سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 27 سبتمبر 1939.. الملك فاروق يفض شمع نادى التجديف الألمانى بالإسكندرية وينزع أختامه ويستولى لنفسه على ما فيه من مقتنيات

الجمعة، 27 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 27 سبتمبر 1939.. الملك فاروق يفض شمع نادى التجديف الألمانى بالإسكندرية وينزع أختامه ويستولى لنفسه على ما فيه من مقتنيات الملك فاروق
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت هواية الاقتناء من الدعائم القوية فى تكوين شخصية الملك فاروق، ودفعته إلى تصرفات كانت مثارا لتشويه هذه الهواية، حسبما تذكر الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية فى مصر.. 1936 - 1952».


تتبع لطيفة سالم تصرفات فاروق فى تنفيذ هوايته وتصرفاته الغريبة فيها، وتبدأ برحلته إلى أوروبا عقب توليه العرش عام 1937، عندما اشترى كمية من الساعات والميداليات من سويسرا، وتدريجيا خصص لكل هواية صغيرة تنبثق من حب الاقتناء مكانا فى القصر، وتذكر «سالم» أنواع المقتنيات التى ولع بها، وكانت «النقود الذهبية النادرة ذات التاريخ العالمى، وطوابع البريد، وورق اللعب وأجهزة لعب القمار والأصداف والرسوم والصور والتماثيل والنياشين والمجوهرات والتحف والساعات والأسلحة والكتب ومنها المصاحف والنباتات، وشمل بعضها الحشيش والأفيون، والآخر كان نوعيات نادرة ومجموعات من الحشرات ورؤوس الغزلان».


تستند لطيفة سالم إلى تفسير علماء النفس لهذا الأمر، وهو أن حب الاقتناء والإصرار على تحقيقه، قد يدفع إلى العدوان على ملكية الغير، خاصة إذا كانت هناك جذور سيكولوجية تعمل على فقدان الشخص حاسة الشعور الأخلاقى، بحيث يصبح عاجزا عن التمييز بين الخير والشر، بالتالى فهو يحاول - فى كثير من الأحيان - إخفاء سلوكه السيئ وهذا ما انتاب فاروق، بالإضافة إلى شغفه بالمغامرات وعناده وتسرعه وتقلبه وتطرفه فى انفعالاته.


تقدم لطيفة سالم وقائع دالة، قائلة: «فى فبراير 1939 ارتدى فاروق ملابس عادية، وثبت مسدسا فى حزامه من الخلف، ودخل قصر محمد طاهر أثناء سفره، وتجول فيه وانتقى بعض النجف وسجل البعض الآخر فى قائمة، وأخطر وكيل صاحب القصر أنه يريدها، واستدعى الوكيل صاحب الدار الذى حضر وتوجه للقصر وطلب من الملك أن يخطره عند حضوره لمنزله مرة ثانية، وحضرت سيارة كبيرة نقلت من المنزل ما قيد بالقائمة، وحملت مع المقتنيات سريرا نزع من عليه فرشه، وزهريات فاخرات من الفضة والرخام، وكان فاروق يساعد الحمالين فى النقل، وأثناء مغادرته للمنزل لمح تمثالا برونزيا فأخذه وحضر مرة ثالثة فى غيبة محمد طاهر، وصعد غرفة نومه واستولى على بعض الموجودات، وتوجه صاحب الدار بشكوى للأميرة نعمت مختار، وسكب الدموع على ما خسره، وما يذكر أنه أرغم على التنازل عن قصره مقابل 40 ألف جنيه عندما أعجبت فريدة به، وأطلق عليه اسم قصر الطاهرة».


وفى واقعة أخرى «ذهب فاروق لزيارة الفريق عزيز المصرى وشاهد عنده سيفا قيما فطلبه منه، فاعتذر لأنه قدم إليه فى إحدى المواقع الحربية، ويعتز به، وصرح له بأنه لن يقدمه إلا لابنه، فبادره فاروق بقوله: أنا ابنك، وأخذه وانصرف».


أما أكثر الوقائع إثارة فكانت وفقا للطيفة سالم: «فى مساء 27 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1939 أمر فاروق بفض شمع نادى التجديف الألمانى بالإسكندرية ونزع الأختام، واستولى على ما بالنادى من أدوات رغم أن ممتلكات الألمان كانت تحت الحراسة، وسجل ذلك حكمدار بوليس الإسكندرية، وأرفق التقرير للسفير البريطانى «لامبسون» الذى لفت نظر رئيس الوزراء على ماهر باشا إلى سوء هذه الأفعال، وتؤشر الخارجية البريطانية بأن فاروق يعانى من مرض حب الاستيلاء على ما يريده، وأن مثل تلك التصرفات تغضب الشعب».


تضيف «سالم»: «يتدخل أحمد حسنين باشا رئيس الديوان، ويصرح للامبسون بأن هواية الملك جمع الأشياء واقتنائها وأن ذلك يمثل مشكلة، ويسعى على ماهر لحل المسألة، وتعاد مسروقات النادى إلى المخازن، لكن الملك يعود ويستولى على بضائع مخزن شركة باير الألمانية، وأصبح من يحتاج إلى دواء ألمانى يجده فى صيدلية قصر عابدين».


وتذكر «سالم» أنه فى قصر «آل لطف الله»، وهى أسرة سورية تمتهن التجارة بالزمالك، ذهب فاروق للقصر ولم يكن أحد بداخله فطاف به وشاهد محتوياته من التحف، وأبدى إعجابه بها، وغادر القصر، وعندما عاد حبيب لطف الله وسمع بما حدث أرسل إليه مجموعة سيوف قديمة ومسدسات ليختار منها هدية فاستولى عليها كلها، وعندئذ ثار جورج لطف الله، وحاول استرداد مقتنياته ففشل، ولم يحصل إلا على سيف واحد لوالده، ويذكر لامبسون للندن أن ذلك ما قصه عليه الأخير محاولا الحفاظ على السمعة الملكية والإبقاء على عظمتها، مبينا أن ما تم ليس بعملية سطو.


أما عن «قمة الرذائل» وفقا لوصف لطيفة سالم، فحدثت مع مخلفات رضا بهلوى شاه إيران، وتقول، إن فاروق استولى عليها، وكانت نياشين وسيفا من الذهب محلى بالجواهر، وقايش حزام، وحدثت حينما مات الشاه بمنفاه بجنوب أفريقيا، وقبل فاروق أن يدفن فى مصر، وأقام لجنازته احتفالا كبيرا، وعندما أراد ابنه نقل الجثمان إلى طهران اكتشف المسروقات، فقد احتفظ بها فاروق، وطالبت بها إيران، وتوجه سفيرها إلى قصر عابدين لهذا الغرض، لكن الملك أرسل عمر فتحى ليقول إنها سرقت، ولما تكرر الطلب تحجج بأن القصر تعرض لحريق ذهب بها، فاستسلم الشاه للأمر الواقع لأنه كان يعلم طبيعة الملك.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة