تعتبر منطقة "عين مناور" إحدى أهم المواقع الأثرية بنطاق قرية دوش القديمة التابعة لمركز باريس بمحافظة الوادى الجديد وتحتوى على منظومة مناور الرى التى كانت منتشرة فى تلك الحقبة، وكان النظام المعتمد فى الرى فى العصر الفارسى أثناء سيطرتهم على تلك المنطقة قديمًا، وتبعها دخول عدد من الحاميات التابعة لحكم الإمبراطورية الرومانية، وكانت المناور هى المصدر الأساسى للحصول على المياه فى الرى والزراعة فى ذلك المكان، وكان لهذا المكان الشأن الأكبر فى الاهمية عند الرومان، وكان هو أحد أبرز أنشطتهم التاريخية القديمة فى الصحراء ومن ثم الواحات.
ويرجع تاريخ عين مناور للعصر الفارسى أى منذ ما يقرب من 2500 عام وهى أقدم المناور المكتشفة بالواحات حتى الآن وكانت تسمى فى ذلك التوقيت (بر إيست) أى بيت ايزيس وهو الاسم الذى حرف بعد ذلك لبيريس ثم باريس اسم المدينة الحالية. وذلك يعنى أن عين مناور هى البلدة الرئيسية بباريس خلال العصور الفارسية ويحيط بالمعبد بقايا المدينة السكنية من الطوب اللبن، كرس معبد دوش لعبادة الثالوث (سيرابيس. ايزيس. حربوقراط).
وتقع مناور دوش بالقرب من معبد دوش على يمين الطريق الأسفلتى المؤدى إلى قرية دوش ويتم الوصول اليها عن طريق عربات الدفع الرباعى وتضم المنطقة الأثرية معبد من الطوب اللبن مخصص لعبادة المعبود امون رع ويرجع فى الاغلب إلى العصر الفارسى، بالاضافة إلى نظام الرى الشهير باسم المناور، حيث يقوم برى مساحات الأراضى الزراعية الكبيرة المنتشرة حول المنطقة حيث كانت مقر المدينة القديمة وبها العدد الأكبر من السكان.
وتكمن أهداف تلك الفكرة العبقرية فى الحفاظ على الماء وذلك لرى أكبر مساحات ممكنة من الأراضى، فالمناور كلمة مشتقة من النور وهى عبارة سراديب وأنفاق أسفل الأرض يتم نحتها فى الحجر أو الصخر الرملى أو الطفلى الصلب، على أعماق مناسبة تلك السراديب تحوى بداخلها على خطوط وقنوات المياه التى تصل إلى مسافات كبيرة وطويلة لتروى الأحواض الزراعية بكميات مناسبة من المياه بدلا من هدرها والحفاظ عليها.
وتخرج المياه من خلال العيون الارتوازية فى سفوح الجبال أو أعلى التباب أو الهضاب من خلال ضغط التربة، فتجد المياه لنفسها أضعف مكان مابين الصخور لتنفذ وتخرج منه، ولكن فى هذه الحالة ستتدفق المياه بكل قوتها وطاقتها من الأعلى وتفور بقوة فلا يستطاع التحكم فيها وتهدر بشكل كبير حول نقطة خروج المياه فقط فضلا عن نسبة التبخير العالية جدا فى اوقات ارتفاع درجات الحرارة فلا يستفاد من المياه بكمياتها بشكل مناسب ولكن مع فكرة المناور العبقرية استطاع الأجداد الحفاظ على المياه من خلال حفر خنادق أو سراديب لكى تسير فيها المياه من خلال قنوات سلفية اسفل الأرض لتخرج عند سطح الأرض المستوى لتروى تلك الأراضى والمساحات الواسعة بكميات كبيرة محافظ عليها من المياة، مع إمكانية التحكم فيها من خلال الإغلاق والفتح للمنور، من خلال فتحات الإضاءة التى تدخل النور والإضاءة ويمكن من خلالها النزول بطريقة التشبيح لمتابعة جريان وسير المياه وتدفقها من عدمه وفى حالة التوقف يمكن من خلال هذه الفتحات للمناور نظافة السدد والعطل وكذلك القفل والفتح لسريان المياه وتتبعها من فتحه أو منور إلى فتحة ومنور آخر.
استمدت فكرة المناور فى الأصل من الفرس فى العصر المتأخر وتطورت جدا فى العصر الرومانى حيث كانوا ماهرين جدا فى هذا الأمر وقامو بزراعة الواحات كلها من خلال هذا النظام الفريد فى الرى ومن أشهر الأماكن التى يوجد بها خطوط للمناور هى منطقة أم الدبادب ومنطقة اللبخة ومنطقة البليدة ومنطقة الجب ومنطقة عين مناور بالقرب من معبد دوش بباريس والتى يوجد بها معبد للمعبود آمون رع وغيرها.
وتختلف إعداد خطوط المناور من منطقة إلى آخر حيث يصل عدد الخطوط ويتراوح مابين 6 إلى 8 وأحيانا يصل إلى 12 خط فى بعض المناطق، وهذا النظام الفريد فى الرى هو مايميز مناطق الواحات والصحراء قديما فقد كان هذا هو أسلوب ونظام الرى المتبع وأستمر حتى فترات زمنية قريبة ويتبين من شكل المناور والسراديب والإنفاق التى تمر بها المياه اسفل الأرض كذلك شكل الفتحات التى تدخل النور والتى جاء منها اسم المناور لمتابعة المياه وإمكانية الرؤية والنزول ومتابعة أعمال النظافة والتطهير للعين والمجرى.
احدى قنوات نقل المياه الاثرية تحت الأرض
اقدم ممرات نقل المياه بالوادى الجديد
تصميم هندسي ابداعى فى المناور
تصميم هندسي فريد فى المناور
جانب من مناور المياه الأثرية
عين مناور الأثري بالوادى الجديد
فتحات تطهير مياه المناور
ممرات المياه منحوته بين الجبال
مناور المياه كانت سرية ومؤمنة
مواسير فخارية فى مناور المياه
نحت قنوات الري بين الصخور
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة