فى خطوة مفاجئة، أعلن رئيس بلدية عربي مسلم من أصول يمنية دعمه للرئيس السابق، دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024.
أمير غالب، الذي يتولى رئاسة بلدية هامترامك في ولاية ميشيجان الأمريكية، المدينة ذات الأغلبية المسلمة، كان يعتبر لفترة طويلة واحدا من أصوات المجتمع العربي الديمقراطي في الولايات المتحدة، لكن تحوله المفاجئ لدعم ترامب أثار دهشة كبيرة بين مؤيديه ومعارضيه على حد سواء.
ولد غالب في اليمن وهاجر إلى الولايات المتحدة في سن المراهقة، وعرف بانتمائه للحزب الديمقراطي لفترة طويلة، فما الذي يدفعه لتأييد ترامب؟
"السياسة الخارجية والوضع في غزة هي أحد الأسباب" التي دفعته لتأييد ترامب، "ولكن أيضا الوضع الداخلي والسياسة المحلية سبب آخر".
كان غالب قد بدأ مسيرته موظفا في قطاع الرعاية الصحية، حيث كسب ثقة مجتمعه بفضل عمله الجاد والتزامه المهني، واندمج في المجتمع الأمريكي ليشق طريقه حتى أصبح شخصية سياسية بارزة.
في عام 2021، حقق غالب نصرا تاريخيا عندما هزم كارين ماغوسكي في الانتخابات، وأصبح أول رئيس بلدية عربي مسلم في مدينة هامترامك بولاية ميتشيجان.
وفي مقابلة تلفزيونية لاحقة، أوضح غالب أن دعمه لترامب جاء نتيجة للإحباط الذي شعر به من سياسة إدارة الرئيس جو بايدن، وأوضح قوله: "في وقت كنا فيه مستائين من سياسة بايدن، زارني أعضاء من حملة ترامب في مكتبي عدة مرات، وأرسلوا لي دعوة رسمية للقاء ترامب شخصيا".
غالب أشار إلى أن لقاءه مع ترامب كان نقطة تحول في موقفه السياسي، إذ تضمن اللقاء الحديث عن "قضايا كثيرة، خاصة المتعلقة بالشرق الأوسط، وترامب تلقى رسالتي بشكل إيجابي".
هذا التفاعل الشخصي مع ترامب الذي طالما وعد بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط وإيقاف الحروب، كان له تأثير كبير على غالب الذي يؤكد أن "ترامب أبدى اهتماما كبيرا بمخاوفنا، ووعد بأخذها على محمل الجد".
وفي فيديو نشره على صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف غالب عن تفاصيل لقائه مع ترامب، وقال "ذهبت إلى الرئيس السابق دونالد ترامب والتقيته وطرحت عليه مشاكلنا وتخوفاتنا".
وأضاف غالب "ترامب أظهر تفهما كبيرا وطلب مني الصعود إلى المنصة والتحدث بجواره" في إحدى تجمعاته الانتخابية.
وعلى الرغم من دعوة ترامب المفاجئة، قرر غالب التريث في الصعود إلى المنصة، خشية أن يسبب ذلك إحراجا للحملة "كان الحارس مترددا، قال إن هذا الشخص جدلي، لكن ترامب قال له: لا يهمني، دعوه يصعد". ورغم إصرار ترامب، فضل غالب تأجيل الأمر "لمناسبة أخرى".
لم يخف غالب انفتاحه على الحزب الجمهوري، رغم أن مدينته ذات الأغلبية العربية والمسلمة كانت تقليديا معقلا للديمقراطيين.
وقال غالب، "القطيعة بيننا وبين الحزب الجمهوري كانت طويلة، لكننا الآن نفتح قنوات تواصل جديدة وعلينا بناء الثقة".
وأضاف "في الماضي، قيل لنا إن هؤلاء الناس (الجمهوريون) يكرهوننا، لكنني وجدت منهم رغبة في بناء علاقة إيجابية".
