رحلة "المخدرات" مثيرة للغاية، فربما لا يعرف البعض نهايتها، فقد يكون المنبع معروفا، ما بين الزراعة أو التصنيع، لكن النهاية لا يعلمها الكثيرون، ولا يقفون على تفاصيلها المثيرة.
على بُعد 220 كيلو متر، في محافظة الإسكندرية، تنتهي رحلة المخدرات، بإحراقها في محرقة المخدرات بعروس البحر المتوسط.
هنا.. محرقة الإسكندرية التي تم إنشائها فى الستينيات لهذا الغرض، كما أنها تستخدم فى إعدام أي نفايات خطرة أو أي مضبوطات يصدر بشأنها قرار إعدام، وفى عام 2005 تم تكهينها وبناء محرقة جديدة فى ميناء الدخيلة على مساحة 400 متر، وتم تجهيزها بالكامل وهى مملوكة لهيئة موانئ الإسكندرية.
حرق المخدرات
داخل أفران على هذه المساحة الواسعة تنتهي رحلة "الكيف"، ويتم إعدام "الصنف"، قبل أن يخترق أجساد الشباب ويزيد من عدد المدمنين، والعنف في المجتمع.
مع الأدخنة المتطايرة من "المحرقة"، تشاهد هنا الفصل الأخير، لشحنات المخدرات الضخمة التي يتم ضبطها من قبل ضباط مكافحة المخدرات، وذلك بعد رحلة من الإجراءات القانونية، تنتهي بها إلى هنا.
عملية تسليم وتسلم دقيقة، وإجراءات حاسمة وصارمة، حتى يتم تسليم الأحراز المضبوطة للمحرقة، بعد صدور قرارات نهائية باعدامها، للتخلص من هذا الخطر الذي يهدد المجتمع، ويخترق الأجساد، ويخرب العقول.
تفاصيل مثيرة في رحلة المخدرات من الضبط وحتى الإعدام، كشفها اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية الأسبق، قائلا: إن قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1961 وتعديلاته بالقانون رقم 143 لسنة 2019 حسم الأمر، فإذا كانت المخدرات كمية قليلة فتودع مخزن جهات التحقيق بعد فحصها بمعرفة الطب الشرعى لتحديد ماهية الشئ، أما اذا كانت الكمية كبيرة فتودع بأقسام ومراكز الشرطة تحت الحراسة المشددة وتحت تصرف جهات التحقيق وبعد الفصل النهائى بحكم بات فى القضايا سواء بالإدانة أو البراءة يشمل المصادرة للمواد المخدرة المضبوطة، تصدر جهات التحقيق قرارًا بإعدام المواد المخدرة بتلك القضايا إذا كانت حشيشا أو بانجو من خلال لجنة مختصة.
اللواء رأفت الشرقاوي
وبشأن اللجنة التي تشرف على حرق المخدرات، قال "الشرقاوي" في لقاء مع اليوم السابع: تضم اللجنة رئيس نيابة ولواء شرطة ومسئولا عن مخازن المخدرات، وتنتقل الى المخزن العام بميناء الإسكندرية البحرى حيث يتم اعدامها حرقها بأفران خاصة بعيدة عن الكتلة السكانية بعد جردها والتأكد من مطابقتها للبيانات المثبتة فى محاضر التسليم والاستلام.
رحلة المخدرات وصولا للفرن، تتطلب جهودا خاصة، كشف "الشرقاوي"، قائلا: المخدرات قد تكون مزروعة "حدائق الشيطان"، أو مصنعة، ويتم رصدها وملاحقتها بواسطة مأموريات أمنية على مستوى الجمهورية، أو رصد الشحنات القادمة من الخارج وضبطها، وتخضع المضبوطات لحراسة مشددة، وهي ما يطلق عليها "الأحراز" حتى تنتهي الرحلة بالحرق في الإسكندرية.
وبشأن المواد التي يتم حرقها في المحرقة، قال "الشرقاوي": طبقا لنصوص القانونية، تتضمن المخدرات كل مادة نباتية أو مصنعة تحتوى على عناصر منومة أو مسكنة أو مفترة والتى إذا استخدمت فى غير الاحوال الطبية، وتسبب حالة من الخمول والفتور وتشل أجهزة الجسم وتؤدى إلى الإدمان.
وبشأن أسباب الضبطيات الكبيرة لشحنات المخدرات، أكد "الشرقاوي"، أن ذلك يعود لعراقة جهاز مكافحة المخدرات، حيث أنشأت الدولة المصرية عام 1929 إدارة مختصة لمكافحة المخدرات لتكون سباقه دون غيرها فى هذا المجال، بل أبرمت اتفاقيات ثنائية مع معظم الدول المعنية لمكافحة تلك الجريمة الآثمة التى تضرر بالوطن والمواطنين ويتم التركيز فيها على الشباب عماد الأمة للقضاء عليها، مؤكدا أن هذا النوع من الجرائم يعد من قبيل الجرائم المنظمة التى تخترق حدود الدول وتسعى الى تدميرها بكافة الانواع سواء المخدرات الطبيعية التى ترد من خارج البلاد أو من خلال المخدرات المخلقة التى يلجأ اليها تجار المخدرات حال تجفيف المنابع عليهم .
محرقة المخدرات
حرق المخدرات، لا يسقط العقوبة على حائزها، حيث أن هناك عقوبات صارمة للأشخاص الذين يتاجرون في المخدرات، فيقول اللواء دكتور علاء عبد المجيد الخبير الأمني والقانوني، إن المادة 33 من قانون العقوبات عاقبت كل من يقوم بممارسة الاتجار فى المواد المخدرة بالسجن المؤبد بدء من السجن المشدد 3 سنوات، إلى السجن المؤبد أو الإعدام فى بعض الحالات، والغرامة المالية التى تصل إلى 100 ألف جنية مصري، كما أنها لا تزيد عن 500 ألف جنية مصري، وهذا في حالة إذا تم تصدير أو استيراد المخدرات أو أي شيء يتعلق بها من المحاصيل الزراعية، وينص قانون العقوبات في المادة رقم 34، أن عقوبة الإتجار بالمخدرات في داخل المجتمع تصل إلى السجن المؤبد والإعدام تبعاً لوقائع الدعوى، وإذا كانت هناك حيثيات مشددة للعقوبة من عدم وجود ظروف مشددة لذلك.
وتابع : تخفف عقوبة الإتجار بالمخدرات ليتم الحبس فيها لمدة سنة ولا يصل فيها الحبس فيها إلى مدة 5 سنوات، ويلزم دفع الغرامة التي لا تقل عن 200 جنيه مصري، ولا تصل إلى 5 الأف جنية مصري، وهذا كله في حالة إذا كانت المواد المخدرة المضبوطة ضعيفة التخدير، ومواد مخدرة طبيعية، وهذا يرجع إلى المعمل الجنائي وتقرير بشأن المواد المخدرة التي تم ضبطها وبجوزة المتهمين الذين تم ضبطهم في حالة تلبس، أما تعاطي المخدرات فقد نصت مادة قانون العقوبات رقم 39، يتم تحديد عقوبة متعاطي المخدرات، يعاقب بالحبس لمدة سنة، كما يلزمه ضعف غرامة مالية قدرها ألف جنية مصري، ولا تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه مصري، إذا تم إلقاء القبض عليه في مكان مخصص أو تم إعداده لتناول المواد المخدرة، وتعاطيه المواد المخدرة مع معرفة التامة بذلك، كما تزيد العقوبة بالضعف لتصل لمدة عامين إذا المواد المخدرة هيروين وكوكايين.
كمية المواد المخدرة المضبوطة ونوعها والجداول المدرجة بها، تلعب دورا فى صدور العقوبة على التجار والمتعاطين لتلك المواد، بعقوبة تجار مدمن الكوكايين والهيروين، وهما من المواد التابعة لجدول أول المواد المخدرة، فهى تختلف عن تجارة و الأقراص المخدرة " الترامادول " و غيرها، التي في كثير من الأحيان لا تصل العقوبة في هذا الحالات إلى أكثر من 3 سنوات حبس.