تمر اليوم ذكرى وصول النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) إلى المدينة، قادمًا من مكة المكرمة، فيما تعرف برحلة "الهجرة النبوية" وهي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، ويقصد بها هجرة النبي محمد وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة؛ بسبب ما كانوا يلاقونه من أذى وعذاب من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة أبي طالب، وكانت في عام 14 للبعثة، الموافق لـ 622م.
واتُّخِذَت الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته، واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.
وقد سجلت رواية أن عدد الذين استقبلوه خمسمائة من الأنصار، فأحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلم و بأبي بكر وهما راكبان، ومضى الموكب داخل المدينة، (وقيل في المدينة: جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم)، وقد صعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان في الطرق ينادون: يا محمد يا رسول الله، يا رسول الله.
بحسب كتاب " فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجر العسقلاني، جاء عن ابن عباس أنه أذن له في الهجرة إلى المدينة بقوله تعالى: وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا أخرجه الترمذي وصححه هو والحاكم. وذكر الحاكم أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - من مكة كان بعد بيعة العقبة بثلاثة أشهر أو قريبا منها، وجزم ابن إسحاق بأنه خرج أول يوم من ربيع الأول، فعلى هذا يكون بعد البيعة بشهرين وبضعة عشر يوما، وكذا جزم به الأموي في المغازي عن ابن إسحاق فقال: كان مخرجه من مكة بعد العقبة بشهرين وليال، قال: وخرج لهلال ربيع الأول وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول. قلت: وعلى هذا خرج يوم الخميس، وأما أصحابه فتوجه معه منهم أبو بكر الصديق وعامر بن فهيرة، وتوجه قبل ذلك بين العقبتين جماعة منهم ابن أم مكتوم.
ووفقا لكتاب "السيرة النبوية" لابن هشام، قال ابن إسحاق: ولم يعلم فيما بلغني، بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، حين خرج، إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وآل أبي بكر. أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - أخبره بخروجه، وأمره أن يتخلف بعده بمكة، حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع، التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده، لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم.