كشف الدكتور محمد داود ، المشرف على موسوعة بيان الإسلام الحقائق الخفية وراء الإلحاد ، موضحا ان المجتمع المسلم يتعرض لحرب جديدة.. أخطر من كل الحروب العسكرية، إنها حرب الأفكار والثقافات، وما يصاحبها من حروب نفسية من نشر الشائعات الكاذبة المغرضة، ومحاولة تشويه الرموز الفكرية والعلمية، وهدم الأسوة والقدوة بتشويه القادة والعلماء ورموز الأمة، وكل ذلك يهدف إلى تحويل المجتمع المسلم إلى نسيج مهلهل.. مستسلم، وإن كانت الحروب العسكرية تدفع المجتمعات إلى الفقر بتدميرها، ويكون الفقر مقدمة تمهد لفرض السياسات والأفكار بعد ذلك؛ فإن الحروب الفكرية الممنهجة هي آلية تدمير الإنسان معنويا وصناعة الهزائم النفسية.
وتابع : ليس عبثا ولا سدى أن يدعم انتشار الأفلام الجنسية والمخدرات في بلاد المسلمين.. ففي آخر الإحصائيات تم رصد أكثر من مليوني موقع لتداول المسائل الجنسية وإشاعتها، وعشرات القنوات ومئات المواقع التي تشكك في القرآن ونبي القرآن وسنته، وفي كل ما هو إسلامي. يخترقون القلب بالشهوات والعقل بالشبهات.
ليس عبثا إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية - الأسبق - عن مشروعهم »الفوضى الخلاقة«، والحق أنها »الفوضى الهدامة«... واستخدموا كل أنواع الحروب لتحقيقها، ثم أرسلوا موجة عاتية من الحروب الفكرية، منها موجة الإلحاد، ويقابل كل هذه الحروب والهجمات الخارجية واقع داخلي مرير مليء بالسلبيات التي ساعدت على ظهور الإلحاد، ومن أهم هذه السلبيات:
الطرح المشوه للدين: بين الإفراط والغلو والتشدد، والتفريط والتساهل، وتحول المرجعية في الدين إلى الشهرة بدلا من التخصص والكفاءة، وأسهم الإعلام في ذلك من خلال تقديمه من لا يحق له أن يتصدر العلم والفتوى، وظهر في بعض القنوات الخاصة الاعتبار التجاري الذي يهدف إلى الربح على حساب الرسالة الإعلامية، وظهر اتجاه قوى في هذه القنوات: ادفع وتكلم (ادفع وقل). وحدث خلط بين القيمة والشهرة.
الانفصام في المجتمع بين الشعارات الدينية البراقة والواقع المؤلم الذي نعيشه جميعا ألما ومعاناة، فالمجتمعات العربية على قمة قوائم الفساد في العالم، وأصبح الفساد قانونيا (يعني يتم بإساءة استخدام القانون لصالح الفساد) حتى صار في كثير من مؤسسات المجتمع اتجاه (ادفع وخالف).
افتقاد الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة في كثير من الكبار (بالمعنى الاجتماعي) والوجهاء والمسؤولين والعلماء، وطغت النرجسية والأنانية والطمع، ونسي هؤلاء رسالتهم ومسؤوليتهم، بعيدا عن جلال الإيمان وربانية المؤمن.
السقوط العلمي للمجتمعات الإسلامية والعربية أمام الحضارة الغربية، فليس للمسلمين حضور على الخريطة العلمية العالمية، ولا إسهام في صنع الحضارة، وإنما هم في موقع الاستهلاك الحضاري... ومن هنا شاعت أكذوبة »أن الإسلام ضد العلم« و»أن الإسلام سبب التأخر«... إلخ، وترتب على ذلك سحب الصراع الذي كان بين الكنيسة والعلم في القرن السابع عشر في أوروبا على الإسلام.
وفي إطار هذه الفتن والثقافات المضادة الوافدة اتسعت مساحة الأسئلة وتجاوزت السؤال: ماذا أفعل؟ لتصل إلى السؤال: لماذا أفعل؟!!! وما كان من المسلمات في الماضي (المقدسات وأمور الغيب) أصبح الآن موضع نقاش، ويستلزم هذا أن يتسع الصدر لكل الأسئلة، وأن نبين بالعلم والعقل الإجابات المقنعة عن هذه الأسئلة الجديدة.
ولا يخفي على وعي عاقل بصير بأن التقنية الحديثة يستخدمها الآخر في إتقان صناعة الزيف في حياتنا، وتسهم عمليات التزوير اللغوي في ذلك... فالتحرش الجنسي تحرر جنسي وحرية شخصية ، ولم تعد العذرية مهمة للبنات، والكفر والإلحاد حرية ، والأجساد العارية جمال إنساني ، والجرأة على تأويل نصوص القرآن بغير علم تحت عنوان: حرية الفكر وبحجة مواجهة التشدد والتطرف يباح الانحلال والتسيب ، ونحن الشرق الأوسط ولسنا الشرق العربي أو الإسلامي.. إلخ.
يذكر انه كان قد أصدر أكثر من 300 عالم وباحث موسوعة "بيان الإسلام.. للرد على الافتراءات والشبهات" كرد علمى وفكرى على كثير من الاتهامات الموجهة للإسلام وكل ما يتعلق به، لا سيما وأن الفترة الأخيرة شهدت تطاولات عدة على الإسلام، وأخذت هذه الإساءات صورًا مختلفة من الفنون، سواء الرسوم الكاريكاتيرية أو الأفلام أو غيرها.
الموسوعة جاءت فى أربعة وعشرين مجلدًا، واثنين وأربعين جزءًا، وعشرة آلاف وثلاثمائة وثلاثين صفحة، كما ضمت ألفا ومائة وثمانية وستين شبهة تم الرد عليها جميعًا بأسلوب علمى دقيق، وبمشاركة أفرقة من كبار العلماء من مختلف التخصصات.
وتمثل هذه الموسوعة أكبر قاعدة علمية شاملة للرد العلمى على الشبهات والأباطيل والافتراءات، وقد تم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: (الرسول- السنة النبوية- القرآن). وقد أجابت هذه الموسوعة على أسئلة كثيرة من قبيل: هل حقا انتشر الإسلام بالسيف؟ ما موقف الإسلام من الرق والعبودية؟ هل حقًا تعتبر المرأة نصف الرجل فى الشهادة والميراث؟ ما حقيقة دعوى أن مهر المرأة ثمن للتمتع بها؟ وما حقيقة تعدد الزوجات فى الإسلام؟ ولماذا تعددت زوجات النبى صلى الله عليه وسلم؟ هل يمكن الاستغناء بالقرآن عن السنة؟ وقد ردت الموسوعة كذلك على شبهة التعارض بين الأحاديث النبوية، وتتعارض السنة مع القرآن، وحقيقة التشكيك فى كمال لغة القرآن؟ والادعاءات بوجود آيات شيطانية فى القرآن، وغيرها من الشبهات والافتراءات.
تقوم الموسوعة على منهج مناقشة الأفكار؛ فتبين فكرة الشبهة، وتعرض وجهات النظر فيها وتحللها وتفندها، منطلقة من المسلمات والنقاط المشتركة أو المتَّفق عليها، ثم إثارة الأسئلة التى تقلب الحجة، والاستئناس بشهادات المنصفين والإحصاءات الواقعية والأحداث التاريخية والحقائق العلمية التى تفند تلك الشبهات. ثم خلاصة مركزة بعد التفصيل.
والقارئ لهذه الموسوعة لا يكاد يلمس تحيُّزًا لفكرٍ بعينه، أو صدًى لمذهب بذاته، أو صبغةً لتوجُّهٍ ما، وإنما الوسطية والاعتدال فى الطرح، والإجماع وما اتفق عليه العلماء الثقات، دون التطرق لما يوصف بأنه محل اختلاف أو اجتهاد فردى بين العلماء، خاصة المسائل العقدية أو المذهبية أو الفقهية التى يحلو للبعض إثارتها بين الحين والحين.