الشرور أشكال وأنواع، لكنها جميعًا تنبع من أصل واحد هو «العنف »، فمنه يأتى الدمار وينشأ الإرهاب، وقد عانت الدولة المصرية فى السنوات الأخيرة من العنف الذى مارسه الآخرون، وخاضت حروبا فى ذلك ضد صناع الكراهية، وهى الحروب التى تطلبت مواجهات ليست بالسلاح فقط، بل بالثقافة والوعى والتنوير، وبناء الإنسان، وذلك من أجل نبذ التعصب والقضاء على الأفكار الهدامة.
وكى نواجه التطرف، خاصة أنه زاد مع بداية القرن الـ21، علينا أن نعرف عنه ونقرأ عن خطورته ونتابع كيف أنه عبر التاريخ دمر أمما وأساء إلى حضارات، لذا نتوقف عند بعض الكتب التى ناقشت أفكارا وانتقدتها، وقدمت آليات جديدة فى القضاء عليها.
«اللاهوت العربى وأصول العنف الدينى»
صدر عام 2009 للدكتور يوسف زيدان، ويناقش الكتاب ويحلل ويقارن ويتتبع تطور الأفكار اللاهوتية على الأصعدة الدينية، وذلك بغرض إدراك الروابط الخفية بين المراحل التاريخية التقليدية، وانطلاقا من نظرة مغايرة إلى كل هذه التواريخ، باعتبارها تاريخا واحدا ارتبط أساسا بالجغرافيا، وتحكمت فيه آليات واحدة، لا بد من إدراك طبيعة عملها فى الماضى والحاضر، وصولا إلى تقديم فهم أشمل لارتباط الدين بالسياسة، وبالعنف الذى لم ولن تخلو منه هذه الثقافة الواحدة، ما دامت تعيش فى جزر منعزلة.
«العنف والمقدس»
منح رونى جيرار لكتابه عنوان «العنف والمقدس» محددا بفضل ذلك، بحسب نورالدين الزاهى، أنه سيبحث فى العلاقة القائمة بين العنف والتقديس، وبما أنه أنثروبولوجى فسيكون مجال بحث هذه العلاقة غائرا فى نمط العيش الثقافى للجماعات الإنسانية العتيقة، وبحكم ترتيب لفظة العنف قبل لفظة المقدس، سيكون الأمر الأول الذى يجب رفع الغموض عنه هو العنف، والمقدس ثانيا وليس العكس.
«تقييم برامج نزع الراديكالية وإزالة التطرف»
الكتاب صادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، لاستكشاف حزمة نماذج وتجارب لدول عربية وأوروبية وآسيوية ومنظمات أهلية وأمركية، صممت برامج خاصة لنزع التطرف، واستعانت بخبراء من تخصصات عدة، وبشهادات وتجارب متطرفين سابقين تعافوا من الإرهاب، وساهم بعضهم فى تصميم برامج خاصة لنزع التطرف، ومكافحة الراديكالية.
يكمل الكتاب دراسة برامج مكافحة التطرف، وتقييم دور التائبين فى خلق فهم دقيق لشخصيات المتطرفين، ويحفز بناء نهج دقيق لمعالجة الأسباب الكامنة، وتأمين قنوات حوار نفسية وفكرية، كما يتناول تقييما للبرامج المتباينة لدى بعض الدول، التى اختلطت بين تجارب تبنتها أجهزة ردعية، ورسمتها، وأخرى اشتركت فيها مرجعيات نفسية ودينية، وثالثة دخل فيها التحفيز والترغيب، من حيث العناصر، أما من جهة الآماد فانقسمت إلى استراتيجية دائمة، وأخرى اتصفت بالوقتية، ومتابعة الخطر الراهن، لتحييده.
«الإرهاب منظور نفسى اجتماعى»
الكتاب من تأليف الدكتور عبدالمنعم شحاتة، ويحاول فى هذا الكتاب فهم الإرهاب من منظور علم النفس، بوصف الإرهاب اختيارا يمارسه فئة من الأفراد لتحقيق أهدافهم السياسية حتى لو أهدروا حق غيرهم فى الحياة، هذا الاختيار محصلة عمليات معرفية واجتماعية معقدة ومتراكمة، لذا تفشل المواجهات الأمنية- مهما كانت كفاءتها وطالت مدتها وتعددت أسلحتها- فى القضاء على الإرهاب.
كما يحاول الكتاب الإجابة عن سؤال رئيس مؤداه: متى ولماذا يختار بعض الأفراد تعبيرا متطرفا عنيفا- وليس بدائله السلمية- عن آرائهم السياسية؟ وأى منهم يخطط «قائد» هذا النمط من العنف، وأيهم ينفذه «تابع»، وأيهم يتعاطف معه أو يدعمه؟ وتستند الإجابة إلى مراجعة المقالات والكتب والتقارير التى تستعرض المنظور النفسى الاجتماعى للإرهاب، حيث تلعب العوامل النفسية والاجتماعية الدور الأهم فى تحول فرد ما لإرهابى، وهى- أى الإجابة- ضرورية لوضع خطط مواجهة مستدامة للإرهاب، هذه الخطط تنجح إذا تمكنت من منع تكوين التطرف عبر تشكيل بيئة مناهضة لأفكار ومغالطات ودعاوى المتطرفين.
يرى الدكتور عبدالمنعم شحاتة فى كتابه أن الإنترنت أصبح وسيلة أساسية لدعاة التشدد لنشر معلومات تشكل معتقدات شباب المسلمين عندما يبحثون عنها، فالإنترنت بمثابة وعاء معرفى للتطرف ووسيط بين قادة الجماعات المتطرفة والجمهور المستهدف، أى جعل دور القادة الدينيين المتشددين أكثر تأثيرا مع نشر خطبهم على الإنترنت.
يوضح الكتاب أن هدف أى عمل إرهابى هو نشر الشعور بالخطر، وما يترتب عليه من عواقب سلبية، فالخطر مفهوم نفسى يعتمد على إدراك الفرد أكثر منه حقيقة واقعة، أى أن استنتاجات إشارات التهديد مستمدة من تقييم شخصى لخصائص نوعية مرتبطة بالموقف أكثر منها ملامح تهديد موضوعى، فالحكم الشخصى يحدد أى معلومات تعرف الخطر حتى لو ظروفه واضحه واحتمالاته معروفة، ويترتب على سوء إدراك الخطر سلوك مربك أو على الأقل غير مجد.
وتطرق الكتاب إلى أن الإرهاب يعرض الأسرة لظروف غير طبيعية تدفعها لإدخال قيم كسوء الظن والتشاؤم، وهذه الظروف التى تسمى «قيم الأزمة» تدفع أفراد الأسرة للانطواء والعزلة وتجبر الآباء على التشدد فى معاملة الأطفال، موضحا أن النشاط الإجرامى يقترن بأنشطة تهدد استقرار المجتمع مثل السرقة والتزوير وتهريب المخدرات.
«الطريق إلى التطرف»
«الطريق إلى التطرف.. اتحاد العقول وانقسامها» لكاتبه كاس ر.سينشتاين، ترجمة سميحة نصر دويدار، والصادر عن المركز القومى للترجمة، والذى يناقش فكرة الاستقطاب وتوظيف العقول من أجل مصلحة ما.
يقول الكتاب: ما الذى يفسر ظهور الفاشية فى ثلاثينيات القرن العشرين؟ ونشوء النزعة الراديكالية للحركة الطلابية فى ستينيات القرن العشرين؟ وتنامى الإرهاب الإسلامى فى تسعينيات القرن العشرين؟ والإبادة الجماعية فى رواندا سنة 1944؟ والصراع فى يوغسلافيا السابقة وفى العراق؟ وأعمال التعذيب والإذلال التى مارسها الجنود الأمريكيون فى سجن أبوغريب؟
وأوضح المؤلف فى هذا الكتاب بلغة سهلة وبسيطة كيف يظهر التطرف والاستقطاب بين الأفراد فى حياتهم الاجتماعية، ليس فقط فى التنظيمات الدينية، وإنما فى كل التجمعات بدءا من مجالس الإدارة حتى المجالس النيابية، حيث تعمل المناقشات والمداولات العلنية على دفع العقول إما إلى الاتحاد أو الانقسام فى ميول تطرفية ظاهرة.
يكشف الكتاب، عبر تحليله للتطرف، كيف يكون الأفراد اتجاهاتهم ومعتقداتهم، وكيف يغيرونها، والظروف التى تتغير فى ضوئها، وقد بدأ الكتاب فى فصله الأول بشرح مفهوم الاستقطاب وكيفية حدوثه، ثم انتقل فى الفصل الثانى إلى شرح مفهوم التطرف والأسباب الكامنة خلفه والظروف التى يظهر فيها، وانتهى إلى تحليل الطرق التى يمكن من خلالها الحماية من التطرف، مؤكدا فى الفصل الأخير أهمية التنوع والتعدد لحياة الأفراد والشعوب.
«فى ظل العنف.. السياسة والاقتصاد ومشكلات التنمية»
الكتاب قدمه مجموعة من المؤلفين عام 2016 عن سلسلة عالم المعرفة، ويناقش كيفية استخدام السيطرة السياسية على الامتيازات الاقتصادية فى الحد من العنف، وإقامة ائتلافات بين التنظيمات القوية داخل النظام الاجتماعى.
ويقدم الكتاب فكرة «النظام المقيد » باعتباره نظاما اجتماعيا ديناميا يظل فيه العنف مصدر خطر مستمر، وتتحقق فيه النتائج السياسية والاقتصادية بدافع السيطرة على العنف، وليس بغرض تعزيز النمو الاقتصادى أو الحقوق السياسية.