سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..2 سبتمبر 1829..مجلس المشورة يعقد أول اجتماعاته برئاسة إبراهيم باشا بعد قرار محمد على بتأليفه للنظر فى قضايا الإدارة والتعليم والأشغال العمومية

الإثنين، 02 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..2 سبتمبر 1829..مجلس المشورة يعقد أول اجتماعاته برئاسة إبراهيم باشا بعد قرار محمد على بتأليفه للنظر فى قضايا الإدارة والتعليم والأشغال العمومية إبراهيم باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان الوقت عصر 2 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1829، حين بدأ اجتماع مجلس المشورة برئاسة إبراهيم باشا فى قصره، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، نقلا عن جريدة «الوقائع»، وحضر الاجتماع جميع الأعضاء، وعرض عليه كل الشؤون الخاصة بالأقاليم خصوصا ما كان موجودا منها بالديوان العالى.


يذكر «الرافعى» أن محمد على باشا أقدم على تأليف مجلس المشورة ليكون نواة لنظام الشورى، ويتألف من كبار موظفى الحكومة والعلماء وأعيان القطر المصرى برئاسة إبراهيم باشا، ويمثل مختلف الطبقات وأن يكون جمعية مؤلفة من 156 عضوا منهم 33 من كبار الموظفين والعلماء و24 من مأمورى الأقاليم و99 من كبار أعيان القطر المصرى، ولم يكن للمجلس سلطة استشارية، وتقتصر مشورته على مسائل الإدارة والتعليم والأشغال العمومية، وما يقترحه الأعضاء فى هذا الصدد مما ترشدهم إليه اختياراتهم، وينظر فى الشكايات التى تقدم إليه، وينعقد مرة واحدة فى السنة، ويجوز أن يستمر فى الانعقاد عدة جلسات. 


حضر الاجتماع من رؤساء مصالح الحكومة والعلماء، عباس باشا «حفيد محمد على»، أحمد باشا مأمور الأقاليم الوسطى، محمد خسرو بك مأمور الجيزة والمنوفية والبحيرة، شريف بك مأمور الأقاليم الصعيدية، محمود بك ناظر الجهادية، السيد البكرى نقيب الأشراف، السيد السادات الشيخ الأمير مفتى المالكية، الشيخ محمد المهدى مفتى الحنفية، الحاج إبراهيم أفندى ناظر مجلس المشورة، وآخرين، كما حضر مع هؤلاء مأمورى ومشايخ وأعيان الأقاليم.
ويرى الدكتور لويس عوض، فى كتابه «تاريخ الفكر المصرى الحديث من عصر إسماعيل إلى ثورة 1919» أن هناك أسماء لأعيان البلاد فى هذا المجلس، ظلت عائلاتهم من وقتها وحتى ثورة يوليو 1952 ذات سطوة ونفوذ من أبرزها، عائلات «أباظة» فى الشرقية، و«الشريعى» فى المنيا، و«المنشاوى» فى الغربية و«الشواربى» فى القليوبية.    


يذكر الرافعى أنه من الاطلاع على ما نشرته الوقائع المصرية من قرارات لمجلس المشورة يظهر نوع الأعمال التى كانوا يتداولون فيها، وأغلبها كان خاصا بالإدارة والتعليم والأشغال والقضاء، ومعظم القرارات كانت بناء على اقتراحات الأعضاء الموظفين فيه.


ويضيف الرافعى أنه مما يلفت النظر أن أول قرار له فى أول جلساته كان خاصا بالتعليم، إذ قرر إعداد مكتب لتعليم كتبة الديوان اللغتين التركية والعربية، وأحوال الفلاحة وتعيين محمد أفندى دويدار ناظرا لهذا المكتب، والشيخ مصطفى مدرسا للغة العربية، وقرر أنه كلما يتم تعليم عدد من كتبة الديوان يرسلون إلى الأقاليم ويجئ خلافهم لتعليمهم ثم إرسالهم، ويستمر العمل حتى يصير القائمون بالعمل فيهم الكفاءة لإدارة مصالح الحكومة.


يضيف الرافعى، أن المجلس قرر ارتداء جميع الموظفين كساوى الجهادية، وقرر بناء على طلب الدفتردار «مدير الشؤون المالية» جعل أعمال السخرة بالمناوبة بحيث يتناوب أهل كل بلد العمل أسبوعا بعد أسبوع، إلا إذا كان كثيرا فيستخدمون بأجمعهم حتى يتم، ولا يعفى من العمل إلا عمال الفابريقات، وقرر المجلس بناء على طلب مأمور السنبلاوين أن يكون عمل الفلاحين فى التطهيرات وبناء القناطر وإصلاح الجسور فى أشهر توت وبابه وكيهك وطوبة وأمشير وبرمهات وبؤونة، وبنى اقتراحه على أن الفلاحين فى باقى أشهر السنة يكونون مشغولين بالزراعة والحصاد وجنى القطن، فوافق المجلس على الاقتراح، وكلف مأمور الديوان الخديوى بأن يأمر بذلك نظار الأقسام ومأمورى الأقاليم.


يذكر الرافعى، أنه من القرارات التى اتخذها المجلس قراره بأخذ 100 غلام من كل ثمن من أثمان القاهرة وبولاق ومصر القديمة وجملتهم ألف غلام لتشغيلهم بالأجرة فى فابريقات الحكومة، وكذلك قرر أخذ الصالحين من المتسولين «الشحاتين» للالتحاق بهذه الفابريقات وأن ترتب لهم أرزاق يومية، وبعد تعلمهم الصناعة ترتب لهم أجور يومية، ويرى الرافعى أن هذا القرار كان له قيمته فى تعليم الصناعة ومحاربة البطالة.


ومن القضايا التى بحثها مجلس المشورة، مسألة عقاب الموظفين ومشايخ البلاد «العمد» الذين تمتد يدهم إلى الرشوة «البرطيل» أو سلب أموال الأهالى، فقرر إلزامهم برد ما أخذوه ومجازاتهم بالعقوبات الشديدة، وينقل الرافعى عن «لينان باشا» فى كتابه «مذكرات عن أهم أعمال المنفعة العامة بمصر»، أنه عرض على المجلس مشروعه فى بناء القناطر الخيرية، فطلب منه المجلس بيان ما يقتضيه المشروع من النفقات، فأبدى له رقما تقديريا، ويضيف الرافعى: «يطالعنا لينان بحقيقة هذا المجلس، فقال عنه أنه «مؤلف من مشايخ الأقاليم الذين كان المراد أن يحلوا محل الترك فى الحكم، ولكنه لم يدم طويلا».


وبناء على هذا الرأى يرى الرافعى، أن هذا المجلس الذى كان يمكن أن يكون نواة لنظام نيابى لكنه لم يكن طويل العمر، ولذلك لم يظهر له أثر فى معظم عهد محمد على.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة