام الخبراء المعنيون فى الجيش المصرى بدراسة ما وصل إليهم للتوصل إلى أى نقطة ضعف فى الصاروخ، غير أن الدراسات احتاجت إلى صاروخ كعينة، فتواصلت المخابرات المصرية مرة ثانية مع فيتنام التى استجابت للمطلب المصرى، وحصل الجيش على صاروخ أطلقته القوات الأمريكية على بطارية صواريخ «سام 2» فيتنامية وأخطأ هدفه ولم ينفجر، وتم نقل هذا الصاروخ بسرية تامة إلى مصر، وبعد دراسة شاملة عليه تم استنتاج تكتيك يعتمد على تعديل فكرة عمل الرادارات المصرية نفسها بإطفائها عند كشف الطائرات الإسرائيلية لها، أو عند إطلاق الصاروخ عليها ليضل الصاروخ طريقه، لأنه كان صاروخ راكب للأشعة الرادارية، أى بعد إطفاء الرادار يصبح الصاروخ قطعة حديد طائرة فى الهواء دون أى توجيه أو أى فائدة .

انتقل الموضوع إلى سلاح «الدفاع الجوى» ليجرى التجربة الفعلية فهو المعنى بها، وتوصل إلى خطة تدفع إسرائيل إلى الرد بصورايخ «شرايك»، ما يؤدى إلى اختبار التكتيكات المصرية التى توصلت إليها لإفساد فاعلية هذه الصواريخ، وتحدد الهدف فى إسقاط طائرة «استراتوكروزر» باعتبارها أغلى وسائل الحرب الإلكترونية الإسرائيلية، ووقعت العملية بنجاح يوم 17 سبتمبر، وحدث ما توقعته قيادة الدفاع الجوى، حيث ردت إسرائيل بغارات هائلة على محطات الرادارات بصورايخ «شرايك» فى مثل هذا اليوم 18 سبتمبر 1970، لكنها ووفقا لتأكيد محمد على فهمى: «طاشت جميعها فى الهواء وفشلت فى إصابة أهدافها».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة