قالت دار الافتاء ان الشائعات هي تدويرٌ لخبرٍ مختَلَقٍ لا أساس له من الواقع، يحتوي على معلومات مضلِّلة، باعتماد المبالغة والتهويل في سرده، وهذا الخبر في الغالب يكون ذا طابعٍ يُثير الفتنة ويُحْدِث البلبلة بين الناس؛ وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العامّ تحقيقًا لأهداف معينة، على نطاق دولةٍ واحدةٍ أو عدة دول، أو النطاق العالمي أجمعه.
وقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]، وهذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل! كما أشارت النصوص الشرعية إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين وضعاف النفوس، وداخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا.
ويساهم في سرعة انتشار الشائعة سببان رئيسيان:
الأول: أهمية الموضوع؛ فكلّما كان الموضوع ذا أهمية كثرت الشائعات حوله.
الثاني: قلة انتشار المعلومات الصحيحة عن هذا الموضوع.
ولا ينبغي إغفال دور وسائل الاتصال الحديثة؛ فإنها تساهم بدورٍ كبيرٍ في سرعة انتشار الشائعة ووصولها لقطاعٍ عريضٍ من الناس.
ولهذا كله، وفي سبيل التصدي لنشر الشائعات جفَّف الإسلام منابعَها؛ فألزم المسلمين بالتَّثَبُّت من الأخبار قبل بناء الأحكام عليها، وأمرنا بِرَدِّ الأمور إلى أولي الأمر والعِلم قبل إذاعتها والتكلم فيها، كما نهى الشرع عن سماع الشائعة ونشرها، وذمَّ سبحانه وتعالى الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن.
وبيَّن الشرعُ الشريفُ سِمَات المعالجة الحكيمة عند وصول خبرٍ غير موثوقٍ منه؛ فأمَرَنا بحسن الظن بالغير، والتحقق من الخبر، ومطالبة مروجي الشائعة بأدلتهم عليها والسؤال عمّن شهدها، وعدم تلقي الشائعة بالألسن وتناقلها، وعدم الخوض فيما لا عِلم للإنسان به ولم يقم عليه دليلٌ صحيح، وعدم التهاون والتساهل في أمر الشائعة، بل اعتبارها أمرًا عظيمًا، وتنزيه السمع عن مجرد الاستماع إلى ما يسيء إلى الغير، واستنكار التلفظ به.