وأكد غالب قوله: "قد لا نتفق أنا والرئيس ترامب على كل شيء، لكنني أعلم أنه رجل مبادئ".
وأضاف أن ترامب "قد يكون الخيار الأفضل في هذا الوقت الحرج" الذي يمر به العالم.
مع مرور 11 شهرا على الحرب الإسرائيلية على غزة، تتسارع التوقعات بشأن تأثير هذا الصراع على الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة، إذ تسعى كلا حملتي نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب إلى استثمار أي حدث دولي قد يؤثر على الرأي العام الأمريكي وتوجيه أصوات الناخبين بما يخدم مصالحها السياسية.
ورغم دعمه لترامب، لا يخفي غالب اختلافه مع الرئيس السابق في بعض القضايا، خاصة في ملف الهجرة.
وموقف ترامب السابق من تقييد الهجرة الشرعية كان مثيرا للجدل. واليمن، بلد غالب الأصلي، كان واحدا من البلدان التي تأثرت بقرار حظر السفر الذي فرضه ترامب.
يقول غالب: "أتمنى أن يفهم ترامب أن اليمنيين في الولايات المتحدة هم جزء من المجتمع، ويعملون بجد".
يرى غالب أن دعمه لترامب ليس مجرد خيار سياسي، بل جزء من رغبة أكبر في رؤية تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية، داخليا وخارجيا.
"أعتقد أن ترامب يمكن أن يقدم الحل لإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط"، يقول غالب: "نحن لا نتفق على كل شيء، ولكن هناك نقاط جوهرية يمكن البناء عليها".
ويعتقد غالب أن هناك تحولا يحدث في آراء الناخبين العرب والمسلمين تجاه ترامب. "لا أستطيع القول إنني أمثل كل المجتمع العربي والمسلم هنا، لكنني حصلت على دعم عدد كبير من الناس".
على الصعيد الداخلي، يرى غالب أن الاقتصاد الأمريكي يمر بحالة من "الانهيار" تحت إدارة بايدن. كما أنه يشعر بالقلق من "التدخلات السافرة" في الحريات الدينية والمعتقدات، ويعتقد أن هذه القضايا جزء من أسباب دعمه لترامب.
وينتقد غالب ما يصفها بسياسات الديمقراطيين لأن "الأمر وصل إلى حد رفع دعاوى قضائية ضدك بسبب عدم تخليك عن بعض قيمك الدينية والأخلاقية".
غالب يدرك أن الناخبين العرب والمسلمين يشكلون جزءا مهما في الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان وبنسلفانيا.
ففي انتخابات 2020، ساهمت أصوات العرب والمسلمين بشكل حاسم في فوز بايدن في تلك الولايات. لكن غالب يشير إلى أن "التحول" في آراء هذه المجتمعات قد يلعب دورا رئيسيا في انتخابات 2024.
وكان لنسبة الإقبال المرتفعة والدعم للمرشحين الديمقراطيين بين هذه المجتمعات دور محوري في ولايات مثل ميشيجان، حيث كان هامش النصر ضئيلا بين بايدن وترامب.
ولدى الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين اهتمامات سياسية محددة تؤثر على سلوكهم الانتخابي.
وتشمل القضايا الرئيسية السياسة الخارجية، وخاصة علاقات الولايات المتحدة مع دول الشرق الأوسط، والتعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فضلا عن القضايا الداخلية مثل الحقوق المدنية، والهجرة، ومكافحة الإسلاموفوبيا.
ويدرك غالب أن موقفه لن يمر بسهولة، فقد أشار إلى استعداده لتحمل عواقب القرار.
"لن أندم على قراري مهما كانت النتيجة، وأنا مستعد لمواجهة العواقب" يؤكد أمير غالب، رئيس بلدية هامترامك في ولاية ميشيجان الأمريكية.