"ضميرنا وسفيرنا إلى الوعى الإنسانى"، "ولو سئل الفلسطيني عما يتباهى به أمام العالم، لأجاب على الفور: إدوارد سعيد، فلم ينجب التاريخ الثقافي الفلسطيني عبقرية تضاهي إدوارد المتعدد المتفرد"، هكذا وصف شاعر الأرض المحتلة الكبير محمود درويش، المفكر والناقد الفلسطيني الشهير إدوارد سعيد.
وتمر اليوم الذكرى الـ 21 على رحيل المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، الذى يعد من أشهر المفكرين فى القرن العشرين، إذ رحل في سبتمبر عام 2003، عن عمر ناهز 67 عاما، يعد أحد أهم المثقفين الفلسطينيين وحتى العرب في القرن العشرين سواءً من حيث عمق تأثيره أو من حيث تنوع نشاطاته، بل ثمة من يعتبره واحداً من أهم عشرة مفكرين تأثيراً في القرن العشرين، كان أستاذاً جامعياً للنقد الأدبي والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في نيويورك ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الاستعمارية (ما بعد الكولونيالية).
وكان إدوارد سعيد من الشخصيات المؤثرة في النقد الحضاري والأدب وقد نال شهرة واسعة خصوصاً بكتابه "الاستشراق" المنشور سنة 1978، وفيه قدم أفكاره واسعة التأثير عن دراسات الاستشراق الغربية المختصة بدراسة الشرق والشرقيين، وقامت أفكاره على تبيان وتأكيد ارتباط الدراسات الإستشراقية وثيقاً بالمجتمعات الإمبريالية، ومن أهم أفكاره:
في كتابه الاستشراق يتحدث إدوارد سعيد فى كتابه هذا عن الاستشراق الذى احتل مركز السيادة بحيث فرض قيوده على الفكرالشرقى وحتى على من يكتبون عن الشرق. وغاية حديثه هذا هو الوصول إلى كيفية حدوث كل ذلك ليكشف عنه وليظهرأن الثقافة الغربية اكتسبت المزيد من القوة والهوية بوضع نفسها موضع التضاد مع الشرق باعتباره ذاتاً بديلة.
وفي كتابه تغطية الإسلام، قدم إدوارد سعيد الكتاب محأولا رصد النظرة الغربية الحديثة للعالم الإسلامى، ولهذا قام على رصد ردود فعل العالم فى الغرب بصفه عامة، وأمريكا بصفة خاصة، تجاه المجتمع الإسلامي، ويقول إدوارد سعيد إن التغطية الإعلامية للإسلام مليئة بالمغالطات وبعيدة عن الموضوعية.
وفي كتابه "الثقافة والإمبرالية" قام بإلقاء الضوء على أدب ونقد جديدين كانا قد بزغا بعد مرحلة الاستعمار أى بعد الحرب العالمية الثانية، حيث برز إنسان العالم الثالث (الأفارقة والآسيويون عرباً وغير عرب)، هؤلاء الذين كانوا دائماً موضوعاً لعلم الإنسان الغربى وكانوا فى النصوص الثقافية الدليل السلبى على شتى أنواع الأفكار حول الشعوب غير الادبية الأقل تطوراً والتى ظلت جواهرها ثابتة رغم التاريخ، يصبح هؤلاء خلاقين لآدابهم وتواريخهم الخاصة، كما يصبحون أيضاً قراء ناقدين لسجل المحفوظات الغربي.
وفي كتابه "إلقاء اللوم على الضحايا الدراسة الزائقة والقضية الفلسطينية" الذي ألفه بالاشتراك مع كريستوفر هيتشينز، قدم صورة عن لا أخلاقية الثقافة الأمريكية كما تتجلى في إنتاج صورة الفلسطيني. فالفلسطيني فيها خلقٌ إيديولوجي محض أوجدته إيديولوجيا لا تعترف بالوجود الفلسطيني الموضوعي أبدًا. كتب سعيد في الكتاب المذكور، وهو كتاب جماعي، ثلاث مقالات، إضافة إلى تقديمه الذي وضع فيه الصورتين الصهيونية والفلسطينية كما تصوغهما صناعة الرأي العام وسلطة صناعة التزوير التي تعطي التزوير شكل البداهة.